ما هي رسائل حزب الله في التشييع؟!

سمير سكاف
لا يعكس تشييع الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله مع خلفه السيد هاشم صفي الدين انتصاراً عسكرياً لحزب الله! بل هو يجسد خسارة أبرز شخصيتين في قيادة الحزب في العقود الثلاثة الأخيرة، خاصةً مع خسارة الحزب لقائده التاريخي حسن نصر الله!
يريد حزب الله في عملية التشييع، بالإضافة إلى رسالة الوفاء لقادته، استعادة مشروعية وجوده في بيئته “الشيعية” بشكل خاص. بعدما أفقدته نتائح الحرب والطلعات الجوية التدميرية والتهجيرية الإسرائيلية مشروعية الدخول في حرب إسناد لغزة، التي لم تؤدِ إلى تحرير ولو لشبر واحد من الأراضي اللبنانية المحتلة، بل إلى خسارة هائلة في البشر والحجر.
لن ينجح الحزب في التشييع في تحقيق التوازن مع توقيعه على اتفاق إذعان لوقف إطلاق النار. فالاتفاق غير المتوازن أدى إلى دخول لبنان في زمن “الأمن الإسرائيلي”، وليس فقط في منطقة جنوب الليطاني.
وقد تكون من الأولوية في سياسة الحكومة اللبنانية اليوم هو توضيح نص الاتفاق، وكشف عن كافة جوانبه المعلنة وغير المعلنة لتحديد المسؤوليات الحقيقية لكافة الأطراف.
إسرائيل، من جهتها، تخرق الاتفاق ولا تنسحب من النقاط الخمس. لا بل ستستمر في عملية الاغتيالات والغارات الانتقائية أيضاً. مما يحتم على الدولة مواجهتها في كل السبل الممكنة، الديبلوماسية وكذلك، العسكرية.
غداة التشييع، سيؤكد حزب الله على التغيير الذي استحدثه في المرحلة الأخيرة، وهو الانتقال من المواجهة العسكرية إلى المواجهة الشعبية. كما فعل الحزب في يوم العودة إلى الجنوب وفي تحركات المطار.
يمكن لحزب الله تحريك المواجهات العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي على التلال الخمس بأسلوبين مختلفين؛ الأول هو استهدافها بالصواريخ، من دون استهداف الداخل الإسرائيلي. والثاني هو تحريك مجموعات عسكرية لا تنتمي مباشرة للحزب، بهدف نزع المسؤولية عنه.
في الداخل، سترتفع المواجهة السياسية بين حزب الله وبين خصومه لمطالبته بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في شمال الليطاني. في حين أن الحزب سيتابع التأكيد أن هذا الاتفاق يشمل جنوب الليطاني فقط. في حين أنه سيتابع بالتوازي التحايل على الاتفاق لإبقاء مقاتليه وصواريخه جنوب الليطاني.
تفرض قساوة الواقع ونتائج الحرب على حزب الله سلوكيات جديدة في الداخل، كما في المواجهات العسكرية غير المتكافئة مع إسرائيل.
في الداخل، وبعيداً عن بعض الأبواق “التهديدية” العاجزة، يحتاج حزب الله إلى تحسين علاقاته مع خصومه، الذين يعمل معهم اليوم في الإطار الحكومي لتحقيق إعادة الإعمار وبهدف إعادة جمهوره وأهله إلى قراهم وإلى منازلهم.
الرسالة إلى اللبنانيين ستكون للتعاون، وإلى العرب ستكون يداً ممدودة، والرسالة إلى إيران ستكون بتجديد البيعة. والرسالة إلى إسرائيل ستكون بجهوزية المواجهة! كل ذلك، مع تخفيض في اللهجة على كافة المحاور! فالزمن ليس زمن “العبور”، بل زمن التهدئة وإعادة الهيكلة وإيجاد مصادر تمويل جديدة وتهدئة الأمور!
ومع ذلك، فإن المنتظر من الضغوط الخارجية والداخلية هو إقناع حزب الله بترك الخيار المسلح والسير خلف دولة تقاوم بجيشها، بتمكينه وتجهيزه وتسليحه، جيش مدعوم من كافة المواطنين.
هل يختار حزب الله أن يتساوى مع الجميع في خيار الدولة؟ حالياً، لن يفعل! فالمخاض سيكون طويلاً وصعباً على لبنان، ولكن بشكل خاص على حزب الله، وعلى جمهوره وبيئته!