كيف ولماذا ستذهب روسيا إلى وقف مؤقت لإطلاق النَّار؟

د. زياد منصور
يعج الاعلام الروسي بالكثير من التحليلات، كما لا يهدأ الشارع الروسي حول التوقعات بشأن ما يسمى بالوقف المؤقت لإطلاق النَّار الذي وافقت عليه أوكرانيا بطلب أميركي. يسود الاعتقاد لدى غالبية الروس بأن روسيا لن تذهب إلى وقف مؤقت، ومفاوضات قد تطول بلا جدوى، ريثما تلتقط كييف أنفاسها وتتلقى المزيد من الدعن العسكري، إذ إنَّ جو الثقة الروسية بقيادة الرئيس غير الشرعي زيلينسكي بات يوازي صفرًا مكعبًا. ويسود رأي عام بأنَّ الأميركيين ينطلقون من مصالحهم الخاصة، ورغبة الرئيس الأميركي الجامحة بأن يكون رجل السلام على الطريقة الأميركية، سعيا وراء صفقات المعادن الثمينة، وشراء ثروات أوكرانيا بأسعار بخسة!!
يسود الاعتقاد بل القناعة أيضًا بأنَّه من الواضح تمامًا أنَّ كييف وأوروبَّا من خلفها تناوران، وتتذاكيان على العالم، فهي ليست مستعدة للسلام! فإذا كانت تريد الحديث عن السَّلام، فلماذا تقومو بهجمات همجية؟
يتردد لدى أوساط روسيَّة كلام من قبيل، أنَّ هناك من هم في القيادة الأوكرانية، ربما أرادوا الحصول على رد فعل، ليَشْكوا الروس بعد ذلك للأمريكيين والعالم، بقولهم: “انظروا، هؤلاء الروس لا يريدون السلام!” وها هم يتعمدون استهداف المنشآت المدنية!
ويشكك الغالبية بأن هذا ربما يكون مجرد استعراض كلامي، يتزامن مع غارات الدرون على العاصمة والمدن الروسية للقوة لاثبات القوة والامساك بالمبادرة، وإظهار أن روسيا غير مستعدة للالتزام بأي اتفاقات.
ويطرح خبراء السلوك الأوكراني بأنه سوف يذهبون إلى المفاوضات فقط للمظاهر، وكي لا يبالغوا في التحدي ولا يعطوا الأمريكيين سببًا لتنفيذ كل تهديداتهم؟
من اللافت للنظر أن فلاديمير زيلينسكي لم يحضر المفاوضات في السعودية. والأمر لا يتعلق فقط بحقيقة أن هذه المفاوضات ليست على مستوى رؤساء الدول، وبالتالي ليس لديه ما يفعله هناك. بل لأنه أظهر حقيقة سلوكه في البيت الأبيض.
يجب أن ندرك أن دونالد ترامب لديه أكثر من سبب كافٍ لعدم الإعجاب بزيلينسكي شخصيًّا منذ ولايته السابقة. ولكن الأمر هنا لا يتعلق بموقف ترامب، بل بحقيقة أن جميع أعضاء الإدارة الأمريكية الجديدة، وفقًا للصحافة الأمريكية، معادون لزيلينسكي. حتى صحيفة “بيلد” (Bild) الألمانية تؤكد أن واشنطن جعلت إقالة زيلينسكي شرطًا لاستئناف إمدادات الأسلحة.
وإذا كان يبدو أن أمريكا قد شطبت السلطة “المنتهية الصلاحية” في كييف من حساباتها، فإن التحالف المناهض لترامب في أوروبا بقيادة بريطانيا يبدو أنه لم يفعل ذلك. فلدى زيلينسكي علاقات خاصة مع بريطانيا: في عام 2020، أثناء زيارته إلى لندن، قضى عدة ساعات في مكتب جهاز الاستخبارات البريطاني (MI-6)، مما أثار شائعات عن تجنيده من قبل المخابرات البريطانية. وبشكل عام، فإن مستوى التواجد البريطاني في أوكرانيا تحت حكم زيلينسكي كان ينمو ولا يزال بوتيرة متسارعة، واليوم يظهر البريطانيين أنهم ليسوا ضد استخدام هذا “الانتحاري” زيلينسكي كأداة حرب ضد روسيا حتى النهاية.
