شيرين أبو عاقلة: صوت فلسطين والحقيقة

شيرين أبو عاقلة: صوت فلسطين والحقيقة

د. خالد العزي

لا شك بأن اغتيال الصحفية  الفلسطينية – الامريكية،  شيرين ابو عاقله جريمة بحق الاعلام الفلسطيني والعربي من قبل العدو الصهيوني الذي اتخذ قرار بتصفية الإعلاميين، لعدم الرغبة بنقل الوقائع التي تمارس من قبله بحق الشعب الفلسطيني، وقد بات هذا النهج من قبل الكيان  بتصفيته الإعلاميين واضحا.

بغض النظر عن أن مهمة الصحافي مهمة صعبة، سيما في تغطية الأحداث الميدانية، إذ ان احتمالات تعرضه للمخاطر في مناطق  الصراع والأزمات الخطرة كبيرة، لكن حالة شيرين ابو عاقلة التي ذهبت كالعادة للتغطية المباشرة من قرب مخيم جنين  في فلسطين تختلف، وذلك  للعديد من الأسباب التي تؤشر الى ان إغتيالها مقصود وهي كانت مستهدفة، كونها أزعجت الاحتلال كثيرا بنقلها  للأحداث ولتغطيتها الدائمة والمميزة طوال فترة عملها الصحافي الطويل في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في أحداث القدس الاخيرة، حيث باتت تشكل معلوماتها  وتقاريرها المصورة نقطة إرتكاز للصحافة العالمية،  إذ اعتبرت مصدرا مهما للعملومات الصادقة التي تلتزم فيها بثالوث العمل الصحافي (الانية المصداقية والموضوعية) ، مما جعل تقارير شيرين الصحافية، تدل على إنها  صحفية لها قدرة على نقل المعلومات وإرسالها للمتلقي بوضوح، بما تحمله من حقائق وصدق وأمانة للمعلومة التي يفتقدها العالم الخارجي عما يحدث ويمارس في فلسطين.

شيرين استطاعت ان ترفع قضيتها الى خارج الحدود، مستفيدة من جنسيتها الأمريكية ولغتها الإنجليزية من إيصال الصوت الفلسطيني الى العالم، والأهم  من كل ذلك، غنها تميزت عن بقية زملائها بانها  تحمل صوت الاعتدال في نقل الاخبار والاحداث وجعل المعلومة مؤثرة في الجهة المرسلة إليها، حيث اصبحت مصدا مؤثوقا لنقل المعلومة واستخدامها في الصحافة الخارجية.

لا يهمنا ماذا يقول الطرف الاسرائيلي في بياناته المتعددة التي يشوبها الغموض، ويسيطر عليها الارتباك، لأنه غير قادر على تبريره للجريمة التي إرتكبت بحق صحافية تعمل في مؤسسة قطرية، تحمل جنسية  أمريكية، وترتدي ثياب الصحافة وتحمل الميكروفون، وعلى رأسها الخوذة، وتملك تصريح للتنقل من المؤسسة الاسرائيلية المعنية، فكل هذه المؤشرات لم تحم الاعلامية من الاستهداف “المتعمد”، الذي نفذته طلقات القناص الإسرائيلي في منطقة جنين، لأن  قرار تصفيتها  واغتيالها كان متخذا من قبل العدو لما شكلته هذه الاعلامية من خطر حقيقي على الدعاية والسياسية والدبلوماسية العبرية في الداخل والخارج.

شيرين، الصحافية الملتزمة بقضية بلادها، وشعبها رفعت شعارها الدائم في كشف اعمال العدو الارهابية بالصورة والصوت من خلال نقلها للأخبار المختلفة  التي يمارسها العدو في فلسطيني  المحتلة، فكانت دائما مميزة في التغطية الاخبارية،  وصوتها  ناطق بالحقيقة، لتصبح بالنهاية الخبر الذي سيطر على الشاشات المحلية والعربية والعالمية.

شيرين أبو عاقلة العربية الفلسطينية، المسيحية إبنة بيت لحم، الشهيدة المعتدى عليها التي اغتيلت بايادي صهيونية  وشيعت بــ “صرخات وهتافات اسلامية  وحمل نعشها على الأكتاف الاسلامية، رفضا للجريمة، ودقت الاجراس من اجلها في كنائس القدس، لانها فلسطينية وطنية مناضلة من أجل شعبها، هذه المشهدية نراها فقط في فلسطين، وهذا الصرخات والهتافات اقل شئ  قد تكافأ عليه  الاعلامية  شريين التي رفضت مغادرة بلدها المحتل والسفر الى الخارج والاستفادة من جنسيتها الثانية، فشيرين كانت تعلم ان البقاء في أرضها والتصدي للعدو هو المطلوب، لان العدو يريد إبعاد الفلسطينيين عن ارضهم.

والقضية أخطر  من اغتيال صحفية  تتميز بكثير من المواصفات التي يجمع عليها الجميع، فالمسألة هي اغتيال العمل الصحافي في فلسطين ومنع نشر الاخبار و الحقائق في الخارج عما يجري هناك وإيصالها للعالم. القضية تكمن في  ترهيب الجسم الإعلامي بهذه التصرفات الاجرامية البشعة التي تمارس ضد  الجسم الاعلامي من قبل العدو.

من هنا بات علينا جميعا وعلى الجسم الاعلامي الفلسطيني التفكير الجدي بكيفية منع العدو من تحقيق رغباته ومنع التغطية ونقل المعلومات من الاراضي الفلسطنية والتواصل مع المجتمع الدولي والمناصرين للشعب الفلسطيني والمؤسسات الإعلامية العالية.

ان التفكير الجدي في كيفية التصدي للمشروع العبري يكون من خلال تطوير الجسم الإعلامي الفلسطيني، وتطوير أدوات التخاطب الفلسطيني مع مؤسسات المجتمع العالمي  في تطوير البث الإعلامي بلغات اجنبية تنقل بالصوت والصورة الاجرام والارهاب الاسرائيلي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، وعدم السماح لاسرائيل بالالتفاف على هذه الممارسات الارهابية من خلال الدعاية الصهيونية المغلفة  بالعداء للسامية والتفرد بممارسة الهولوكوست ضد الشعب الفلسطيني لتضليل العالم.

اليوم نحن باشد الحاجة  الى بناء استراتيجية اعلامية فلسطينية هادفة  تحمل في طياتها ثلاثة أمور: المحافظة على نقل  المعلومات للخارج، التكلم بلغات العالم، وبناء دعاية موازية للدعاية الصهيونية تفضح اكاذيبها.

لتكون دماء شيرين ابو عاقلة نقطة انطلاق لمتابعة خطها وقضيتها في حماية الشعب الفلسطيني  وفضح مخططات العدو ومنع ترهيبه للاعلاميين، ولنجعل حلم شيرين وصوتها دائما في أذهان العالم ولتكن إطلالتها الدائمة على الشاشة الصغيرة  مكن مميز لكل الصحافيين العرب الذين يؤمنون بقضية شيرين وشعبها، فالطريق طويلة ومعبدة بدماء المناضلين.

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني