كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية

ترجمة: سعيد بوخليط
لم ينجز جاك ديريدا،دراسة متكاملة حول المسألة الفلسطينية أو الصِّراع الإسرائيلي- الفلسطيني. بل تواترت على امتداد صفحات كتاباته، أفكار انصبَّت على مأساة الفلسطينيين وكذا المتواليات السياسية للدولة الإسرائيلية.
لكن مؤلَّفاته المرتبطة بسياق حقبة خمس وعشرين سنة الأخيرة من حياته،ألحَّ اهتمامها على الانشغال بالفلسطينيين، بحيث أبدى ديريدا تضامنا حقيقيا نحوهم، وأظهر رغبة استثنائية بهدف مصاحبتهم مثلما تجلَّى ذلك واضحا من خلال كتاباته ومداخلاته بواسطة مختلف الأشكال والسجلاَّت.
نعاين في طليعة ذلك السجِلِّ العاطفي، وكذا التأثير الناجم عن هذه الواقعة أو تلك، ثم هذه الحلقة أو تلك ضمن حيثيات المأساة الفلسطينية.هكذا،كتب بين فقرات كتابه ”رنين الجرس”، متحدِّثا عن جان جنيه: ”لقد أخبرني البارحة عن تواجده في بيروت،صحبة الفلسطينيين في حالة حرب،معزولين ومحاصَرين”؛ قبل إضافته: ”أعرف بأنَّ مايثير اهتمامي، ارتبط دائما مكانه بـ هناك، لكن كيف أظهر ذلك”. (1)
عندما خَصَّص، ديريدا انطلاقا من هذا العمل المنتمي إلى مشاريع كتاباته الأولى، حيِّزا كبيرا إلى القضية الفلسطينية بجانب الأسئلة المهمَّة التي تستدعيها، فقد ساهم بخصوص إضفاء الوضوح على القضية، وضرورة الإصغاء، إبّان لحظات افتقد الفلسطينيون لذلك كثيرا.
لاحظنا ضبابية المنظور نحو الفلسطينيين،ليس فقط عند الجمهور العريض الذي تعبث به وسائل الإعلام و تضلِّله، لكن أيضا لدى فلاسفة مثل ميشيل فوكو أو جان فرانسوا ليوتار، وضع يدعو أكثر للشَّفقة حينما يتعلق الأمر بعقول كبيرة انشغلت أحيانا،بذكرى ونتائج التراجيديات الجسيمة.
استحضر الكاتب جون ماكسويل كوتز المنحدر من جنوب أفريقيا في مقالاته الأدبية،التي تُرْجِمت إلى الفرنسية تحت عنوان: ”من القراءة إلى الكتابة”، الشاعر بول سيلان الذي سافر للمرة الأولى إلى إسرائيل عام 1969 و”أبدى اندهاشا متهكِّما”: ”يوجد هنا كثير من اليهود، فقط اليهود دون ملجأ!” (2).
يمكننا طبعا التفكير في أنَّ صرخة من هذا النوع أملتها خاصة غيتوهات اليهود في أوروبا الشرقية وكذا المحرقة التي أدَّت إلى فَقْدِ ذويهم وكذا جزء كبير من طائفتهم، لكن بوسعنا الاستغراب حقا في الوقت ذاته بخصوص عدم انتباه الشاعر العميق إلى وجود الفلسطينيين الذين مَثَّلوا حسب مصادر البلدية الإسرائيلية نفسها، ما يناهز ثلثي ساكنة مدينة القدس التي زارها. لكن عبارة ”فقط اليهود” (التي يمكن ترجمتها أيضا بـ”سوى اليهود”) تثير الاستغراب،وتتعارض في كل الأحوال، مثلما سنرى،مع الحياة التي توخَّاها ديريدا لليهود عامة، ثم دولة إسرائيل خاصة.
لاحقا وخلال مناسبات عِدَّة، أدرج ديريدا القضية الفلسطينية ضمن جملة أسئلة جوهرية مرتبطة بالحقبة، كما الشأن عندما قصد شرح معطيات صلته النقدية (انتماء يعيش على نمط عدم الانتماء) نحو الجماعة التي يعتبر قريبا منها. تقول إحدى مقاطع حواراته المعنونة بـ”ماذا عن غد؟”:
”صحيح بشكل خاص، وأحيانا محبط، عند التطرُّق إلى أسئلة باستمرار تراجيدية و جحيمية: المحرقة، إسرائيل، فلسطين، إلخ، مع أنِّي لاأرغب قط، مرَّة أخرى، كي أعيد تركيز كل شيء حول هذه البؤرة، كما لو تعتبر وحيدة وأحادية، أريد القول ”أكثر فرادة” من أخرى. مثلما الشأن مع كلِّ جريمة قتل، جرح، تظلُّ مختلف كوارث هذه الحقبة (استئصال الجماعات، إبادتها، مصادرة ممتلكاتها، وكذا ترحيلها) غير قابلة للاختزال إلى صيغة وحيدة” (3). بالتالي تُقرأ مقاربة ديريدا للفلسطينيين ضمن سياق موضوعات أخرى أبدى نحوها حساسية، بحيث تضفي ثراء وتداخلا.
