إبراهيم أوشلح: السياق التاريخي فرض علي اختيار طريقي

المصطفى اجْماهْري
عرف المركب الثقافي للهلال الأحمر المغربي بحي المعاريف بالدار البيضاء مساء يوم الخميس 19 يونيو 2025 تقديم كتاب “المغرب: التزام جيل”، من تأليف المناضل ابراهيم أوشلح. وقد عُرضت بالمناسبة النسخة الفرنسية من الكتاب التي أنجزت بالمغرب. وكما أوضحت لي السيدة أوشلح، التي حضرت اللقاء، فإنه لم يكن من المناسب عرض النسخة المنجزة بفرنسا والتي سبق تقديمها في باريس نظرا لارتفاع سعرها، إذ القارئ المغربي لن يتمكن من دفع مقابل 26 أورو للنسخة. ومن هنا جاء التفكير في إنجاز الطبعة المغربية المعروضة.
ومن المنتظر، في الأسابيع القليلة المقبلة، صدور الترجمة العربية للكتاب من إنجاز نور الدين السعودي وعبد القادر الشاوي ضمن إصدارات دار “توبقال للنشر” بالدار البيضاء.
وقد قام بتقديم الكتاب المؤرخ مصطفى بوعزيز الذي كتب مقدمة العمل، والفاعل الجمعوي الدكتور سعيد متوكل الذي استفاض في حيثيات الكتاب من خلال المرحلة التاريخية والسياق الاجتماعي الذي ينبني عليه. كما لاحظ بأن الشهادات والأعمال عن مرحلة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وعن “سنوات الرصاص” تعتبر ضرورية لفهم تلك المرحلة. والحال أن الكتابات بشأنها من قبل الشهود عليها ومن باقي الفاعلين السياسيين ما زالت قليلة ولا تشفي الغليل.
أما المؤرخ مصطفى بوعزيز فركز في كلمته على الجانب السردي والتاريخي في عملية الحكي معتبرا أن الكتاب يدخل في إطار ما يعرف عند الغربيين بـ “ego-histoire” وهي شكل من الكتابة التاريخية ينهجها الكاتب المعني في الحديث عن مساره بصيغة نقدية مع ترك مسافة فاصلة بينه وبين ما عاشه. كما شبّه بوعزيز كتابة أوشلح بالصياغة الطبقية والتي غالبا ما استقاها من تكوينه الجيولوجي حيث الاهتمام بالطبقات الأرضية.
وبدوره تناول الكلمة إبراهيم أوشلح مجيبا في البداية عن بعض الأسئلة التي طرحها بوعزيز ومتوكل، قبل أن يعرج على التواريخ المفصلية والأحداث التي ميزت المغرب في المرحلة الماضية. وأشار إلى أن مساره انطلق من اختيار شخصي لعب فيه المناخ العام وقتها دورا كبيرا، حيث إنه كمختص في الجيولوجيا كان يسهل عليه الحصول على مناصب مرموقة في مغرب الاستقلال. بل إن مثل هذه الوظائف عُرضت عليه وقتها كما عرضت على باقي زملائه في نفس التخصص، ولكن قربه من الفقيه محمد البصري ومن الراحل عبد الرحمان اليوسفي وعلاقته الوطيدة بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب وبالاتحاد الوطني للقوات الشعبية كان لها التأثير الحاسم عليه وعلى مساره فيما بعد.
وقد ولد إبراهيم أوشلح، وهو من عائلة سوسية، عام 1945 في مدينة سلا. درس العلوم بجامعة الرباط، والجيولوجيا في جامعة غرونوبل ونانسي بفرنسا. وبدأ مسيرته المهنية كجيولوجي في المغرب ثم ليبيا، قبل أن يصبح مديرًا تنفيذيًا لبعض الشركات في باريس. عاد إلى المغرب في سنة 1994، بعد صدور عفو عام، وهو يقيم حاليًا في باريس.
يتكون كتابه “المغرب: التزام جيل”، من 340 صفحة، وهو مقسم إلى ستة فصول وهي: تحصيل المعرفة والوطنية، الالتزام الثوري-حقيقة، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والمفاوضات، ثورة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، البحث عن الديمقراطية والوحدة الوطنية، الاختيار الثوري بدون سلاح، النضال في فرنسا.