“القرار 1701” والوعي المتأخر على تطبيقه
حسين عطايا
مضت سبعة عشرة عاماً على صدور “القرار 1701” إثر الحرب الاسرائيلية على حزب الله، والتي دفع ثمنها لبنان بشعبه وحكومته، من دون أن يكون لهما أدنى اتصال في تلك الحرب، عدا عن كونها تدور على أرض لبنان وتقتل مواطنيه العزل، والذين دفعوا ثمن تلك الحرب بأكثريتهم، حتى المؤيدون منهم لحزب الله، والذين يُطلق عليهم وصف “البيئة الحاضنة”.
يوم انتهت تلك الحرب تدفقت المساعدات، التي هي من حق الشعب اللبناني، إنما الذي استفاد منها كات هي “قوى الأمر الواقع”، التي تمتلك حصرية تمثيل الجنوب ومواطنيه المنتمين للطائفة الشيعية، وتم توزيع المساعدات على المحاسيب والأزلام والأتباع، دون حسيبٍ أو رقيب. وسببت تأخر لبنان وعودته لعقود للوراء، بينما الدولة اللبنانية بأجهزتها العسكرية والمدنية “شاهد ماشفش حاجة”.
طوال هذه الفترة الممتدة على سبعة عشرة عاماً كنا نسمع بين الحين والاخر ، وخصوصاً عند استحقاق التجديد للقوات الاممية المكلفة تنفيذ القرار 1701 بعضاً من مقولات وتصريحات حول ضرورة تطبيق ذاك القرار .
ولكن ومنذ أن بدأت المناوشات الحدودية في الثامن من اوكتوبر بين الكيان الاسرائيلي وقوات حزب الله على جانبي الحدود اللبنانية الجنوبية، على إثر عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بدأنا نسمع وباضطراد عن ضرورة تطبيق القرار 1701، وبدأت حركة دبلوماسية نشطة تتحدث عن هذا الموضوع، وبدأت حركة الموفدين الامريكي أولاً “عاموس هوكشتاين” وموفدين فرنسيين حتى حضر ثلاثة وفود في اسبوعٍ واحد وسيليها وفق المعلومات التي رشحت عن الموفدين بأن زيارة رابعة من قِبل وزيرة الحارجية الفرنسية كاترين كولونا الاسبوع المقبل لتتوج تلك الحركة .
كان بداية هذا الحراك مع زيارة كبير المستشارين للأمن والطاقة في البيت الابيض عاموس هوكستين والذي وصل وقام بزيارات لعددٍ من المسؤلين اللبنانيين والهدف من زيارته ذو شقين:
الأول، رسالة للقادة اللبنانيين بضرورة الحديث مع حزب الله على تخفيف الضغط على الحدود الجنوبية حتى لا تتطور الى حربٍ شاملة.
والشق الثاني، يتعلق بجس النبض حول تحريك موضوع الترسيم البري للحدود الجنوبية بين لبنان والكيان الاسرائيلي وتم طرح أكثر من اقتراح وصل بها الأمر الى الحديث عن انسحابات في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والهدف بالطبع ليس حماية لبنان بقدر ما هو حماية ربيبة الولايات المتحدة إسرائيل.
ومن ثم تلاه زيارات الموفدين الفرنسيين وهم على التوالي:
* زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، الذي قام بجولات عديدة لم يستثني منها حتى كتلة الوفاء للمقاومة التي تتبع حزب الله حيث زار رئيس الكتلة محمد رعد.
وكان دافع الزيارة الرئيسي الحفاظ على سقف محدود للأشتباكات على طرفي الحدود الجنوبية، وضرورة منع الفراغ في قيادة الجيش حيث ابلغ الذين التقاهم عن رغبة الدول الخمس التي تُتابع موضوع الفراغ الرئاسي على ضرورة منع حدوث الفراغ بقيادة الجيش وحث الجميع على التمديد للقائد الحالي العماد جوزف عون.
*غادر لودريان، وحط في اليوم الثاني زائراً فرنسياً اخر هو برنار ايميه رئيس المحابرات الفرنسية وهو اتى بعد زيارة للكيان الاسرائيلي، ووفق المعلومات أن زيارته اتت بعد سماعه ورؤيته لما يُحاك للبنان من مشاريع تدميرية في حال تطورت المناوشات إلى حرب، او نتيجة لهزيمة إسرائيلية في غزة قد يضطر القادة الصهاينة التعويض عنها في لبنان.