انطلاقا من الإقرار السالف، ومقولات أخرى، يتَّضح أساسا رفض احتكار الألم وكلِّ امتلاك لوضعية الضحيَّة أو البقاء على قيد الحياة بعد عنف متطرِّف، وشرِّ مطلق، مما يقودنا إلى القراءة التي قدَّمها ديريدا حول شعر وكذا تجربة بول سيلان.
علَّق في دراسته ”لهجة خاصة” حول بول سيلان، قراءته السالفة كي يبلِّغ عن التالي: “أستسمح إذا وَظَّفْتُ هنا تسمية المحرقة، وفق المعنى الحرفي، مثلما أحببتُ أيضا نعتها في مكان آخر، بالمحرقة الشاملة، قصد الإقرار: حتما يكمن اليوم تاريخ بخصوص المحرقة التي نعرفها، جحيم ذاكرتنا؛ لكن هناك أيضا محرقة خلال كل تاريخ، وبطريقة ما في العالم على رأس كل ساعة. تحصي كل ساعة محرقتها” (4).
تأويل يصمِّم لدى جاك ديريدا قاعدة للقصيدة ونفس الشيء مع كلِّ جرح، بحيث ينبغي دائما للقصيدة والجرح، كيفما جاء نموذجهما، إيواء إمكانية للتحوُّل، الاستبدال، الكناية، بالتالي الإحالة على تواريخ أخرى.
يحلِّل بإسهاب قصيدة بول سيلان ”كلّ شيء في واحد”، مُوَضِّحا بالتالي اشتغال أكثر من لغة (الألمانية، الفرنسية، الاسبانية)، وخاصة تعدُّد الذَّاكرات واستدعاء بعضها البعض وكذا التوافق (كومونة باريس، التي اعترضت على جرائم تنظيم الجيش السرِّي نهاية حرب الجزائر، ثم في مدريد لاسيما”دولوريس إيباروري بطلة الحرب الأهلية الاسبانية، معارضة فرانكو، كتائب الفالانج المدعومة من طرف جماعة القمصان السوداء لموسوليني وكذا فيلق كوندور التابع لهتلر”) (5). التأمت تعدُّدية من هذا القبيل، وكذا منطق معيَّن للكناية يشرح ويحفِّز العملية الشعرية لـ”التأريخ”، ثم توسِّعها، تكرارها أو انتشارها.
يسري في هذا الإطار بامتياز على القصيدة، فعل تذكاري أو تأريخي، غير أنَّه لايسري بنفس الدرجة على ذاكرة الحيِّ عامة، قصيدة كُتِبت أو أُنْشِدَت داخل القلب، وَجَعٌ لا نهائي يُقال صمتا؟
انتقاد دولة إسرائيل وكذا الصهيونية:
يتجلَّى خاصة إصغاء جاك ديريدا المتأنِّي، لتظلُّمات الفلسطينيين من خلال تداخل، واتِّساق مع نقد شبه دائم نحو جوانب من إدراك اليهودية وكذا السياسات الإسرائيلية المتوالية، بل الطريقة التي تأسَّست وفقها الدولة الإسرائيلية الحديثة.
أستعيد بهذا الصدد،عمله: ”الكتابة والاختلاف”، وكيفية إبراز ديريدا عدم حاجة اليهودية إلى دولة قومية وبأنَّ أفضل صيانة لهدفها الفعلي، وكذا ارتباطها بالحريّة يتحقَّق عبر حضور فعَّال ضمن العالم : ” تتوافق الحرية وتتداول مع الماسِك بها، وتلقَّاها من أصل متجذِّرٍ، مع جاذبية تموقع مركزها ومجالها. موقع ليست شعيرته بالضرورة وثنية. شريطة أن لا يكون مكانا، سياجا، منطقة إقصاء، مقاطعة أو غيتو. حينما يعلن يهودي أو شاعر على المكان، فلا يعلن الحرب. لأنَّهما يذكِّروننا منذ ما وراء- الذاكرة، بوجود دائم لهذا المكان والأرض هناك. المكان ليس هنا، ميدانيا وقوميا لإقليم ما، إنَّه أزليّ، بالتالي هو مستقبل أيضا. بشكل أفضل: التراث باعتباره مغامرة” (6).
استشهد ديريدا بمقطع من المجموعة الشعرية ”أشيِّد مسكني” لإدمون جابيس، كموضوع لقراءة الإشكالية المطروحة:
”يوكيل، لقد كنتَ دائما مكتئبا، تعيش هناك ولاعلاقة لك قط بهنا…
– أين شردتَ بتفكيركَ؟
– نحو الأرض.
– توجد على سطحها.
– أتطلَّع وجهة الأرض حيث سأكون.
– لكنَّنا هنا وجها لوجه، أقدامنا على هذه الأرض.
