العادات الحياتية والأسرية الروسية.. تقاليد وطقوس الولادة والزواج والوفاة

العادات الحياتية والأسرية الروسية.. تقاليد وطقوس الولادة والزواج والوفاة

د. زياد منصور

     تساعد التقاليد الأسرية المتوارثة من جيل إلى جيل على تقوية الروابط الأسرية وخلق شعور بالاستقرار. ترتبط الطقوس الشعبية بولادة الأطفال، والتعميد، وحفلات الزفاف، والجنازات..

ولادة الطفل في العادات الروسية

ارتبطت العديد من المعتقدات والطقوس بسر الولادة في روسيا، لكن بقيت منها القليل في يومنا هذا. منذ عدة قرون، كانت المرأة التي تلد للتو تعتبر نجسة، لذلك كانت تتم قراءة الصلاة عليها. إذا ولدت ذكراً، كانت لا تستطيع زيارة المعبد حتى اليوم الأربعين، إذا كانت أنثى، فإن مدة الانقطاع عن المعبد ثمانين يوماً. تبدو التقاليد الحديثة مختلفة، فمعظم النساء الحديثات يلدن في المستشفيات بمساعدة الأطباء والقابلات. قلة من الناس وفي القرى يعتمدن على الداية في المنزل، ويدعون قابلة كمساعدة (كانت تسمى سابقاً العجوز القابلة).

 ما الذي يجب فعله عند ولادة الطفل:

كيفية إعداد المستندات والحصول على المزايا والمساعدات

    غالبًا ما يتم خروج الأم وطفلها من مستشفى الولادة رسمياً في جو احتفالي، مع أهمية التقاط الصور، وتصوير الفيديو باعتباره حدثاً استثنائياً في الأسرة والزينة بالبالونات والزهور. من المعتاد أن يقدم الآباء الهدايا.

   ترتبط إحدى العادات الجديدة بالتعبير عن الرغبة والتمني في معرفة جنس الطفل، في حفلة قبل الولادة – تسمى حفلة جنس الطفل. هنا يقوم آباء المستقبل بقص الكعكة أو ثقب البالونات كي يفرقع، لمعرفة   بمعرفته ألوان ما يحتويه البالون من أوراق ملونة، ليكتشف من ينتظر -صبياً، أم بنتاً، الأزرق يعني أن المولود سيكون صبياً، اللون الزهري يعني أن المولود القادم هو بنت.

معمودية الطفل

وفقًا للتقاليد الأرثوذكسية الروسية، يتم تعميد الطفل في طفولته، بعد أن يتم اختيار الكنيسة والعرابين. بمباركة الكاهن، ويتم عودة مصور فوتوغرافي أو مصور فيديو إلى الاحتفال. كقاعدة عامة، بعد حفل المعمودية، يعود الضيوف وعائلاتهم إلى منازلهم للاحتفال بالمعمودية وتقديم الهدايا: أيقونة القديس الراعي، وملعقة فضية منقوشة، ولعب الأطفال، والملابس، والمال، إلخ.

في العادة يعد التحضير لمعمودية الطفل عملية فيها الكثير من المسؤولة، يجب خلالها مراعاة بعض التقاليد والقواعد. يجب أن يستعد والدا الطفل وعرابه المستقبليون للقربان. لكي يُقبل الطفل في حضن الكنيسة، يكفي عراب للصبي أو عرابة للفتاة. يجب التعامل مع اختيار العرابين بمنتهى الجدية، لأنهم سيعتنون بالطفل على قدم المساواة مع والديه.

يجب أن يبدو كل الحاضرين في حفل التعميد متناسبين وأهمية هذا الحدث: يجب على النساء تغطية رؤوسهن بغطاء الرأس وارتداء تنورة متوسطة الطول، ويجب على الرجال ارتداء بدلة أو ملابس أخرى مناسبة في الكنيسة. يجب على جميع المشاركين في المعمودية ارتداء صليب صدري. قبل الاحتفال، يُنصح بتوضيح ما إذا كان التصوير الفوتوغرافي وتسجيل الفيديو لهذا الحدث الهام مسموحًا به في الكنيسة، حيث لا يوافق جميع رجال الدين على مثل هذا التدخل في مثل هذا العمل الحميم. يجب أن تكون ملابس تعميد الطفل خفيفة ومريحة. قمصان ومناشف المعمودية الخاصة هي الأفضل لهذه الطقوس. غالبًا ما تُترك كتذكار لأنه يُعتقد أنها يمكن أن تخفف من حالة الطفل المريض، الذي يجب تنشيف جسده بمنشفة معمودية رطبة.

