عجقة موفدين في لبنان .. هل تفرج؟!
حسين عطايا
تشهد الساحة اللبنانية زحمة موفدين، يبحثون مع ما تبقى من منظومة الحكم إيجاد بعض الحلول لازمات لبنان المستعصية، التي في غالبيتها من صنع المنظومة ذاتها، حتى باتت عاجزة عن ايجاد بعضاً من حلول ولو بالحد الادنى والتي من خلالها تستطيع تسيير أمور المواطنين اللبنانيين الذين يُعانون من فساد ونهب هذه المنظومة لكل مقومات المالية العامة بما فيها تآمرها مع مافيا المصارف على نهب ودائعهم .
ففي الاربعاء الماضي وصل كبير مستشاري الادارة الامريكية لشؤن الطاقة آموس هوكشتاين ، والتقى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، كما التقى ايضاً وزير الطاقة في الحكومة المستقيلة وليد فياض، وقام بجولة سياحية شملت العديد من المناطق من بيروت الى بعلبك والجنوب والتقى بقيادة قوات اليونفيل العاملة في جنوب لبنان .
وعلى عكس ما نشرته الكثير من وسائل الاعلام، فإن زيارته اتت إستطلاعية وهو لم يحمل مبادرات أية مبادرات على صعيد استكمال ترسيم الحدود البرية، بل هو مدعو للمشاركة في منتدى للطاقة في الكيان الاسرائيلي، ومن ضمن زيارته عرج على لبنان لاستطلاع وجهات النظر حول النقاط الست التي لازالت عالقة على الخط الازرق ويتحفظ عليها لبنان وأهمها النقطة – B1 في منطقة رأس الناقورة والتي لها أهمية استراتيجية لدى حكومة العدو الاسرائيلي بالنظر لموقعها الحساس على الحدود الجنوبية للبنان، كونها تكشف مناطق الساحل الشمالي لفلسطين المحتلة، وهذه النقطة تجد الكثير من العقبات قبل إيجاد الحلول لها كونها تمثل اهمية استراتيجية لحكومة العدو الاسرائيلي، رغم انها مرسمة ومخططة منذ اتفاقية سايكس بيكو وتستند عليها اتفاقية الهدنة للعام ١٩٤٩ .
استمع الوسيط الامركي هوكشتاين لوجهات النظر اللبنانية وسينقلها لحكومة العدو ليُبنى على الشيء مقتضاه .
بالاضافة الى هوكشتاين وصل ايضاً بالامس وزير الخارجية الايراني حسين عبداللهيان، آتياً من سوريا ويبدأ اليوم الجمعة جولة محادثات تشمل بعض القيادات اللبنانية، وكذلك حتماً ستشمل زيارته امين عام حزب الله حسن نصرالله .
وتأتي زيارة الوزير الايراني بعد زيارته للمملكة العربية السعودية ولقائه بالاضافة الى وزير خارجيتها الامير فيصل بن فرحان، ولقائه ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على مدى ساعتين من الوقت بحث خلالها الامور العالقة بين البلدين على المستوى الثنائي والاقليمي، والتي لم تجد لها حلولا لليوم، على الرغم من مرور اشهر على اتفاق اذار الماضي وبرعاية صينية .
قد تكون زيارة الوزير الايراني لكل من سوريا ولبنان اتت ليُبلغ القيادات التابعة له في كِلا البلدين عن التطورات والتفاهمات الجديدة في ظل المتغيرات الحاصلة ايضاً على وقع الحشود العسكرية الامريكية في كل من الخليج العربي وسوريا، خصوصا ما يُنشر عن نوايا الولايات المتحدة وعبر قواتها المتواجدة في سوريا وبعض حلفائها في شمال وشمال شرق سوريا وعزمها على محاولة قطع الطريق من خلال اقفال المعابر الحدودية ما بين سوريا والعراق وتحديداً معبر البوكمال والذي من خلاله تمر كل الشحنات التي تصل من ايران عبر العراق الى كل من سوريا ولبنان، وفي حال صدقت النوايا الاميركية وكانت الادارة صادقة بما يتسرب من معلومات تكون هذه الخطوة ضربة قاضية في قطع التواصل للهلال الشيعي الذي يربط ايران بالعراق وسوريا وصولا الى ضفة البحر المتوسط الشرقية في لبنان .
هذه الامور تشغل بال حزب الله، لانها ستُشكل عائقاً اساسيا وفعلياً في إيصال الامدادات عبر الخط البري من طهران لبيروت، وسيكون لها تأثير فاعل وحقيقي في إضعاف استمرار تدفق السلاح والمعونات الايرانية لحزب الله في لبنان وميليشياتها في سوريا .