– لا أعرف غير أحجار سبيل يقود وجهة الأرض مثلما يقال” (7) .
لايعني التِّرحال حسب تصوُّر ديريدا وكذا إدمون جابيس، أو السعي نحو مكان خارج كل مكان، العيش داخل هوامش خانقة وشاقة، بل في إطار وجود-هنا منتج ومبدع وخصب حتما. رحلة عوض كونها غزوة. أمام الشاعر والفيلسوف آلاف الأميال قصد المضيّ قُدُما، مثلما ادَّعى، هنري ميشونيك، بين طيات واحدة من قراءاته المنحازة في أغلب الأحيان، معتقدا بكونه انتزع بهذا الخصوص ”ظاهراتية” قد ”احتوت المنفى”، و”يُنسب لها وحدها إضفاء الشرعية على الاقتلاع”، بل ”تجاهل”، ”وسلب لليهودي”.
نعلم بأنَّ ديريدا لم يعد قط بكيفية مباشرة إلى سؤال ضرورة الدولة القومية لليهود أو عدمها، لكنه ناقش فرضيات الوحدة، الانتخابات وكذا المثالية،ثم بالتأكيد الصمت المخيّم على واقع الشرق الأوسط وبخصوص السياسة الإسرائيلية.
مثلا في محاضرته: ”تأويلات الحرب. كانط، اليهودي، الألماني” (9)، التي ألقاها خلال الندوة الدولية المُنعقِدَة أشغالها في القدس بين 5 و 11 يونيو 1988، تحت إطار عنوان اقترحه ديريدا نفسه قبل سنتين: ”كيف لايمكننا التكلُّم؟”، وقارب موضوع ”مؤسَّسات التَّأويل”، حيث أعاد بنبرة ساخرة ومتعجِّبة، بالكاد متوارية، قراءة كتابات فيلسوفين يهوديين باللغة الألمانية، إيرمان كوهن وفرانز روزنزفيغ، بحيث دعا كلّ منهما على طريقته عشيَّة حرب (1914- 1918)، ثم بعدها بفترة وجيزة، إلى ”تعايش يهودي-ألماني”، وكذا”تحالف روحي “بين الشعبين، والنظر إليهما باعتبارهما نموذجين، مثاليين ضمن واحد، إذا جاز التعبير” (10).
منذ بداية مداخلته، حرس ديريدا على تحذير جمهوره المستمع وكذا قرائه المفترضين: ”تستحضر مداخلتي كما الشأن دائما معي، جملة فرضيات تأويلية للموضوع، تحديدا، مؤسَّسات التَّأويل. بناء عليه، ستكون، طبعا وفعليا، موصولة بعلاقة مع سياق مؤسَّساتي، يحدِّد اليوم، هنا والآن، جامعة، دولة، جيش، شرطة، سلط دينية، لغات، شعوب أو أوطان” (11).
لاحقا، بعد التذكير بأنَّه تمسَّك بحضور زملاء فلسطينيين من داخل الأراضي المحتلة قصد المشاركة في الندوة (زارهم خلال هذا السفر) (12)، دعا ديريدا إلى البحث وكذا فهم ”ما قبل تاريخ ”دولة إسرائيل”، شروط تأسيسها الحديث، والمرتكزات الدستورية، القانونية، السياسية لوظيفتها الحالية، ثم أشكال تفسيرها الذاتي، إلخ ” (13).
تكرَّرت في نصوص أخرى دعوته تلك قصد تأويل شروط التأسيس الحديث لدولة إسرائيل ، مثلا كتابه ”أطياف ماركس” (14)، أو ”آخر اليهود” (سأعود إليهما).
استعاد ديريدا بين صفحات كتابه ”وداعا إيمانويل ليفيناس”، بكيفية أكثر استفاضة موضوع الصهيونية وناقش، في إطار احترام ليفيناس وفكره، لكن بطريقة ”مُحْكَمَة” و حسب َدِقَّتِهِ المعهودة، أطروحات فيلسوف، مثلما نعلم، كان متحمِّسا، حتى لانقول مدافِعا شرسا عن دولة إسرائيل وكذا الصهيونية.
بخصوص موضوع إسرائيل والطريقة التي قُدِّم بها الفلسطينيون، سيطرح ديريدا في هذا العمل عدَّة تحفُّظات واعتراضات. ذلك، أنَّ ليفيناس صاحب كتاب ”فيما وراء الآية” وقد أحال تأمُّلاته على تواريخ محدَّدة، بالتالي ضمن التاريخ، سارع خلال كل مرَّة قصد الارتقاء بها نحو اعتبارات افتراضية أو تخمينات بخصوص ما يعتقده رسالة للدولة اليهودية، والقدس الأرضي، أو الصهيونية. كتب ليفيناس: ”صارت إسرائيل عاجزة عن التفكير في سياسة تكمِّل رسالتها التوحيدية. اتُّخِذ حاليا هذا التعهُّد. منذ حقبة سنة 1948، تبدو إسرائيل أقلّ انعزالا حتى تنهي مهمَّتها الخارقة غير المسبوقة منذ أربعة آلاف سنة، التي بدأها أبراهام” (15).
