نصر الله يختم الرواية: لا علاقة لنا
حسين عطايا
سبق كلمة حسن نصرالله امين عام حزب الله، ترويج دعائي على شاكلة الترويج لفيلم سينمائي، او لحدث ما لتشويق الجمهور لعرضه او إقامته على طريقة الدعاية المستعملة في التسويق لفيلم سينمائي انتجته “هوليود” وتنتظر ان يكون له الصدى الكبير على شباك التذاكر .
لكن حين أطل بالأمس، وبدا كلامه وسرده لحكاية الحرب على غزة وبطولات حزبه ومحوره، ظهر كم كانت الدعاية والتسويق اكبر من الكلمة ومن الحدث .
حقيقة وفي قراءة موضوعية للكلمة، التي انتظرها اللبنانيون لحظة بلحظة أراحت كثيرين وأغضبت كثيرين ايضاً، وفي كلتا الحالتين كانت مسار جدلٍ ونقد من الموالين والمعارضين لحزب الله على ضفتي السياسة اللبنانية .
هنا نسجل بعض الملاحظات على الكلمة وهي :
ــــ كلمته كانت تتضمن السرد والرواية عن شيءٍ مضى وآخر يحدث وكأنه متابع ومحلل سياسي يُراقب الوضع عن كثب، وليس هو قائد حزب يمتلك حصرية قراري الحرب والسلم في لبنان .
ــــ تحدث عن بطولات شهداء حزبه وبطولات المقاومين في غزة، وافرد حيزاً كبيراً لعملية “طوفان الاقصى”، فتحدث عن ما جرى في السابع من اوكتوبر الماضي، وهنا فعلاً أعطى العملية حقها في التخطيط والتنفيذ وكتمان الامر حتى عن المحور الذي تنتميان اليه “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة، وفي هذا الامر عتبٌ كبير، وكأن نصرالله ومن خلفه إيران تتنصل من اية مساعدة او دخول في حرب شاملة لم يكونا من المساهمين في التخطيط والتوقيت لها، وفي هذا لفتة عتب كُبرى، مُغلفة بسردية تُعطي حزبه وايران الفرصة اللتان انتظراها لتحميل “حماس” ما جرى ولا زال يجري في غزة، وان ما يقوم به حزبه على الحدود اللبنانية الجنوبية هو من باب المساعدة والتضامن لا اكثر ولا أقل .
ــــ الاطلالة للحديث عن حرب غزة، ولكن مضمون الكلمة، كان فارسي المضمون والهوى بلهجة عربية لبنانية، موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية، بأن حاملات الطائرات والبوارج لا تخيف نصرالله ومحوره وخصوصاً حين استعمل عبارة ” فلتتذكروا أن من قام بالتخريب في العام ١٩٨٢ لا زالوا احياء ومعهم ابنائهم واحفادهم لليوم”، واردف قائلاً “وقد اعددنا لهم ماهو مطلوب”.
في ذلك رسالة ايرانية واضحة للامريكيين فيها بعضاً من تهديد وبعضاً من تمني بعدم القيام بشيء ضد ايران وذراعها الرئيسي في الاقليم وهو حزب الله .
إذن، في كلمته وجه رسائل متعددة للاطراف المحلية والاقليمية والدولية، مفادها ان حزب الله وايران ليسا معنيين بتفاصيل العملية، بل فقط بالدفاع عن مصالح ايران، وفي ذلك رسالة تطمين للولايات المتحدة مع بعض الوعيد التي تتقن فن استعماله ايران.
اما عن حديثه في وحدة الساحات والمقاومة الاسلامية في العراق واشتراك الحوثيين في إطلاق الصواريخ والمسيرات هو من باب الكلام المقصود منه ان نظرية وحدة الساحات لا زالت قائمة على الرغم من انفراد حماس بقرار التخطيط والتوقيت والتنفيذ دون الرجوع الى قائدة محور الممانعة والمقاومة ايران .
لذلك اعتبر البعض ان في ذلك عتب ونفض يد ايران من تبعات عملية “طوفان الاقصى” ونتائجها لاحقاً، مع ان ايران وعبر وزير خارجيتها وما يقوم به من زيارات ومتابعات هو فقط لمحاولة جني ثمار معركة غزة وتوظيفها في السياسة الايرانية على حساب غزة واهلها ودم شعبها، مع العلم انه باللحظة التي تدور فيها المعارك على اشدها على ارض غزة وما تنتجه من مجازر بحق اهل غزة، تجري مفاوضات ايرانية ـــ امريكية في مسقط ” عُمان ” حول الملف النووي الايراني وقضايا أُخرى تهم البلدين .
اهم ما ورد في الكلمة، وهو ما اراح اللبنانيين اي قرار عدم التصعيد والدخول في حربٍ شاملة وهذا ما اعطى اللبنانيين فرصة جديدة لعدم تعرض بلدهم للدمار والخراب بعد ما شاهدوه من دمار ومجازر في حرب اسرائيل على قطاع غزة والفلسطينيين، وفي ذلك رسالة تطمين للداخل اللبناني مع ترك الباب مفتوحاً حين قال :ان التصعيد في العمليات التي تجري على الحدود الجنوبية مرتبط بأمرين:
ــــ ما يجري في غزة من تطورات .
ــــ حماقة يأخذها العدو الصهيوني باتجاه لبنان .
وهنا لا بد من ضرورة القول أن اسرائيل حريصة على عدم الانجرار الى حرب شاملة على حدودها الشمالية، لانها تضع كل تركيزها واهدافها في قطاع غزة حتى لا تفتح جبهة ثانية تُشغلها عن هدفها الرئيسي في غزة .
إذن وباختصار وعدا عن اعترافه بعدم تنسيق حماس مع ايرن وحزب الله في التخطيط والتوقيت والتنفيذ وفي ذلك عتب كبير وكأنه يقول نحن نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين ونحن لا دخل لنا بما يجري من حرب على غزة كانت سببه حماس وحدها فلتتحمل المسؤلية، وكذلك رسالة واضحة للامريكيين، بأننا نحن من يملك ناصية الأمور وضبطها وكذلك الحلول في المنطقة فتعالوا فاوضونا وسلمونا المنطقة .
وباختصار شديد كانت الكلمة اقل من المتوقع وما رًسم لها من هالةٍ ووقار كبيرين، وترك الباب مفتوح لاطلالته الثانية في يوم الشهيد لحزب الله في ١١ نوفمبر القادم، وما اطلالته بالامس سوى لتأبين شهداء حزبه الذين سقطوا في المواجهات الدائرة على ارض الجنوب تحت مُسمى شهداء على طريق القدس.