وتأتي هذه الزيارات على وقع التحضير لوصول الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان في منتصف الشهر الجاري ايلول سبتمبر وما قد يحمله من مبادرات تقوم على اساس الرسائل التي وجهها للكتل النيابية في البرلمان اللبناني والاجوبة التي سيتسلمها منهم .
كما يأتي قريباً وصول السفير القطري الجديد، وهو يُعتبر سفيرا فوق العادة، والذي سيقوم بجولات على المسؤلين اللبنانيين، حيث سُربت بعض المعلومات عن حمله مبادرة لحلحلة الموضوع الرئاسي وبتوافق قطري سعودي ــــ اميركي، حيث لقطر علاقات مع اعضاء اللجنة الخماسية وكذلك علاقات جيدة مع ايران .
السفير القطري الجديد هو الشيخ سعود بن عبدالرحمان فيصل الثاني آل ثاني، وهو من الدائرة المقربة من امير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ويحوز على ثقته ومفوضاً منه للقيام بطرح المبادرات التي تسعى للوصول الى حلول للأزمة الرئاسية اللبنانية والتي تستمر منذ تشرين الاول ــــ اوكتوبر الماضي .
تقول المعلومات المُسربة ان السفير القطري سعود يحمل مجموعة من الاسماء المرشحة للرئاسة عُرف منها قائد الجيش العماد جوزيف عون كما الوزير السابق زياد بارود والنائب نعمة فرام، واسم شخصية امنية رفيعة المستوى لم يُفصح عنها بل ستكون مطروحة في اللقاءات الخاصة التي سيقوم بها .
عجقة الموفدين اتت بالتزامن مع عملية التجديد الروتينية للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، ولكن هذه المرة احتدم النقاش عليها وحولها وبعد جهود مضنية حاولت الخارجية اللبنانية ان تقف عائقاً اما اي تطور يفوض صلاحيات حرية التنقل ودون تنسيق مع الجيش اللبناني ودون قيامها بدورياتٍ لمواقع قريبة من مراكز حزب الله وبعضها المموه باسم جمعية اخضر بلا حدود ، وذلك إرضاءاً لحزب الله ولعدم إحراجه في كشف مواقعه جنوب الليطاني والتي يمنع وجودها القرار ١٧٠١ .
كانت الخارجية اللبنانية تجهد لعدم اي تعديل في قرار التجديد والذي حمل الرقم ٢٦٥٠، ولكن وبفعل إصرار مجموعة من الدول ومنها الولايات المتحدة الامريكية والامارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الاعضاء في مجلس الامن، صدر القرار باغلبية الاعضاء وامتناع كل من الصين وروسيا عن التصويت، واتى القرار متضمناً التعديلات والتي شكلت مفاجئة للدبلوماسية اللبنانية، ولكن كالعادة ونتيجة ورود عبارة التنسيق مع الحكومة اللبنانية اعتبرته الخارجية اللبنانية نصراً لها ولحزب الله رغم سقوط كل محاولات التعديل التي حاولت ادخالها، من عبارة خراج بلدة الماري بدلاً من الجزء الشمالي لقرية الغجر، واسقاط كلمة الاحتلال الاسرائيلي للغجر الشمالية وصولا الى الاصرار على تنفيذ القرار، وفقاً لاتفاقية صوفيا والتي تُعطي القوات الدولية حرية التحرك والقيام بدورياتٍ معلنة وغير معلنة لاي منطقة تُريدها وبحرية تامة كما هو معمول في العديد من الدول العاملة فيها قوات اممية لحفظ السلام .
هذا الامر جعل من التجديد الحالي فيه الكثير من الاحراج، وتخشى السلطات اللبنانية ان يكون هذا التجديد مقدمة لما قد يصل الامر في المستقبل القريب الى تعديل القرار ١٧٠١ بدلا ان يكون تحت الفصل السادس والذي ينص على فرض السلام بالتراضي بين الاطراف المتنازعة، الى الفصل السابع والذي ينص على فرض السلام بالقوة، وحتماً هذا الامر يٌحرج حزب الله والسلطة اللبنانية ، وبالتالي قد يكون مُقدمة لعمل ما بالقوة، نتيجة المتغيرات الدولية وما تحمله من إعادة رسم لخرائط المنطقة وما تحمله الايام والشهور القادمة من تغييرات شاملة على صعيد اقليم الشرق الاوسط.