أوضح ديريدا، بين معقوفتين ضمن اقتباسه: ”يمكن نقاش هذا التأثير بخصوص انزواء إسرائيل، بحيث أعتبره قابلا للجدال”. لكن الأساسيّ بهذا الخصوص تبلور حديث ليفيناس، مثلما لاحظ ديريدا: ”ضمن سياق إشكالية إبداع السياسي، وكذا ”إبداع سياسي”، وبشكل أكثر تحديدا” خلق [فوق أرض دولة إسرائيل] الشروط الملموسة للإبداع السياسيّ” (16). ويتساءل ديريدا: ”لم يتحقَّق قط هذا الإبداع السياسيّ في إسرائيل؟ داخل [إسرائيل]؟ أنا من منتظري هذا ”الإبداع السياسي” في إسرائيل، واستدعائه بتطلُّع، لكن حاليا بإحباط أكثر من ذي قبل نتيجة معطيات الوقائع الراهنة، قصد التركيز عليها، لا تتيح إمكانية التَّهدئة (مثلا، لكنها فقط أمثلة البارحة واليوم، تعزيز”المستوطنات ”الاستعمارية أو قرار يجيز التعذيب ضمن قرارات المحكمة العليا، ثم بكيفية عامة، مختلف المبادرات المعلَّقة، التي تعمل على تحريف أو إجهاض ما نواصل تسميته، كأسلوب تعبيري بـ “مسلسل السلام” (17).
فيما يتعلق بالصهيونية، فقد كتب ليفيناس:
”يذكِّرنا أو يعلِّمنا النص الذي كتبتُه تحت عنوان ”وطن المدن-الملاجئ”، بأنَّ رغبة صهيون، والحركة الصهيونية، ليست قومية أو أيضا نزعة خصوصية؛ ولم تكن مجرَّد بحث عن ملجأ. إنَّها أمل نحو علم مجتمعي ثم مجتمع إنساني تماما. يتحقَّق هذا في أورشليم، الموجودة على الأرض، وليس خارج اللامكان، بين طيات أفكار وَرِعة” (18).
ركَّز ديريدا على كلمتي”طموح”، و”أمل”، مذكِّرا بأنَّه: ”عندما توخَّى تمييز الدولة اليهودية عن النزعة الخصوصية أو القومية، فلم يتكلَّم ليفيناس دائما بالأصح عن واقعة حاضرة، بل إمكانية، وكذا وعد بالمستقبل، و”تطلُّع”، و”تعهُّد”]، و”أمل” أو ”مشروع” (19). لكنه، سيحتفظ للفلسطينيين بكلمات مقيِّدة في نظره إن لم تكن مُهِينة، عن ”الخصوصية” و”القومية”. استحضر بإلحاح مثلا وفاء سارتر إلى إسرائيل، عبر تطوُّره منذ كتابه”تأملات في المسالة اليهودية”،ثم ظلَّ كذلك صاحب”الوجود والعدم”: ”رغم كل استيعابه الواضح للقومية الفلسطينية وآلامها الحقيقية”(20). القصد متناقض فعلا، لكن دعونا من ذلك! المهمّ أنَّ مقاربة ديريدا جعلتنا نلاحظ الأساسي بقوله: ”لن يجيب قط حيال عبارة ”القومية الفلسطينية” بـ”القومية الإسرائيلية”’ (21). بحيث كتب ليفيناس: “ليس قومية ولا عقيدة ما دشَّنته إسرائيل على الأرض المقدَّسة” (22). كذلك، أشار ديريدا ضمن هذا السياق إلى صمت مدهش بين طيات فكر ليفيناس: ”فلم يحدِّد أيَّ شيء، بل أقول قابلا لتحديد، ”أفضل سياسة”، و”أفضل”قانون، حتى قانون الحرب” (23). ثم لاحقا: “بغية الإقرار بذلك وفق خطاب فلسفي كلاسيكي، فقد حافظ الصمت على قواعد أو خُطَاطات (وليس تبعا للعقل العملي الخالص حسب كانط) التي توفِّر لنا ”أفضل” أشكال الوساطة أو أقلُّها سوءا: بين إيتيقا أو قداسة الحفاوة اليهودية-المسيحية [مصطلحات مفضَّلة عند ليفيناس] من جهة”مسار السلام”، ومن جهة ثانية مسار السلام السياسي” (24).
هل دافع ليفيناس بلا جدوى عن إمكانية صهيونية غير قومية، وهو”من حاول دائما طرح موضوع] [الانتخاب عن كلِّ إغواء قومي” (25). لأنَّه يضيف ديريدا: “نعلم أفضل من أيّ وقت سابق، تسعى مختلف القوميات نحو صورة كونية مثالية، بحيث تدَّعي كل واحدة منها المثالية وتريد لنفسها أن تكون أكثر من قومية” (26).