هل يظن أحد أن يرماك، وسيبيكا، وعمروف، الذين التقوا بالأمريكيين في جدة، كانوا يعملون بشكل مستقل تمامًا دون أي سيطرة ومتابعة من زيلينسكي؟ والذي، بالمناسبة، كان حاضرًا أيضًا في السعودية، وليس من قبيل الصدفة على ما يبدو؟
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” نقلاً عن مسؤول أوكراني، فإن المسؤولين الفرنسيين والبريطانيين كانوا يعلمون الأوكرانيين خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية كيفية التحدث مع الولايات المتحدة. وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة “التايمز البريطانية أن لندن كانت تقدم استشارات لأوكرانيا حول كيفية إجراء المفاوضات مع الولايات المتحدة لتجنب نشوب خلاف جديد بين الجانبين الأوكراني والأمريكي.
هل هذا صحيح؟ أم أن الهدف هو على العكس من ذلك – منع إجراء مفاوضات بناءة والوصول إلى أي حلول وسط؟
وبالمناسبة، ما الذي يمكن مناقشته معهم وبشكل بناء؟
حتى الآن لا أحد يعرف بالضبط ما الذي ناقشوه مع الأمريكيين، على الرغم من أن وزير الخارجية ماركو روبيو وصف قبل الاجتماع خطة أوكرانيا لوقف إطلاق النار بأنها “واعدة”.
وما هي هذه الخطة؟ المعلوم فقط هو أن كييف تقترح وقف إطلاق النار في الجو والبحر، وهما المجالان اللذان تتمتع فيهما روسيا بتفوق ساحق. أي أنه يجب أن تتخلى روسيا عن تدمير مستودعات الأسلحة والمصانع بالصواريخ؟ ولكن ماذا ستحصل في المقابل؟ لا شيء. بمعنى آخر، يُطلب من روسيا مساعدة عدوها بطريقة غير مباشرة. هذا أمر عبثي. على ماذا يعتمدون؟
أم أنهم يريدون ابتزاز روسيا بهجوم الطائرات بدون طيارـ تحت شعار: “توقفوا عن تدمير بنيتنا التحتية العسكرية، ونحن لن نقتل مدنيِّيكم”؟
صرح أندريه كوفالينكو رئيس مركز مكافحة التضليل المعلوماتي التابع للمجلس الأمني القومي الأوكراني بشكل واضح: “الهجوم الكبير على ضواحي موسكو هو رسالة إلى بوتين”.
وأضاف كوفالينكو: “هذه رسالة إضافية إلى بوتين مفادها أن وقف إطلاق النار في الجو يجب أن يهمه أيضًا”، مشيرًا إلى أن مصافي النفط ليست الأهداف الوحيدة.أليس هذا تهديد وابتزاز صريح. فكيف يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار؟
كيف يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار قبل تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة؟ لقد أكد المسؤولون الروس مرارًا وتكرارًا: نحن بحاجة إلى سلام دائم، وليس هدنة يمكن انتهاكها في أي لحظة. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى القضاء على الأسباب الجذرية للصراع. لكن كييف لن توافق على ذلك بوضوح، والغرب (بما في ذلك الولايات المتحدة التي انضمت فجأة إلى صفوف صناع السلام) لن يقدموا أكثر من استبدال زيلينسكي كحل وسط. لا داعي لخلق أوهام: ترامب لا يريد انتصار روسيا وتحقيق أهداف ومهام العملية العسكرية الخاصة، وسيحاولون بيع كل تنازل صغير بأعلى سعر ممكن.
حسنًا، ماذا عن الواقع الإقليمي؟
ها هو روبيو نفسه يقول إن كييف سيتعين عليها التنازل عن الأراضي في أي اتفاق سلام. ولكن عن أي أراضي؟ بالنسبة لترامب، الحل الأمثل هو تجميد الصراع على خطوط التماس الحالية. لن يوافقوا على الاعتراف القانوني بجميع المناطق الخمس (بما في ذلك القرم). وسيفعلون كل ما في وسعهم عمليًّا لمنع روسيا من تحرير كامل أراضيها. في أفضل الأحوال، هم مستعدون لتجاهل حقيقة أن روسيا تمتلك ما تمتلكه. لكن زيلينسكي لن يوافق حتى على ذلك. سيستمرون في المطالبة بالعودة إلى حدود عام 1991. إذن، ما الذي يمكن مناقشته معهم؟
ومع ذلك، من الواضح أنهم (والمشرفون الجدد-القدامى عليهم في أوروبا) لا ينوون التفاوض بشكل جدي. ولا حتى يخفون ذلك. فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الثلاثاء أن نظام كييف شن هجومًا واسع النطاق على البنية التحتية المدنية في روسيا لإظهار قدرته على مواصلة القتال قبل المحادثات الأمريكية-الأوكرانية. لقد أظهروا ذلك.
