الاحتضان الدولي والعربي للبنان يتبلور في انتخاب رئيس للدولة
أحمد مطر
أخيراً الضغوط الدولية حسمت أوفعلت فعلها، حيث ما كان محالاً خلال سنتين وشهرين من الفراغ أصبح واقعًا، وعليه تجاوبت أكثرية النواب مع المساعي العربية والدولية لانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً، بعد مناورات سياسية، وبهلوانيات حزبية، كادت أن تهدر الفرصة الذهبية المتاحة، عبر الاهتمام الاستثنائي الذي أظهرته عواصم القرار العربي والدولي بالوضع اللبناني، والحرص على الحفاظ على لبنان الدولة والجمهورية والكيان، رغم كل ما يعانيه من مشاكل معقدة وأزمات مستعصية، ضاعفت تفاعلاتها تداعيات الحرب الإسرائيلية المدمرة.
مما لا شك فيه لقد ترك انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون، رئيساً للجمهورية، بعد تعطيل الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين عمداً بقوة هيمنة قوى الامر الواقع تحت عناوين، إجراء حوار مسبق بين الاطراف السياسيين تارة، أو بانتظار انهاء حرب غزة تارة أخرى، أو فرض مرشح للرئاسة فرضا طورا وبعد حرب إسرائيلية واسعة النطاق ومدمرة على لبنان، تسبب بها الحزب بإشعالها على طول الحدود اللبنانية الجنوبية ضد إسرائيل، بحجة مشاغلة قوات الاحتلال الإسرائيلي عن حربها العدوانية على قطاع غزة، باحياء آمال اللبنانيين، بوقف مسار انهيار المؤسسات وتحلل مؤسسات الدولة، وإعادة النهوض بها من جديد، بالرغم من كل الأزمات والمشاكل التي تعصف بلبنان حاليًا.
يتسلم العماد عون الرئاسة الأولى في هذه الظروف الصعبة، ولبنان منشغل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لقسم من أراضيه جنوبا والتحضير لإعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية العدوانية ضده، وغارق في سلسلة أزمات وتحديات، لخص معظمها في خطاب القسم، ومحملاً العهد برئاسته، جبلاً من الوعود التي تهم وتضغط على المواطنين في حياتهم اليومية، وتقلق تطلعاتهم إلى ديمومة الوطن ومستقبله ووحدته وأمنه واستقراره، وإعادة العافية إلى اقتصاده.
بالطبع لن تكون مهمة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في مهمة انقاذ لبنان من أزماته سهلة، وطريقه ليست خالية من مطبات وتراكمات الطبقة السياسية الفاسدة الموروثة على كل المستويات، ولكنها ليست مستحيلة، وقد خبرها منذ توليه قيادة الجيش، وتصدى لبعض ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، ونجح في مواجهتها.
وبانتخابه إنتصرت إرادة التوافق التي شكلت غطاءً دستورياً للعملية الانتخابية بتأييد أوسع قاعدة نيابية ممكنة، وفتحت أبواب الإنقاذ على مصراعيها، عبر إعادة الاعتبار للسلطة الشرعية، واستعادة الهيبة المفقودة للدولة، واسترجاع الثقة العربية والدولية بدور لبنان العربي، وبقدرات اللبنانيين على النهوض من الكبوة الراهنة بأبسط الإمكانيات الممكنة، شمس الدولة ستشرق من جديد مع انطلاقة العهد الجديد .
ختامًا بعد أن أقفل عهد الرئيس العماد ميشال عون أي نافذة ولو صغيرة في ملف العلاقة اللبنانية السعودية، فهل ينجح عهد الرئيس العماد جوزيف عون في فتح نافذة أمل واسعة على إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية ويُعيد الدفء إلى العلاقات اللبنانية العربية ومع المملكة العربية السعودية تحديداً… الجواب ستحمله الجلسة النيابية اليوم .