تبلورت مناسبة أخرى أمام ديريدا عبر دراسته المعنونة بـ”ضَرَر الأرشيف”، كي يفكِّك ميتافيزيقا الوحدة، حينما ساجل طويلا وعارض أطروحة المؤرِّخ الأمريكي جوزيف حاييم إيروشالمي حول موسى وكذا العقيدة التوحيدية لدى سيغموند فرويد.
إن قُتِل موسى فعليا، يؤكِّد جوزيف حاييم، من طرف أجدادنا، فلم يتم فقط كبت هذا القتيل لم يكبت، بل على العكس، احتضنته الذاكرة ورسَّخت توثيقه بحماسة، ضمن تفاصيله الأكثر حسيّة، كأقصى مثال جوهري عن خطيئة التمرُّد الإسرائيلي (27).
دليله قصد بلوغ هذه الخلاصة في تقويض فرضية فرويد المتعلِّقة بالذاكرة، حينما أعلن منذ بداية عمله: ”داخل إسرائيل وليس في أيِّ مكان ثان، يتمّ استدعاء سلطة التذكُّر والإحساس بها مثل إلزام ديني بالنسبة لشعب بأكمله” (28). فيما بعد،مقارنة مع وضعية أوديب، فقد عزا إلى إسرائيل سمة أخرى تتعلَّق بـ”توقُّع تطلُّع نوعيّ نحو المستقبل” (29).
لكن بالنسبة لديريدا، فهل ممكنة فكرة الشعب نفسه دون احتجاز ذاكرة، دون” ضَرَر الأرشيف”، ثم أيضا بلا كفاءة توقُّع تطلُّع معيَّن نحو المستقبل، بالتالي التنبُّؤ به ؟ ”بمجرَّد وجود الأحادي، هناك قتل، جرح، وصدمة نفسية”، كتب ديريدا، قبل اقتراح مسلَّمة ثنائية أقرَّت كلّ واحدة من صيغها قراءة ثنائية: يحترس الأحادي من الآخر، حسب دلالة الاحتماء من هذا الآخر، لكن أيضا الاحتفاظ في ذاته بالغيرية والاختلاف، أن يكون مختلِفا عن ذاته أو ”الذات المختلِفة”. أحادية مُعَنِّفَة :تتشكَّل في أطار العنف، وتوجِّه إلى ذاتها العنف المنطوية عليه؛ إنَّها “تؤكِّد ذاتها بالعنف” (30).
نتذكَّر مع صفحات كتابه ”أحادية لغة الآخر” (31) ونصوص أخرى، كيف حَوَّلَ ديريدا رفضه مواصلة دراسته داخل جدران مدرسة خاصّة بالأطفال اليهود وحدهم، إلى رفض لكلِّ انكماش هوِّياتي. نستعيد من أجل الذاكرة، مركزية هذه الحلقة ضمن الكتابات السيرذاتية لديريدا وكذا بالنسبة إلى فكره، بالإحالة على القرار المُتَّخَذِ من طرف حكم فيشي، وسرى مفعوله على الجزائر التي شكَّلت آنذاك امتدادا لجغرافية فرنسا الحرَّة، وطرد المدرِّسين اليهود من المدارس العمومية وكذا حشد وعزل جلِّ التلاميذ اليهود داخل مدرسة ثانوية واحدة.
في محاضرة ”الاعتراف-المستحيل. ”منعطفات”، النَّدم والمصالحة” التي ألقاها ديريدا سنة 1998 في القدس، خلال المؤتمر السابع والثلاثين للمثقَّفين اليهود الذين يكتبون باللغة الفرنسية، وقف طويلا عند هذا الإجراء الانتقامي، كما اختبره،والانغلاق الطائفي، الذي فرضته السلطات المسمَّاة تربوية، بحيث رفض الإقرار والموافقة على التحرُّك ضمن حدود رُسِمَت له.
استعاد ديريدا تلك الواقعة، كي يستخلص منها سياسة حول الجماعة ثم وصلها تحديدا مع نمط الحياة التي أدركها لدى أغلبية يهود إسرائيل. رفض استساغة حياة مجموعة منغلقة، نمط ينعته بأوصاف مثل: ”التَّكافلي”، ”العضويّ”، ”الجماعي”، ”الانصهاري” (32)، مؤكِّدا بأنَّ نمط الحياة الوحيد الممكن يتمثَّل في التعايش.
بالنسبة إليه، تعتبر الحياة ضمن مجموعة منغلقة، عائقا أمام الحياة، يعكس نسيانها أو تعليقها، صيغة عدم معرفة بعد كيف تحيا. لكن يتساءل ديريدا، بخصوص هذا التعايش، صحبة من نعيش (سويّا) إذا لم يكن مع الآخر المختلِفِ (33)؟ هنا تبدو حتما إشكالية ومدهشة عبارة بول سيلان المشار إليها أعلاه: ”يهود فقط”، أو ”يهود لا غير”.