وفي زيارته هذه التقى ثلاث شخصيات لبنانية فقط، وهي رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في زياراته هذه ابلغ الذين التقاهم خطورة الوضع جنوباً وما سيتبعه من تأثير على لبنان عامة، وضرورة ايصال الرسائل لحزب الله ، وهذا ما استدعى وليد جنبلاط لطلب حضور وفد حزب الله الى كليمنصو حيث ابلغهم الرسالة الفرنسية وخطورتها على لبنان، وضرورة التعقل، لان ايميه يعرف بأن الشخصيتين الذي زارهما غير جنبلاط يمكن ان يُقصروا بتبليغ الرسالة بحذافيرها بالنظر الى قربهم من حزب الله وتابعيتهم له.
* هذا من ناحية رئيس الاستخبارات الفرنسية، وعلى إثر مغادرته حط وفدُ فرنسي رفيع المستوى يتألف من شخصيتين لهما ثقل ووزن في الدوائر الفرنسية وهما:
المدير العام للشؤن السياسية والامنية في وزارة اوروبا والشؤن الخارجية فردريك موندولوني، والمديرة العامة للعلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الجيوش الفرنسية اليس روفو، واهمية الزيارة تكمن في انهما طرحا جدياً مع من التقوا وهما:
وزير الخارجية عبدالله ابوحبيب عن صعوبة المرحلة، ومن ثم طرحوا الامر مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خطورة المرحلة وامكانية البدء بتطبيق القرار 1701 مع رزمة حلول على صعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والمنطقة المحتلة من خراج بلدة الماري “شمال قرية الغجر” وباقي النقاط الثلاث عشرة المتحفظ عليها من قِبل لبنان، وابلغوا من التقوهم عن زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الايام القادمة لمتابعة المواضيع التي تم طرحها، وهذه الزيارات الهدف منها السعي لترتيب اوضاع لبنان الحدودية ومنع الفراغ في قيادة الجيش، بعد ان تأكد الفرنسيين أن الفراغ الرئاسي طويل ومُعقد، ومن ناحية ثانية السعي للحفاظ على الدور الفرنسي في لبنان والمنطقة وهذا ما شكل نوعاً من التحفظ والامتعاظ من قبل الادارة الامريكية.
ومن ناحية ثانية، يستعد كبير المستشارين في البيت الابيض والذي كان له الدور الفعال في الوصول الى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، لزيارة في الفترة القريبة القادمة، والهدف منها التخفيف من الدور الفرنسي، وتفعيل دور الولايات المتحدة وتعول الادارة الامريكية على دور هوكشتاين في التوصل الى حلحلة ما فيما يخص الحدود البرية، في التوصل لحل ما في موضوع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر والتي تتبع عقارياً لبلدة الماري الجنوبية في قضاء حاصبيا وباقي النقاط الثلاث عشر التي كان قد تحفظ عليها لبنان سابقاً والتي تُشكل ازمة حقيقية حدودية وهي مبرر وسبب وجود حزب الله وسلاحه، وهذا ما يخلق حالة جديدة تُبرر ابعاد سلاح حزب الله وكتيبة الرضوان عن منطقة جنوب الليطاني وهو بيت القصيد في البدء بتطبيق جدي وفعال للقرار 1701، والتي تضع ثقلها الادارة الامريكية لحلحلة الموضوع الحدودي، كونهُ يُشكل حلاً مستداماً للوضع على الحدود الجنوبية، ويًشكل استراحة للمناوشات والحروب القادمة وبالتالي يستطيع ايجاد حلول لسكان المستعمرات الشمالية لفلسطين المحتلة، حيث يضع هؤلاء المستوطنين شرطاً للعودة هو إبعاد حزب الله عن الحدود وتطبيق القرار 1701.
وبالتالي تعول الادارة الامريكية على نجاح مهمة موفدها هوكشتاين، كونه نجح فيما سبق بترسيم الحدود البحرية وهو كان من الصعوبة بمكان تزيد عن ازمة الحدود البرية ، وفي ذلك تطبيق فعلي للقرار 1701، وإنهاء لحالة العداء فيما بين لبنان والكيان الاسرائيلي وفقاً لوجهة النظر الامريكية والتي تعمل وتسعى دوماً لحماية اسرائيل والحفاظ عليها وعلى مصالحها.
بذلك، يتظهر لكل من لازالت الغشاوة على عينيه ان اسرائيل تًشكل ولاية غير مسجلة من ضمن الولايات الاثنين وخمسين التي تتشكل منها مساحة الولايات المتحد الامريكية وهي الوحيدة “اي اسرائيل” ولاية لا تدفع ضريبة للإدارة المركزية بينما تستفيد من إعانات على مختلف الاصعدة عسكرية ومالية من دافعي الضريبة الامريكيين دون ان تلتزم بايٍ من الواجبات التي تلتزم بها بقية الولايات الامريكية، وقد تكون الافادة مشتركة للبنان بوضع حد لسلاح حزب الله وذلك يُشكل استراحة لاهل الجنوب خاصة واللبنانيين عامة لعيش حالة طبيعية كباقي شعوب الارض.
Visited 16 times, 1 visit(s) today