شراكة بين الرجعية العربية والامبريالية الغربية
عبد العلي جدوبي
ما سبب صمت مليار وسبعمائة ألف مسلم وتجاهلهم المجازر البشعة، التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة يوميا؟
الدول العربيه بتجاهلها هذا، تمنح الكيان الإسرائيلي مساحة للقيام بالمزيد من الجرائم اليومية في حق الفلسطينيين..
هل انتهت صلاحية الأنظمة العربية كما يقول منظرو السياسات الاستراتيجية في الغرب؟
والظاهر أن الموقف العربي الرسمي انسلخ عن التاريخ والأحداث الجارية، وظل منزويا وراء القرارات التي قد تصدر عن واشنطن، حتى يتمكن الإعلام العربي الرسمي من”التعبير” عما تمليه عليه تلك القرارات الأمريكية، وعلى ضوئها يوجه خطاباته الصدئة المشروخة، التي لا تعدو أن تكون عبارة عن رسائل واستعطاف لوقف إطلاق النار في غزة!! وأيضا لا تخلو تلك الرسائل من “التنديد اللفظي” بما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية في عدوانها على أهالي غزة.
والحقيقة المؤكدة، أن قضية فلسطين والحرب على غزة عرت المنظومة العربية الهشة، والتخاذل العربي الإسلامي الذي انطفأ في جغرافيته إشعاع الحضارة في الشرق، وسطوعه في الغرب مع فجر الحداثة والتقدم التكنولوجي والعلمي والمعرفي. كما عرت قضية فلسطين أيضا المنظومة الدولية في جوانبها السياسية والأخلاقية والحقوقية بفعل تواطئها مع آخر الظواهر الاستعمارية!
المطبعون ومن معهم بدأوا مند الأسبوع الثاني من العدوان الإسرائيلي يلقون اللوم على المقاومة الفلسطينية (حماس) من الحرب، بل ومنهم من اعتبر أن يوم “السابع من أكتوبر” يعد كارثة على فلسطين، واعتداءً سافراً على أمن أسرائيل!! لكن بعدما تكبد الجيش الاسرائيلي – الذي لا يقهر – خسائر بشرية وفي المعدات، انضم المطبعون ومن معهم إلى جوقة الصامتين، المتخاذلين، الذين ظلوا ينتظرون في ذهول ما قد يحدث بعد أزيد من تسعه أشهر من الصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية!
قال محللون وباحثون أكاديميون أن الأنظمة الرسمية العربية، ليس مطلوبا منها إرسال جيوش لتحارب في قطاع غزة، المطلوب هو اتخاذ موقف عربي شجاع موحد لإنقاد ما يمكن إنقاذه، من أطفال ونساء وشيوخ أهل غزة، من البطش الإسرائيلي، وذلك من خلال قرارات ومواقف مسؤولة..
نحن نعرف أن ما يجري في غزة الآن يدخل في إطار استراتيجية عالمية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب قبل ربع قرن، بهدف صياغة المنطقة على أساس إثني أو مذهبي، فهناك شراكة بين الإمبريالية الغربية والرجعية العربية، التي هي في الواقع أنظمة وظيفية تتحكم فيها القوى الكبرى المهيمنة في العالم، وإلا كيف نفسر أن مطالب العديد من الشعوب العربية، التي خرجت في تظاهرات حاشدة في عدة بلدان عربية وإسلامية، تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل، أو وقف التطبيع، لم تلق أي استجابة من حكوماتها العربية، ولم تستجب تلك الحكومات لأصوات شعوبها.
الأنظمة العربية، مع كامل الأسف، تفسخت أو أصبحت تابعة بفعل الضغوطات الاقتصادية، والسياسات الغربية، كما أن التحالفات الدولية والإقليمية، أخلت بالمنظومة العربية في مجابهة الأزمات الداخلية والخارجية وضاعت منهاالبوصلة.
لقد صمت المطبعون والهامشيون، مع مرور شهور العدوان الإسرائيلي على غزة، من إلقاء اللائمة على المقاومة الفلسطينية حماس، وتحميلها المسؤولية عما حدث ويحدث، وفي هذا هروب مفضوح في مواجهة الحقيقة، حقيقة شعب سلبت منه أرضه بالحديد والنار لأزيد من خمسة وسبعين سنه، وظل محاصرا يقاوم بوسائله البسيطة المتاحة له العدوان الإسرائيلي، واستطاع الصمود والبقاء!
عدد من دول أمريكا اللاتينيه التي لا تجمعها مع فلسطين لا أعراف ولا دين، انتفضت ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية، ونددت بما يقترفه جيش الاحتلال الإسرائيلي من مجازر واغتيالات، بل وهناك من بين دول أمريكا اللاتينيه من قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل تضامنا مع أهالي غزة ومع فلسطين، كما أن جيل الشباب في كل جامعات العالم وقفوا بشعاراتهم وباعتصاماتهم نصرة لفلسطين، أما الدول الإسلامية والعربية فظلت بمنأى عن الأحداث، وكأنها تنتظر عما قد تسفر عنه الوقائع المتلاحقه ، وتراقب الوضع في ذهول!!
إن الأمة العربية والإسلامية تعيش الآن حالة من موت الضمير ، ومن موت الشعور، ومن موت البصيرة!
Visited 102 times, 1 visit(s) today