وبحسب ما نقلت بلومبرغ، فإن المبعوث الخاص لترامب، ستيفن ويتكوف، ينوي التوجه إلى موسكو بعد اجتماع جدة. ماذا سيخبر الروس؟ أن كييف ليست مستعدة لقبول الواقع الإقليمي أو الحديث عن القضاء على الأسباب الجذرية للصراع، بل تقدم “هدنة” بدلًا من السلام، أي أنها تريد كسب الوقت للاستعداد لحرب جديدة؟ أم أنها تصر على فكرة إرسال قوات حفظ السلام الفاشلة التي يحاولون فرضها على روسيا منذ عام 2015؟
يبدو أن أعضاء الوفد الأمريكي قد فهموا الأمر بأنفسهم. بالطبع، ستستمر المفاوضات، ولكن يبدو أنها ستستمر لفترة طويلة جدًّا ولن تؤدي إلى أي نتائج في النهاية. ولم تكن لتؤدي إلى أي نتائج منذ البداية. فالرؤى مختلفة جدًّا بين أولئك الذين يريدون ويحبون القتل، وأولئك الذين يريدون ضمان الأمان من قريب مجنون لا يمكن ببساطة عزله.
واشنطن تفرض على الروس شهرًا من الهدنة لإنقاذ القوات المسلحة الأوكرانية
يقال أنَّ السلام الدائم ممكن فقط بعد هزيمة أحد الطرفين – هذه قاعدة تاريخية دائمة. شرط السلام واحد: القضاء على العدو مرة واحدة وإلى الأبد.
والسؤال: لماذا يُعتبر اقتراح الهدنة فخًّا؟
نعم، هذه خدعة كلاسيكية واستفزاز على طريقة “لا تضرب من هو مستلقٍ على الأرض”.
ماذا يعني اقتراح الهدنة الذي تقدم به الجانب الأوكراني؟ في الواقع، هذا محاكاة لعملية سلام تهدف إلى كسب الوقت، حيث يستغل الخصم هذه الفترة لاستعادة قوته بشكل نشط، وتجميع الأسلحة والمعدات، وتعويض خسائر الأفراد، وما إلى ذلك.
الغرب مثيرا ما خدع روسيا بهذه “الخدعة”!
لقد عرفت روسيا هذا الأمر أكثر من مرة، حتى في التاريخ الحديث. على سبيل المثال، في الشيشان بين عامي 1995 و1996، عندما اضطرت القوات الروسية تحت ضغط الرأي العام الليبرالي والغرب إلى منح المسلحين المدمرين تقريبًا فترة راحة، فاستغلوا ذلك لاستعادة قوتهم وقاموا بعمليات متكررة في العمق الروسي مرارًا وتكرارًا. وانتهت سلسلة من هذه الإجراءات باتفاقيات خاسافيورت المخزية، التي حولت روسيا المنتصرة على أرض المعركة إلى طرف خاسر.
حدث الشيء نفسه في دونباس في نهاية صيف عام 2014، عندما بدأت القوات المسلحة الأوكرانية (VSU) بالانهيار وكان المليشيات على استعداد لتجاوز حدود الجمهوريات الشعبية. فطالبت أوكرانيا على الفور اتفاقيات مينسك. وفي ظروف مماثلة، تم التوقيع على “مينسك-2”.
هل هناك نمط متكرر هنا؟ بالطبع. جميع هذه الهدن يتم بدؤها من قبل الطرف الخاسر في لحظة الأزمة الحادة في دفاعاته. الطرف الخاسر، وهو مستلقٍ على ظهره، يصرخ: “لا تضرب من هو مستلقٍ على الأرض!” المنتصر، بدافع النبل، يتوقف عن القتال ويستدير، ليتلقى بعد ذلك ضربة في ظهره.
