خواطر الياس عجاقة: أحلام لترجيع الصدى

خواطر الياس عجاقة: أحلام لترجيع الصدى

ياسر  مروّة

تيهٌ في غياهب الوطن” كتاب الخواطر للأستاذ وقائد الكشافة والمربي والشاعر والوالد المُنظّر الحنون الياس عجاقة، (مواليد يارون سنة 1939) الصادر عن دار الفارابي 2022 وقد قسّمه إلى قسمين اللهجة المحكية واللغة العربية الفصحى وفي مقدمة الكتاب أشار الشاعر الى ضياع فعلي مقصود أو ضياع  المقالب الواقعية أم ضبابية البُنية الفلسفية، حين قال الشاعر أتيه في ظلال صفحات مراجعاً هنا وبقايا هناك، مضيفاً عن ذلك ما رددّه من جيل فلسفة ڤولتير وعشق أحرف جبران خليل جبران، وهو من تابَعَ ماركس من قراءاته عن بؤس ترجمة فلسفته. وهو جيل التناقضات العكسية والمتناقضات العميقة والإشكاليات العقيمة وابتعد عن زواريب السياسات وعفونتها وبقيت له أحلامه أيقونات الرجاء والسلام والآمال والأمنيات.

كانت باريس الشرق، بيروت الحكاية أولاً، كانت مضيئة تتلألأ أنجمها، لكن أفسدها السياسيون والمؤرخون المفسدون في الأرض،  ألغوا  محطات تاريخها وزوّروا حقبات نضالاتها وصارت تابعة لدولٍ قوية مستقوية وتحولت النزاعات لمذاهب وطوائف وأفسدت الجمعيات الخيرية والمشاريع منها صندوق الجيوب ومجلس الإنماء والإعمار  ووسط بيروت وسوليدير وأسهمها، ووزعوا أموال الدولة وسرقوا كل شيء، مشاريع تخبو ومشاريع تستيقظ والقوانين تستيقظ والقوانين تسقط ويسألونك عن الفساد والمفسدين، ويبقى الوطن حامي الأسرار ، لكنني “أعترف لكم ..” كنت وما زلتُ خائف” من كلّ شيء، فيبكي أزماناً مضى ويتحسر  لوطن هوى على مدينة تحترق من جراء قنبلة نووية في مناطق مجاورة للمرفأ وبحرها، بل دمرت وأشعلت وهجرت.

منذ كان طفلاً عاش ليحلم في مسرح الطفولة عَبَرَوا البراري، فمرتع الصبا وزرعوا الاحلام الوردية،

وكأن الاحلام تفوق العدد الأقصى،

وكأن الأحرف تفوق العدد الأقصى في نصوص كتابه.

وفجأة يوقظ ذكرياته في قريته “يارون” وظلالها وحناياها ومهرجاناتها ومخيماتها الكشفية، يلتفت الشاعر الحنون، فيطارده أحلامه لذكرى أخته “جانيت” هي تضحيات شتى عن مرضها وحرقة ألم ولوعة فراق .

فشة خلق الكتاب الأخير من عمو الياس”، هكذا قالت رفيقة عمره وحياته وأحلامه السيدة ميليا (زوجة الياس عجاقة ) وقد تأخرنا أنا وأحلام (ي) على الغداء في بيتهم الباريسيّ والتي كانت تحضره  “tante” ميليا، طعام قروي قديمة أكلات شهيّة بوسط المائدة  أكلة “المغربية” فذكرتني بوالدتي بأكلاتها الشهية. وأما أمه للشاعر، فيدخل على نص بسيط يحاكي ايام تستعد لليالي الشتاء العاصفة وتروي حكاياتها بالسهرات وتحضر الاكلات “بقلة” الربيع، وعصورة “العلت” وأكلات معقدة لذيذة  وينسب إليه أنها :

فلاحة من بلادي، شقوق كفيها منبت العطا،

بسمتها حلوة الروح

آهاتها دمع العذرا…”

هذه أعمق وأعظم المعاني والصفات التي لا تنسى الذكرى والذكريات. فأنتم في البال ويبقى له عناوين الوفاء محفورة لأشخاص رحلوا وصورهم ومخيلتهم بالوجدان ومصدر  إلهام لتواريخ لكلّ الاسماء المحفورة.

<

p style=”text-align: justify;”> 

شارك الموضوع

ياسر مروّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *