سرقةٌ موصوفةٌ من ممنوعات سجينٍ.. فاسمع يا غريب

سرقةٌ موصوفةٌ من ممنوعات سجينٍ.. فاسمع يا غريب

المصطفى مفتاح

          كلامٌ جمعٌ منفلتٌ لمِزَقٍ وقِطعٍ مكسورةٍ منتقاةٍ في احترامِ تامٍّ لمبادئ وتوجيهاتِ إعادة التدوير أو الاقتباس أو ربما السرقة الأدبية الذاتية كما قد يقول القاضي في 1977.

كلام يخجلُ أن يترامى مُدّعيا.

يتدحرجُ مَغلوبا شبه مرتجلٍ كمحبتي.

ها هنا على الورق السَّغِبِ بياضاً وانتظاراً وهنالك على جدولِ التردد.

هاهنا مرجلٌ ومرآةُ البحيرةِ من مِنْهما أقصى لا ريحٌ حمقاءُ لا سكونُ الانتقالِ من الإشارات إلى حيث الإشاراتُ زَرَدْ والليلُ منتصفُ النهارِ والكُتبِ الأليفةِ ترتدي فهارسَ الوقتِ ومِرْجَلْ.

هاهنا نرجِسٌ مُحَشرِجٌ يشدو كوةً تحدِّقُ حيثُ الشمسُ صدأْ وحيثُ صدى الزنازينِ بردٌ عصيٌّ في العظامِ وحيث العنادُ كالجبلي المعتاد، لا تبتئِسْ أنت المنزّهُ عن الانصهارِ في جمراتِ الغياب، يا صديقي، يا حبيبي، يا نسيمَ روحيَ المنسية في الحَزَن والوفاءُ شوكٌ والكساءُ والرسائلُ مساميرُ النهار ومنتصفُ الليالي لا الصبحُ صبحٌ فلا تزدري حالَهُ في الضُّحى بعدَ النداء وقبل الفسحةِ الكسيحةِ ونرجسْ.

هاهنا مِزْوَدٌ ولوحةٌ وشرطُ المناسبة والتينُ المجفّفُ والماعزُ طائرٌ حين يحتدم الجدالُ ويصعد الجلبابُ فوق طرطقةِ الركبتين سالفٌ سلافٌ واحدٌ يا بنتَ البلد. أين اختفى ذاك الفتى، أين الفتى؟ مِنَ القيصريةِ السفلى سكونٌ ممتقعُ الجبينِ لا دمعُ لا بسمةٌ لا وردةٌ تكتنزْ ولا مِزْوَد.

هاهنا مرآةٌ بينَ النظرةِ الخضراءِ والنبيذُ سِدرُ الفتنةِ تفتُّ العظْمَ والسرابُ لائحةٌ من الملتمساتِ القديمةِ والعطشْ والمربعاتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ والخريفُ كلُّ الفصولِ بلا ياسمين تَجَدْوَلَ أو تخَفَّى في حكمةِ مرآة.

هاهنا مَوْقدٌ ينقرُ على مفاتيحِ شجنٍ ما لاذعٍ أو دافئٍ وطقوسهُ لا بأسَ إن زارتْ صراصيرَ أو هديلٌ مبهمٌ في قلمِ الرصاصِ والجَلَبَةُ في الممرِّ الفولاذي أو قَرْقَعَةُ حزامِ ذلك الذي يمرُّ بِجَفنِهِ المعدني كالأعمى والبصير وطعمُ القهوة حامٍ بليدٌ أو حميمٌ أو رسولُ الذكرياتِ موقدْ

هاهنا مُنْجِدٌ أو لوعةٌ، تراها كيف تدخل الشنبر والسيلون[1] في لسان العَروض؟ بحرٌ خَدَعَ الخليلَ وباتَ يعاني هل يصلحُ للتشبيهِ أو البديعِ أو المُغْرب؟ مالي أرطِنُ بما ليسَ في آخر قُفَّةٍ أو رباطِ شاعرٍ مسروقٍ، مُنْجدْ

هاهنا لا قمرُ الرّصاصِ ولا الرتابةُ دونما شمسٍ أو بعضَ ريحٍ والفراشاتُ ممنوعةٌ من الختمِ المنظمِ بالمقتضى.

لا قَدَحي ولا شَدْوي ولا زَهراتي ورَقْصي جديرٌ.

خُدْ مِني الكلامَ وناولني صكَّ المرور إلى ما أحسنَ من الصداقةِ فهذا الصدى صدىً أعبُّ به شرايينَ الصدأ عروقَه والشعيراتُ بيضاءُ اشتعالاً قانيةٌ دماً رفيعاً من الحبِّ حتى ما ترك الرومان بين النهرِ والأندلس صُلبٌ رفيعُ الملمسِ جارحٌ يملأ الوادي صوفًا. أعبُّ شرايينَ النهارِ البائتِ للخائفينَ القانعينَ قِنديلَ الهَدْيِ والهُدى وأنتَ في دهاليزِ المستحيلْ لا ترتعدْ لا تختنقْ فالبداهةُ أن تعومَ ثم أن تستمرِأَ مساءَك إذا شجا جانحٌ يبتعدْ أبلغَ من الضُّحى والمناجاة.

لا تُراوِحْ مكاناً يعلِّمُكَ القنوط ولا تبارِحْ زماناً يساومُكَ ظِلَّهُ والهروبَ غيباً متنكراً صواعقاً صواعقا تتوعدُ السارِحَ لعل النايَ المخبأَ بعنايةِ القارورةِ المسافرةِ أبكمٌ صموتٌ لا صورةٌ تُدْهِش والخوفُ من تَخَطِّي القواعدِ واللغةِ والكَلِمِ الركيكِ والعجزُ صنوان.

