عودة الوعي الشقي للنخبة اليهودية أمام مجازر غزة

عودة الوعي الشقي للنخبة اليهودية أمام مجازر غزة

 كاركاسون – المعطي قبال

           هل يتعلق الأمر بعودة الوعي الشقي للنخبة اليهودية المتعلقه بلا قيد ولا شرط بإسرائيل؟ نعني بهذه النخبة تلك التي تحتل مواقع الريادة في مجال الإعلام، الفكر، السياسة، مع تمييز أنه لا يناصر كل يهود فرنسا إسرائيل ولا يدافعون عنها بعيون مغمضة.

المهم أن قسما من هذه النخبة صحا من سباته الأيديولوجي الصهيوني للمناداة بوقف سفك دماء الفلسطينيين في غزة وباقي البقاع الفلسطينية. لم يعد الصمت يطاق أمام حمام الدم الذي تسيله قوات الاحتلال بنوع من السادية.

 في هذا الاتجاه تندرج خرجة كل من الحاخامة دلفين هورفيور والإعلامية آن سينكلر للمطالبة بوقف الاعتداءات وتوبيخ الدولة العبرية.. فيما نددت الأولى بـ «الانحراف السياسي» و«الانهيار الأخلاقي» لإسرائيل، داعية إلى «قفزة للوعي» تجاه التراجيديا التي عانى منها الغزاويون، أشارت الثانية إلى أن يهود فرنسا ممزقون نتيجة العمل الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي بأمر من حكومة نيتانياهو، وهو عمل لا يمكن الدفاع عنه.

أما المؤرخ مارك كوبيل فأشار إلى أنه «أمام راديكالية إسرائيل فإن اليهود لا يمكنهم الصمت». وكأنها موجات متدافعة قبل أن تتحول إلى لجج قوية، بدأت تخترق المجتمع الفرنسي الانقسامات بل التمزقات في موضوع غزة وفلسطين بشكل أعم. من حول فيلم «ميركاتو» من أداء جمال الدبوز احتدم السجال بين الطرفين. فيما نوه الإعلام بأدائه الاستثنائي، نزلت عليه مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات لصمته عن تقتيل فلسطينيي غزة. ودعت عدة مواقع إلى مقاطعة الفيلم الذي يشير البعض أن المخرج تريستان سيغالا، هو ابن الإعلامي والإشهاري جاك سيغالا، الذي كان مستشارا إعلاميا للوزير الأول الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك.. وهاجم موقع أورو- فلسطين منتج الفيلم كونه صهيوني.

 أما الممثلة بلانش غاردان، وبسبب مساندتها للفلسطينيين، فقد عرف الفيلم الذي قدمته إقبالا شديدا من طرف الجمهور المناصر للقضية الفلسطينية، فيما قاطعه الإعلام والجمهور المحسوب على إسرائيل.

وتتعرض بلانش غاردان يوميا لحملات «الذباب الصهيوني» النشط على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويأتي مهرجان كان السينمائي ليقف وقفة حق وعدالة ويندد في نفس الوقت بالمجازر التي ترتكبها حكومة نيتانياهو المتطرفة. وتأتي العريضة الموقعة من طرف أزيد من 380 فنانا وفنانة في عالم الثقافة وبالأخص في ميدان السينما لتعزز أحقية التواجد الفلسطيني على  أرضه وبلاده. ومن بين الممثلين والمخرجين المؤثرين في المجال السينمائي الذين عبروا عن تضامنهم مع ضحايا غزة نذكر كلا من بيدرو المودوفر، روبين إوستلوند، دفيد كرونينبرغ، الممثلة سوزان ساراندو والممثل الإسباني خافيير بارديم وريتشارد جير والقائمة طويلة حيث بلغت 380 شخصية سينمائية. وتتكرر في العريضة كلمات: عار، صمت، فضيحة، اندحار سياسي وأخلاقي.

أما الموقف من ترامب فقد لخصه الممثل روبير دو نيرو الذي نال السعفة الذهبية الشرفية لدى افتتاح المهرجان، تكريما لمساره المميز. بعد كلمة الشكر، أشار دي نيرو من دون مواربة: “الفن هو الحقيقة، الفن يحتضن التنوع، ولهذا السبب يشكل الفن تهديدا للمستبدين والفاشيين في العالم، ولقد قام رئيس أمريكا الضيق الأفق بقطع التمويل والدعم للفنون والعلوم الإنسانية والتعليم، والآن أعلن عن تعريفة بنسبة 100٪ على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة”.

وقبل وبعد افتتاح المهرجان، حضرت في الأذهان ذكرى وصورة الممثلة الفلسطينية فاطمة حسونة، التي قتلت وبعض أفراد عائلتها في القصف الإسرائيلي عند منتصف أبريل… في 25 من عمرها وهي على أهبة الزواج كانت وفاتها بمثابة رجة في الأوساط الفنية السينمائية، هي التي كانت بمثابة «البطلة» في فيلم سابيداه فارسي الإيراني Put Your On Your Hand And Walk  الذي يعرض غدا في إطار الأسيد وهي تظاهرة موازية لمهرجان كان. أمنية القائمين على «جمعية فنانون من أجل فلسطين»، هي  قلب موازين سياسة الكيل بمكيالين والتنبيه إلى الواقع التراجيدي الذي يعانيه شعب غزة بل كافة الفلسطينيين، هناك إذا مساندة على عدة واجهات وجبهات، وذلك في الوقت الذي يتواصل فيه القصف والتقتيل وكأن نيتانياهو على غير وعي بتصدع إسرائيل من الداخل وسيرها نحو الهاوية.

فهل الدافع من وراء ردَّة فعل النخبة اليهودية الفرنسية هو الوازع الأخلاقي أم الخوف على مصير إسرائيل من الانهيار والعزلة؟ إنها أحد الأسئلة التي تشغل النقاش الدائر حاليا..

شارك هذا الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!