أخيرا، نستعيد أحاديثه التي جمعها جان بيرنبوم في جريدة ”لوموند”، التي شكَّلت ربَّما آخر التصوُّرات التي أدلى بها ديريدا، بحيث أشار الفيلسوف إلى ما يلي: ”لاتمثِّل قط إسرائيل في نظري اليهودية ولا الشَّتات” (34). ثم سنكتشف في كتابه ”آخر اليهود”، بأنَّ قلق”الطفل الذي أضحى رجلا’ ‘(ديريدا نفسه) أمام”مخاطر العيش ضمن إطار جماعة واحدة بالنسبة لليهود، سواء وفق طبيعة تكافليّة (طبيعيّة، ولادة، أرض، دم، وطن) أو تعاقدية (قانونية-تابعة للدولة، بالمعنى الحديث)”، هذا القلق ”لم يدفع فقط الطفل المذكور حتى يعارض أحيانا عموميا، وسياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية وكذا عدد كبير من الحكومات التي سبقتها،بل أيضا مواصلة التساؤل بكيفية مؤرقة أكثر حول الشروط التي وفقها توطَّدت دولة إسرائيل الحديثة” (35).
بالعودة ثانية إلى الحديث عن علاقة ديريدا مع الفلسطينيين. يلزم رصد تعبيرات هذه العلاقة، من جانب ديريدا، عبر السَّفر، الذَّهاب نحو الآخر والاتصال المباشر، والمرور أحيانا من خلال نقط التَّفتيش وكذا ساعات طويلة من الانتظار.
أن يحضر خلال قراءات للشاعر الفلسطيني محمود درويش داخل مدرَّجات جامعة السوربون شهر ماي 1997، أو التحدُّث عن إسرائيل أو جان جنيه صحبة ليلى شهيد الممثِّلة العامة لفلسطين في فرنسا وكذا الاتحاد الأوروبي، جَسَّدَ دائما مختلف ذلك بالنسبة لديريدا الانضمام، بأيِّ شكل من الأشكال، إلى الآخر داخل أمكنة المنفى كما لو في إطاره المألوف. يهمُّه انصياع أعلى مستويات السلطة إلى الحدث، هناك حيث يوجد مكان، حسب الطريقة أو المقتضى الذي رسمه جان لوك نانسي بين السطور التي استعرضها بداية الخطاب.
اتَّضح هذا الموقف الأخلاقي بشكل مثالي، ضمن مواقع أخرى، على صفحات رسالة إلى كاثرين مالابو، وأعيد نشرها بين طيّات كتاب “السفر صحبة جاك ديريدا”، تحت عنوان ”أورشليم، تل أبيب، رام الله، 11 يناير 1998”. يبدأ ديريدا رسالته واصفا بناء على أسلوب “إقرار بريء بالذَّنب”، “الصِّلة الأخيرة التي بقيت منيعة ]لديه[ ،ربَّما مع جلِّ الطائفة اليهودية في العالم، التي تظلّ هنا مذنِبَة بكيفية لانهائية، فعليا أبعد من إسرائيل، جَرّاء العنف المفروض على الفلسطينيين” (36). فيما بعد،وصف طويلا لقاءه مع الفلسطينيين: ”ثقة مطلقة، أتنَفَّسُ هذه المرَّة، لا أتجنَّب أيّ موضوع، منذ أشكال العنف المتأصِّلة، الترحيل،مخيَّمات اللاجئين، غاية اللعنة المشؤومة للمتعجرِف ”نتنياهو”. لكن أيضا نفاذ صبرهم نحو عدم كفاية دمقرطة السلطة الفلسطينية” (37).
لكن هذه العلاقة وجدت أفضل تفسير لها في “رسالة مفتوحة إلى فلسطين”، التي وجَّهها ديريدا عبر شريط فيديو إلى الفلسطينيين خلال زيارته إلى رام الله، شهر مارس 2002، على رأس وفد يمثِّل البرلمان الدولي للكتَّاب من خلال الفيديو الذي هيَّأته صفاء فتحي ويبثُّ حاليا تكملة إلى فيلمها الوثائقي حول جاك ديريدا المعنون بـ : “ديريدا في مكان آخر”.
استرسل جاك ديريدا (منشورات مونبارناس) في موضوع مأساة الفلسطينيين واستحضر نصوصا عدَّة تتطرَّق إليهم. ثم قرأ ثانية مقالة مقتضبة عنوانها ”نحن؟”، كتبها من أجل بحث جماعي(38).
دعا ديريدا نتيجة ”الشرِّ باعتباره قضية مطروحة” ثم “تواصله”؛ أمام أيضا’ ‘ضعف المقاربات التحليلية”، إلى التَّفاعل حول ”هذا النطاق، في هذا المكان المنهِكِ”، حسب”مبرِّر الفؤاد، مبرِّره السياسي”، ثم يضيف ”يلزم أن نصلح قدر ما يمكن، في كل مكان حيث قابلية الانعكاس ممكنة؛ يلزم السعي بأفضل طريقة ممكنة إلى استعادة الوطن”. يقترح تقاسم السيادة، لاسيما حول القدس، المدينة التي وصفها بـ”غير قابلة للامتلاك”، في رسالته إلى كاترين مالابو التي وردت الإشارة إليها سابقا. ثم يخلص موحيا بـ”ضرورة تناول هذا المترسِّخ بكيفية مختلفة، دون تبديد روحه. على العكس، ربما حان الوقت كي نصنع المستقبل في خضمِّ شرٍّ مترسِّخ، إذا لم نرغب ضياع روحه وحياته”.
