الداخلية تصب جرعة مظلومية في حزب بنكيران

إسماعيل طاهري
حل “جماعة الإخوان المسلمون” بالأردن ينذر بنهاية استقرار النظام الأردني خصوصا اذا كان للإخوان أنصار داخل الأجهزة… ولكن المحقق هو كونهم القوة السياسية الأولى في البلاد، الأكثر تنظيما وتعبئة للشارع.
ونهاية النظامين الأردني والمصري مسألة وقت وستكون بلا شك مأساوية، لأن تحالفهما مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضد القضية الفلسطينية هو المسمار الأخير في نعش ما تبقى من شرعية للنظامين.
ومن يطالب اليوم في المغرب بحل حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان المحلولة أصلا فلينتظر نهاية تبعات قرار ملك الأردن.. ليتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
الإسلاميون في الشرق الأوسط يميلون تاريخيا الى التصلب والعنف عكس إسلاميي المغرب، ولا يمكن أن يهدأ الأردن بهذا القرار المملى عليه من الدوائر الغربية العميلة لإسرائيل.
لا حل مع الإسلاميين إلا “الحوار الديمقراطي” وإدماجهم في الانتخابات ومؤسساتها الديمقراطية. وأما من تجاوز منهم أو من غيرهم القانون فالقضاء كفيل بردعه وفقا لمعايير دولة الحق والقانون والدستور. ولكن حرية الرأي والتنظيم يجب أن تبقى مكفولة للجميع وبها وحدها يتحقق إطفاء جذوة حماس الإسلاميين واندفاعهم وقطع الطريق على المظلومية التي يلعبون دورها بامتياز ويحققون بواسطتها استقطابات واسعة داخل الجمهور. فكلما ووجهوا بالعنف والظلم والتعسف والتضييق زادت نيرانهم اشتعالا. ويقولون “هل من مزيد”.
قرار النظام الملكي الأردني بحل جماعة الإخوان قرار خاطئ وسيدفع الشعب الأردني ثمنه غاليا لذلك يجب التراجع عنه. وليأخذ الأردن وغيره العبرة من التجربة المغربية التي نجحت نسبيا في تحويل حركة التوحيد والإصلاح الى حزب سياسي اسمه “العدالة والتنمية” كجميع الأحزاب يدخل الانتخابات ويسير المؤسسات المنتخبة بما فيها الحكومة وهذا لم يحدث الا في المغرب حيث قادت العدالة والتنمية الحكومة لمدة عشر سنوات مباشرة بعد حركة 20 فبراير..
والغريب أن نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية الذي كان يضرب به المثل في إدماج جماعة الإخوان المسلمون عبر حزب جبهة العمل الإسلامي 1992 والذي سبق له أن فاز في الانتخابات في بداية التسعينيات من القرن الماضي ولكن تجربته كانت فاشلة، وتم إسقاطه عبر صناديق الإقتراع وسلميا وبدون عنف، ولكن أيضا بتوظيف الاعيب التزوير الانتخابي خصوصا في انتخابات 2007.، الأردن نفسه، ويا للأسف، يعود بعد أكثر من ثلاثين سنة لإشهار سلاح المواجهة والحل وما سينتج عنها من احتجاجات واضطرابات واعتقالات ومحاكمات وسجون وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على غرار ما جرى في الجزائر ومصر ويجري اليوم في تونس الرئيس المجنون قيس سعيد الذي لم يكتف بضرب الإسلاميين ولكن زاد عليهم الحقوقيين والديمقراطيين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين والنقابيين. والتاريخ سيحدد عاقبته بلا شك كواحد من طغاة العصر الحديث.
وإذا لم يعد الأردن نموذجا فإن المغرب يبقى نموذجا يحتذى به في إدماج الإسلام السياسي في المؤسسات خصوصا من تيار حركة التوحيد والإصلاح وضمان سلمية جماعة العدل والإحسان وبذلك تحييدها عمليا رغم حدة خطابها، علاوة على التطويع المزمن لتيار السلفيين (الدعوة والتبليغ) وتمترس شيوخهم الفيسبوكيين للدفاع عن اختيارات النظام الملكي المغربي.
ونخشى أن يأتي التضييق على مؤتمر العدالة والتنمية في سياق إقليمي بدأ فيه التشدد تجاه الإسلاميين عنوانه تونس ومصر والسعودية والأردن.
وفي هذا السياق يتعين على وزارة الداخلية المغربية صرف منحة تنظيم المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية.، فقرار التضييق المالي قرار خاطئ ويأتي في سياق إقليمي ودولي غير ملائم يزيد من دفع الوضع في المغرب الى الاحتقان ويعزز نظرية المؤامرة التي ينظر لها السيد عبد الإله بنكيران والتي قال ليلة الأربعاء فقط بأنها مؤامرة بدأت منذ 2016 (في إشارة الى ما صار يعرف بالبلوكاج الحكومي). وحث أتباعه خلال بث مباشر على الفيسبوك على التبرع للحزب لتغطية 130 مليون سنتيم قيمة منحة وزارة الداخلية التي حرم منها.
استمرار هكذا قرار من وزارة الداخلية ووراءها حكومة السيد عزيز أخنوش سيدفع المؤتمر الذي سبنعقد نهاية شهر أبريل الجاري الى الإعلان الرسمي عن الخروج من التطبيع وربما الإعتذار عن توقيعه، وبالتالي الإنضمام الى الجبهة التي تقود الشارع في محاربة التطبيع في سياق إدانة حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل في غزة بتواطؤ قذر مع الغرب والنظام الإقليمي العربي.
وصعب على كل محلل نزيه أن يقتنع بأطروحة وزارة الداخلية التي لها باع طويل في لي عنق المساطير لنية في نفس يعقوب. لذلك يمكن الجزم بان قرار وزارة الداخلية وراءه خلفيات سياسية واضحة لا يتناطح عليها كبشان. وإذا استمر هذا الوضع فستكون فضيحة سياسية بامتياز سيدفع ثمنها النظام السياسي وليس وزارة الداخلية أو الحكومة فقط. وبذلك ستصب وزارة الداخلية بوعي أو بدون وعي جرعة مظلومية بمثابة حياة جديدة في حزب بنكيران المتداعي الأركان منذ هزة توقيع التطبيع ونتائج انتخابات 2021.