لنتذكر “إسطنبول” في عام 2022، ففي بداية نيسان، قامت روسيا كـ “بادرة حسن نية” بسحب قواتها من منطقة كييف، وفي نهاية الشهر نفسه، قامت كييف بإفشال المفاوضات، “فقررت فجأة” ببساطة مواصلة الحرب! طوال هذا الوقت، استمرت عملية ضخ الأسلحة الناتوية بكثافة إلى أوكرانيا بجميع أنواعها الممكنة.
لماذا على روسيا أن تتوقف في منتصف الطريق إذا كانت تحقق انتصارات؟
ماذا نلاحظ الآن؟ لقد انهارت الجبهة تمامًا للقوات المسلحة الأوكرانية (VSU) في منطقة كورسك. وتواصل القوات المسلحة الروسية التقدم في اتجاه كوبيانسك (Kupyansk) وكراسنوارميسك (Krasnoarmeysk) وفي هذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة عن وقف المساعدات العسكرية. ويتنافس الخبراء منذ أسبوع في تقدير المدة التي ستستطيع القوات المسلحة الأوكرانية الصمود دون دعم الولايات المتحدة. شهرين أو ثلاثة؟ نصف عام؟ ومع ذلك، لا يحتاج المرء إلى أن يكون خبيرًا عسكريًّا ليفهم أنه حتى في ظل الدعم الكامل لأوكرانيا من الغرب، فإن نتيجة الصراع أصبحت واضحة: المبادرة الاستراتيجية بأكملها في يد الجيش الروسي، ولم يعد الأمر سوى مسألة وقت قبل أن يتقدم إلى الأراضي الأوكرانية، ومدى سرعة انسحاب القوات المسلحة الأوكرانية نحو الغرب.
وهكذا، يُقترح على الروس التوقف. ولكن لماذا عليهم ان يتوقفوا إذا كانوا يتقدمون، ولم تتحقق أهداف العملية العسكرية الخاصة بعد؟ نافذة إنسانية؟ محاولة لحل الصراع بطريقة سلمية؟
المفاوضات بلا هدف – محاولة لكسب الوقت:
بالإضافة إلى ذلك، ستخلق الهدنة أساسًا لمزيد من الضغوط الدبلوماسية. وإذا وافقت روسيا على هذه “الخطوة الأولى” نحو السلام (لاحظ أنها ليست بشروطها)، فسيتم مطالبتها بخطوات ثانية وثالثة وهكذا.
الكثيرون الآن يتساءلون: لماذا شهر واحد فقط؟ فالقوات المسلحة الأوكرانية لن تتمكن من سد كل الثغرات في شهر واحد. بل لن تتمكن من سدها كلها، لكنها ستسد الكثير منها. وليس هذا هو هدفهم الحالي. مهمتهم الرئيسية هي الآن إيقاف الانهيار، والتمسك ببعض المواقع في منطقة كورسك (والتي سيحولونها لاحقًا إلى أداة للابتزاز، باقتراح مبادلتها بأجزاء من منطقة خاركيف التي تحتلها القوات الروسية)، ومنع القوات الروسية من التقدم إلى منطقة سومي (Sumy)، وكذلك إلى منطقة دنيبروبتروفسك(Dnipropetrovsk)، ومنع بدء تحرير أوريخوفو(Orikhivo) ومنطقة سلافيانسك-كراماتورسك (Sloviansk-Kramatorsk) هذا هو الأهم – منع انهيار الجبهة الآن. أما ما سيحدث لاحقًا، فسيكون لاحقًا.
في الواقع، يمكن تحقيق الكثير في شهر واحد يمكن الشهر ان يتمدد ليصبح شهران وثلاث. يمكن كسب الوقت إلى ما لا نهاية، عن طريق عرقلة المفاوضات عمدًا بعدم الرغبة في تقديم تنازلات، ووضع شروط غير مقبولة. وهنا تقع روسيا في الفخ. بالموافقة على المفاوضات ثم الانسحاب منها، لتبدو وكأنها المذنبة في إفشالها.