خلال مرَّتين مع نفس العبارة، دوَّى رنين التذكير بـ”الرَّاسخ”، تجعل دواخلنا تصدح بكلمات بودلير وفلاديمير جانكيليفيتش بخصوص “مايتعذر إصلاحه” أو “يستحيل الرجوع عنه”، ثم بثّ هنا دلالات أخرى جسيمة، ينتقل عملها وتأثيرها إلى مرتبة الجمعي.
ضروري حتما التذكير في الأخير بواقعتين ثانيتين مهمَّتين. من جهة، صادف كل ما أفصح عنه ديريدا جانبا من العداوة الصريحة، لدى البعض أو إرادة التَّهديد. نستعيد بهذا الصدد الدعوى القضائية ضد إدغار موران، وكذا الهجومات التي شكَّلت كتابات آلان باديو موضوعا لها بخصوص الفلسطينيين ودولة إسرائيل.
ضمن صفحات مجلة ”الأزمنة الحديثة”، العدد الصادر خريف 2011، وهذا مجرَّد مثال، استهدف روبير ريديكير كتابات ديريدا الأخيرة المصنَّفة ضمن فلسفته السياسية: ”تتضاعف مناسبات معاينة انبعاث فوبيا يسارية نحو اليهود” (39). اتِّهام توخَّى جاك ديريدا الإجابة عنه في رسالة إلى كلود لانزمان: ”تتجلَّى تحديدا هنا بوضوح الأساليب الترهيبية الشمولية، من خلال السعي لإسكات كل مقاربة تحليلية نقدية للسياسيين الإسرائيليين والأمريكيين” (40).
أما الواقعة الأخرى، فتشير إلى أنَّ انشغال ديريدا بالوضع الفلسطيني ترافق مع اهتمامه الدَّائم بالفكر العربي-الإسلامي، كما الشأن،عن طريق لويس ماسينون بـ” البَدَليّة”، الكلمة المنتمية إلى المعجم العربي عن”الاستبدال”، أكثر تحديدا المعجم التقني عن الصوفية (41). أو مشاركته، شهر أبريل 1996 في: ”لقاء الرباط مع جاك ديريدا”، وأثرى حينها مواقفه بنصٍّ طويل عنوانه: ”إخلاص للتعدُّد. استحقاق الإرث أو تخلُّف علم الأنساب” (42).
ينصبُّ ذلك في روافد كتابات ديريدا السير ذاتية، ومختلف أعماله حول القانون، العدالة المسؤولية والصَّفح، لاسيما فكره المتداول بين طيَّات أبحاثه: ”الإيمان والمعرفة”(43)، المارق (44) و”مفهوم” 11 شتنبر بخصوص عودة الدِّيني، وكذا تطوُّر التَّحصين الذاتي، الذي يكمن في نظره، عند بوتقة انبثاق الإرهاب الإسلامي وكذا أمراض الديمقراطية في الغرب (45).
جملة معطيات تهتدي بنا أخيرا إلى فضاء بمعناه الإغريقي، فضاء اللا-مكان الذي “سيكون انفتاحا على المستقبل أو حضور الآخر كارتقاء للعدالة، لكن دون أفق للانتظار ولا تصوُّر تنبُّؤي مسبق” (46).
تثبيت الفلسطينيين ضمن الخطاب الفلسفي خلال وقت استحال معه التلفُّظ باسم الفلسطينيين أو غير مسموع، وتحوَّل عمل الفكر إلى تماسك فعَّال وكذا انشغال دائم بالحدث، هكذا تبدَّى أخيرا عطاء كبيرا من طرف ديريدا نحو الفلسطينيين ومن خلال ذلك كل فكر هاجسه الإنصاف والعدالة.
مصدر المقالة:
www.caim.info :2016
- J. Derrida, Glas – 1, Paris, Éditions Denoël/Gonthier, 1981, p. 50.
2 – أشار إليه جون ماكسويل كوتزي في: ”من القراءة إلى الكتابة”، مقالات أدبية (2000-2005) ، ترجمه عن الانجليزية جان فرانسوا سونسي ، باريس منشورات سوي 2012 .