لا تكفُرْ بالندى وحليب التينِ المراهق يستظِلُّ بطيبِهِ مِنكَ السأمْ والمللْ وندامةَ المساءِ والوحدة حين يهمسُ بِمُفْرَدِهِ الصدى. واحْلُمْ بمدائنَ من حريرٍ وزُمُرُّدٍ والنسيمْ وتماثَلْ لقلبِكَ المُضَرَّجِ بالحُنُوِّ والاشتياقِ عيناهُ عيناكَ ولحْنُهُ يشرئِبُّ للشروقِ وخبزِ الياسمين.

عميقاً في القَلَمْ والليالي تبعثرُ الأغاني شَذَرَ مَذَرْ

وأنتَ تُقَنْطِرُ القصائِدَ أخماساً في أسداسٍ وبينَ الأزِقَّةِ الملتويةِ كالثعبانْ سبعةُ رجالٍ لا كلبَ لهم ولا تاسعْ يدقونَ ناقوسَ المعاني وهُداها على رؤوسِ اليتامى المُزَيَّنَةِ بالتَّعاريجِ، الهاربينَ من ذويهم يتْبَعونَ الغادي والبادي يَسْخَرون ويَبْكونَ زُرافاتٍ وكلٌّ على حدةْ والماءُ يغسلُ ذوائبَ الطفلاتِ والشقاوةُ لعبةٌ من بقايا علبِ “بوريسيما[2]” والحنانِ المُجَفَّف.

رقيقاً يُكسِّرُكَ النّسيمُ لا تَتَمادَ تنتظرْ وقُمْ تبيَّنِ الخزامى تزدردُ سفحَ التلَّةِ المُتمَدِّدَةِ في غُرفةِ القيلولةِ الأليفَة تهُشُّ بتكاسلٍ زُجاجَ النّهارِ الفارِعِ الواسِعِ المارِقِ بالحَنين إلى البِلّورِ يَتنَزَّلُ كالقَدر شَذَرَ مَذَر.

هاهنا على نُدفٍ بهجةً بلونِ الأسوارِ المُتلازِمَةِ حول مدائنِ الطفولة حيثُ عِطْرُ الرّوْثِ الغليظِ عن إدراكي،

عُدْ بي سميَّ المسجونِ إنساناً لامتحانِهِ وإخوانَهُ في الخَضْراءِ والسّمْراءِ الغاويةِ والقَدَر.

بينَ أوراقِ كتابٍ واهمٍ جفَّفْتُ زهرةٌ حتى لا أضيعَ في زُحمةٍ بين الرقيقِ من هسيسِ المناجاةِ والشعاعِ المختبئ وسطَ كثبانِ الأصيلِ والزّبَد.

هاهُنا مشمشُ أكمةٍ تستبِدُّ بها مخابئُ طبيعيةٌ زعانِفُها بلا بللٍ ولا عِلّةٍ تُذْكَر والمستحيلُ زئبقيٌّ كرشفةِ من شِعرِ المساءِ يَنْسَلُّ من ثقبٍ في حذاءٍ لا طعمَ له لأنهُ أوّلُ الأثافي في الأغاني والمستطيلُ سكرانُ في هذا المدى المُتَقَوْقِعِ في الهندسةِ واللسانياتُ اختصاصٌ عربي من سَعَفِ النخيلِ والتّخَلُّفِ المُسْتَدام. أَسمَعُكَ تهذي كأنّ مسًّا من الغيظِ أصابكْ تَمَالَكْ تلابيبَكَ ولا تُلَوِّثْ هذا المساءَ بخصوماتِكَ معَ سُلَّمِ الكَمنْجَةِ والدُّفوف.

واصعَدْ عميقاً في الزُمُرُّدِ المضفورِ بأشعةٍ شائكةٍ كانت تَتَنَزّهُ في الأصيل حتى تنالَ حِصّةً من ترياقِ الرومانسية سَيَنْفلتُ السبيلُ من جِنانِهِ هارباً نحو جِنّيَّةٍ زرقاءَ موعوداً صهاريجَ تهربُ من أيامِها والثواني اشتياقانِ اثنانِ خوفاً من بَوْنِ الصُّدودِ وأنوائِهِ وهو الهشُّ الشفيفُ المنكسرُ ليلاً والضُّحى والغدوُ دون رَواجٍ وأريجُ السَّدرةِ ندوبٌ متلألئةٌ بُرْدَتُها والبانُ متعلِّمُ جِزارةٍ نثرًا ورسمًا لمّا يُوارِبْ غُلالةً

كابِدْ وشاهدْ وسَبِّحْ في الفجرِ

واشرح لهُ عن خطينِ متوازيَيْنِ متسابِقَيْن من العِنادِ والهُزالِ هندسةُ التحدي متتالياتٌ ومعادَلاتٌ إنسانيةٌ لها المَنْطِق.

واشرحْ كيفَ تنْفلِتُ الأخبارُ بالتنقيطِ نبضاً ونبضا.

تقطعُ المعتادَ الرّهيبَ أخبارُ زِلزالِ الأطلسِ الكبيرِ فتُحِسُّ بالحِرمانِ من الحُريَّة

يقطعُ المعتادَ الرهيبَ من الأخبارِ “طوفانُ غزة” فيخْتَرِقُكَ الألمْ والاحتياجُ للتبادل.

ثم يرجِعُ رِجعُ الجلبةِ من المساجينِ البعيدين فيقصِفُكَ الحنين.

صيف 2024

_________________________________________________

[1] الغرفة في السجن chambre الزنزانة cellule

[2] حليب معلب للطبخ

شارك هذا الموضوع

المصطفى مفتاح

ناشط سياسي وجمعوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!