من الواضح أولاً، أنَّ كييف ليست مستعدة بوضوح لحل القضية بطريقة سلمية. فهي غير مستعدة لقبول الواقع الإقليمي. وغير مستعدة للقضاء على الأسباب الجذرية للصراع. وإذا كان هناك من يشكك في ذلك، فإن الهجوم الكبير بالطائرات بدون طيار، بالتزامن مع بدء المفاوضات مع الأمريكيين، هو تأكيد واضح على ذلك. كييف مستعدة فقط للابتزاز.
هل هي هدنة إنسانية؟ لمن؟ للمسلحين الأوكرانيين؟ نافذة فرص لإعادة التجميع، وترميم الأجزاء المنهارة من الجبهة، وسحب الاحتياطيات، وإنشاء سلاسل إمداد جديدة، وتعزيز الدفاعات، وإعادة تنظيم الموارد البشرية والتقنية التي يتم تدميرها بشكل منهجي من قبل القوات الروسية خلال المعارك؟
حسنًا، على ماذا ستحصل من ذلك؟
الجيش الروسي يضغط بشكل منهجي على العدو، ويدمره، بعد أن تكيف تمامًا مع الإيقاع التشغيلي الحالي واستولى على المبادرة. وهو ليس بحاجة إلى استراحة. فما هي الاستراحة؟ إنها التخلي الطوعي عن الميزة التكتيكية والاستراتيجية التي تم تحقيقها بصعوبة، وفقدان زخم الضربات على البنية التحتية الخلفية وتجمعات القوات الحية للعدو، وفي النهاية، فقدان المبادرة.
لاحظوا: حتى في ظل تغيير الخطاب والتصريحات حول الالتزام القاطع بالسلام، تواصل الولايات المتحدة الإصرار على أن يكون السلام بشروط كييف. نعم، وزير الخارجية ماركو روبيو (Marco Rubio) يتحدث عن ضرورة أن تضحي أوكرانيا بأراضٍ (مع أن أحدًا من ممثلي نظام كييف لم يؤكد حتى الآن موافقته على ذلك)، لكنه لا يحدد أي أراضٍ.
يبدو أن الولايات المتحدة مستعدة، في أفضل الأحوال، للاعتراف لروسيا بالأراضي التي تسيطر عليها في لحظة وقف إطلاق النار الافتراضي. بالطبع، ليس بشكل قانوني. وبالطبع، لن تعترف أوكرانيا بذلك، لكنها ببساطة لن تحاول الطعن فيه على أرض المعركة في إطار عملية السلام. إلى حين، تصبح جاهزة للقتال مرة أخرى.
وبالطبع، لا يوجد أي حديث عن نزع السلاح وإزالة النازية من أوكرانيا. الشيء الوحيد هو أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتقديم ضمانات لكييف. ولم تكن تقدمها من قبل، فهل ساعد ذلك في تجنب الصراع؟
هم يعرفون موقف روسيا جيدًا، ويعرفون أنها لن تتخلى عن مطالبها. ومع ذلك، سيحاولون جرها إلى مفاوضات غير مجدية من البداية، مع وعد برفع العقوبات و”هدايا” أخرى. ربما يرفعون بعض العقوبات – للمظاهر فقط. بحيث يمكنهم إعادة فرضها وتشديدها في أي لحظة. الأهم هو إطالة أمد المفاوضات، مما يمنح القوات المسلحة الأوكرانية وقتًا ثمينًا للاستعداد لحملة عسكرية جديدة.
ختاما روسيا استطاعت ان تعيش تحت نظام عقوبات قاس، وتمكنت من مواجهة مقاطعة الغرب الجماعي. ما تحتاجه الآن هو التقدم لتحطيم العمود الفقري لعدوها بشكل نهائي، ومنعه من استعادة قوته في أي وقت. الإيقاع السريع هو المفتاح في أي عمليات قتالية، ويجب أن تحافظ عليه حتى يطلب العدو السلام، ولكن هذه المرة بأي شروط.
وهذه الشروط يجب أن تكون شروط روسية، وليس غير ذلك.
الخلاصة التي يجري العمل عليها: إذا رفضت روسيا قبول عرض الهدنة اليوم، فستصبح مرة أخرى في عيون العالم “معتدية”. ودون أي حديث مسبق، سيتم فرض عقوبات جديدة، وهكذا. وسينهار أمام أعين الجميع أسطورة أن الولايات المتحدة وروسيا أصبحتا فجأة صديقتين. انها مكيدة تتنبه لها روسيا جيدا.