3- حوار جاك ديريدا مع إليزابيث رودينسكو : ”ماذا عن غد؟”، فايار وغاليلي 2001، كما صدر ضمن منشورات فلاماريون سنة 2003 ،النسخة المعتمدة هنا ،ص 184- .185
4- جاك ديريدا، بول سيلان، 1986 ،ص83
5- نفسه، ص . 45
6-جاك ديريدا :”إدموند جابيس ومسألة الكتاب”، ضمن فصول عمل ديريدا ”الكتابة والاختلاف”، سوي 1967،ص 101
7- جاك ديريدا : نفسه ،ص 102
8- هنري ميشونيك: ”كتابة ديريدا”، بين صفحات كتابه ”العلامة والقصيدة”، باريس منشورات غاليمار، 1975 ، ص .462 – 463
9- جاك ديريدا: ”تأويلات في الحرب. كانط، اليهودي، الألماني” (1988)، بين صفحات كتابه” الروح”، إبداع الآخر، الجزء الثاني، باريس منشورات غاليلي 2003 .
10- نفسه ص 253
11- نفسه ص 249-.250
12- نفسه.
13- نفسه.
14- جاك ديريدا: أطياف ماركس، باريس منشورات غاليلي، 1993، ص 101 .
15- إيمانويل ليفيناس: ”فيما وراء الآية”، أشار إليه ديريدا في كتابه: ”وداعا إيمانويل ليفيناس”، باريس، غاليلي 1997 ، ص.141
16- إيمانويل ليفيناس: نفسه ، ص 227، أورده ديريدا وعلَّق عليه ص 147
17- نفسه ص 147 -148
18- إيمانويل ليفيناس: نفسه، ص 69- 70، أحال عليه ديريدا، المرجع نفسه ص 195
19- جاك ديريدا: نفسه، ص 195
20- إيمانويل ليفيناس: دفاتر الليل المحروس، منشورات فيرديي 1984، ص 328 ، أشار إليه ديريدا، نفس المرجع، ص 195 .
21- جاك ديريدا: نفس المرجع
22- إيمانويل ليفيناس: ”تجزئة الممتلكات”، دفاتر ليرن، 1991، ص 465، أورده ديريدا نفس المرجع ص 196
23- جاك ديريدا: نفس المرجع، ص 196
24- نفسه ص 197
25- نفسه ص 202
26- نفسه
27- جوزيف حاييم يوروشالمي: موسى فرويد، يهودية قابلة للإلغاء ولاتقبله، ترجمه جاكلين كارنو إلى الفرنسية، باريس، منشورات غاليمار 1993، ص 161، أشار إليه ديريدا في كتابه ”ضَرَر الارشيف” باريس منشورات غاليلي 1995، ص 102 .
28- جوزيف حاييم يوروشالمي: نفس المرجع، ورد عند ديريدا، نفس المرجع ص 121 .
29- جوزيف حاييم يوروشالمي: ص 179، ورد عند ديريدا، نفس المرجع ص 116 .
30- جاك ديريدا: نفس المرجع، ص 124- 125
31-جاك ديريدا : أحادية لغة الآخر،باريس منشورات غاليلي 1996 .
32- جاك ديريدا: ”الاعتراف-المستحيل.”منعطفات”، النَّدم والمصالحة” (1998)، ضمن كتابه ”آخر اليهود ”، باريس، منشورات غاليلي، 2014، ص 34 .
33-نفسه ص 37- 38
34- جاك ديريدا: تعلُّم كيفية العيش في نهاية المطاف. حوار مع جان بيرنبوم، باريس منشورات غاليلي، 2005، ص 40 (للتذكير، فقد صدر هذا النص للمرة الأولى، تحت عنوان ”أنا في حرب ضدّ نفسي”، على أعمدة جريدة لوموند، 19 غشت 2004).
35- جاك ديريدا : ”الاعتراف-المستحيل” “منعطفات”، النَّدم والمصالحة”، ص 39 .
36- جاك ديريدا و كاثرين مالابو: السفر صحبة جاك ديريدا، باريس، مجلة ”لاكانزين ليتيرير” ص 259 .
37- نفسه
38- شرق قريب جدا،أقوال حول السلام: باريس،2001
39- وردت عند بينوا بيترز، ديريدا، باريس، منشورات فلاماريون 2010 ، ص 622
40- رسالة من جاك ديريدا إلى كلود لانزمان، 30 يناير 2002، وردت الإشارة عند بينوا بيترز، نفس المرجع السابق ص 623 ،
41- جاك ديريدا: ”وداعا إيمانويل ليفيناس”، ص 128
42- يمكن الرجوع إلى كتاب: ”لغات وتفكيكات في الثقافة العربية: لقاء الرباط مع جاك ديريدا”، توبقال 1998.
43- جاك ديريدا: ”إيمان ومعرفة”، ضمن كتاب ”الدين” جياني فاتيمو وجاك ديريدا، باريس منشورات سوي 1996 .
44- جاك ديريدا: المارق، منشورات غاليلي، 2003
45- يمكن الرجوع خصوصا إلى: ”التَّحصين الذاتي، أشكال الانتحار الفعلية والرمزية”، حوار بين جاك ديريدا و يورغان هابرماس بخصوص مفهوم 11شتنبر، باريس منشورات غاليلي 2004 .
46- جاك ديريدا: ”الإيمان والمعرفة”، مرجع سابق، وكذلك ”أبراهام، الآخر”، في ”اليهودي الأخير” نفسه، ص 123- 124.