ويعتقد أن الأب والأم هما المسؤولان عن التربية الروحية للطفل ونضجه المسيحي، ولذلك عادة، من ما يتم تنفيذ هذه الطقوس من اليوم الثامن إلى اليوم الأربعين من حياة الطفل الذي سيتم تعميده، لأنه في هذا الوقت يكون تحت حماية الرب ويتم تطهيره منذ نعوم أظفاره من الخطيئة. في العصور القديمة، تم تحديد هذه الفترة من خلال الوفيات المبكرة للأطفال الصغار من الأمراض، وكان مصير الطفل غير المعمد، وفقًا للأسطورة، موت روحه. بعد اختيار العرابين، عليك أن تقرر مكان وتاريخ التعميد. يمكن إجراء المعمودية في أي كنيسة تتوافق مع ديانة الوالدين، ولكن لهذا عليك أن تتفق مسبقًا مع كاهنها. عند اختيار الكنيسة، من المستحسن أن تسترشد بمشاعرك الشخصية حول المكان والكاهن. إذا كان كل شيء يناسبك، سيقدم لك الكاهن تعليمات مفصلة حول كيفية الاستعداد للاحتفال والإجابة على جميع أسئلتك.

تسمية الطفل حسب التقويم

يكتسب تقليد اختيار اسم الطفل وفقًا للتقويم شعبية كبيرة. تسمية الطفل وفقًا للتقويم هو تقليد أرثوذكسي قديم. فالتسمية تكون نسبة إلى القديسين (الأشهر)، وفقاً لتقويم وسجلات أيام ذكرى القديسين وأعياد الكنيسة. كقاعدة عامة، يعتقد الآباء الذين يختارون اسمًا لطفل وفقًا للتقويم أن القديس الذي سمي الطفل على شرفه سيكون راعيه السماوي والملاك الحارس والشفيع، وسيحميه من جميع أنواع المشاكل طوال حياته. من هنا نجد أن أكثر الأسماء انتشاراً هي أندريه، سيرغي، والقديسين الروس فلاديمير، وقسطنطين، وفلاديسلاف، وإيفان وغيرهم من الأسماء المخلدة في الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية.

عادات العرس وحفلات الزواج

حفل زواج

يتم الاحتفال بميلاد عائلة جديدة في روسيا على نطاق واسع ووفقًا لنمط ثابت، وتبدأ هذه الطقوس بسلسلة من التقاليد ، أبرزها حفل الخطوبة (سفاتوفستفو)، وهو حفل مميز واستثنائي عندما يطلب العريس من والدي العروس بركات الزواج. فالعائلتين اللتان قررتا التقارب تجتمعان على المائدة غنية، وتناقشان تفاصيل الاحتفال القادم. في العالم الحديث، إجراءات الخطوبة بدأت تدريجيًا تصبح شيئًا من الماضي.

الخطوة الثانية هي دفع المهر (بيردانويه)، فالمهر الغني يمكن أن يجعل الفتاة عروسا محسودة. كلما زاد عدد الأشياء المقدمة كمهر (الزينة والأدوات المنزلية والملابس وما إلى ذلك) التي أعدها الوالدان للزفاف المقبل زادت فرص العثور على العريس.

 هناك قول مأثور في روسيا، يقول:” أحببت إذن تزوج”!! حقيقة الأمر نادرًا ما تستخدم كلمة “المهر” في روسيا، وكقاعدة عامة، يتم توفير المساعدة المالية للشباب من قبل والدي العروس والعريس.

ويسبق العرس إقامة حفل توديع العزوبية (ديفيتشنيك)، وهو طقس شعبي عندما تجتمع العروس مع صديقاتها قبل الزفاف للاستمتاع بالساعات الأخيرة من حياة عزوبيتها الخالية من الهموم. في السابق، كان منزل الفتاة أو الساونا في المكان المفضل لهذا التقليد. اليوم تقدم صناعة الترفيه الحديثة خيارات مختلفة: سيارات الليموزين والمقاهي ودور الضيافة والمنتجعات الصحية، إلخ. وهذا الاحتفال يقوم به أيضاً الشبان المقبلين على الزواج، وإقامة حفلة توديع العزوبي بشكل غير تقليدي كي يبقى عالقاً في الذاكرة.

من تقاليد الأعراس ما يسمى الفدية (فيكوب) وهي تختلف عن المهر لدينا في الشرق، وهو جزء من الاحتفال، عندما يتم اختبار براعة العريس الذي جاء إلى عروسه ليأخذها من أهلها. تلتقي الصديقات والفتيات من السكان الأصليين بالضيوف ويعرضون اجتياز الاختبارات. إذا لم تتمكن من التعامل مع المهمة، فيجب أن تفدي بالمال، ومنها شرب كأس من الماء الشديد الملوحة، والهدف اختبار قدرة الزوج على تحمل مصاعب الحياة، واختبار البحث عن حذائها في المنزل كي لا يفقد عروسته في حياتهما الزوجية، ودفع مبالغ من المال، ما يسمى الكنز من الفضة والذهب وهو يرمز إلى العملة المعدنية أي الكوبيكات الفضية والنحاسية كي يلد أطفال العروسين أقوياء وبصحة جيدة، وقيام اختبار يؤديه الإشبين والإشبينة وصديقات العروس ،بطرح الأسئلة كدليل على محبته لعروسته.

ومن الأمثلة على هذه الأسئلة “أين هو المكان الذي التقيت خطيبتك به؟ ما هي روايتها المفضلة؟ إضافة إلى الأسئلة جميعها، يجب على العريس القيام بأي عملية يفرضها عليه معارف وأهل العروس، كأن يُطلب منه معرفة عروسه من بين فتيات أخريات متنكرات، ويقوم بعض أصدقاء العريس بمساعدته في إنجاز تلك الاختبارات، لإظهار جو تحدي مسلي ينتهي بإنجاز العريس لجميع المهمات والفوز بعروسته.

ومن الأعمال الأخرى كسر الزجاج، يعتبر تقليد تكسير الزوجين لإناء زجاجي في زفافهما مهم جداً، فتحطيم الأواني الزجاجية يشير إلى عدد السنوات التي سيقضيها الزوجان معاً بسعادة، وأيضًا أكل الخبز، تضمن طقوس الزفاف الروسية لعبة يستطيع من خلالها العروسان معرفة من الذي سوف يكون الآمر في المنزل.حيث يتم تقديم قطعة من الخبز لهما، ليقوما بعدها بـتقسيم جزء منه دون استخدام أيديهم، والشخص الذي يأخذ أكبر قطعة من الخبز سيكون “القائد” في الأسرة، ومنها أيضاً عادات النزهة والتصوير: النزهة تلي الإكليل في الكنيسة، حيث يتنزه العروسان في الحدائق ويلتقطون الصور. وهذه الطقوس الممتعة لا تزال شائعة اليوم.

يجب على العريس أن يخرج مبلغ كبير من المال كتبر لأصدقاء العروسة، حتى يتمكن من اصطحاب عروسته للمنزل، وإذا رفض العريس دفع أى مبالغ، تقوم أصدقاء العروس بخطفها أو حجبها عن العريس، ويعتبر هذا التقليد واحداً من أغرب عادات وتقاليد الزواج في روسيا.

وبعد ذلك يذهب بها لصالة الزفاف، ويكون هناك موكب كبير مصاحب للعريس، ويعتبر هذا الموكب واحداً من أشهر العادات والتقاليد لحفل الزفاف في روسيا، ويستمر الموكب في ترداد الأغاني المختلفة والتي تبعث الفرحة والسرور في نفوس العروسين.

بركة (بلاغوسلافينييه)، تقترب والدة العروس أو العريس من الشباب بأيقونة عائلية لتباركهم من أجل زواج سعيد وقوي. يجب على المتزوجين أو العروسين الركوع أثناء سماع حديث الافتراق. تدريجيا، التقليد يتلاشى.

الوليمة (زاستولييه)، يجتمع الضيوف على الوليمة، ويهنئون الشباب، ويقدمون الهدايا للعروسين. بعد كل تمن، تُلفظ كلمة “مر” (غوركا)، وذلك لإزالة الطعم المر من الطعام والمشروب الكحولي.من المعروف أن مذاق الشراب الكحولي مر بعض الشيء، وفي روسيا لإزالة هذا الطعم المرّ بعد شرب النخب سوف يصيح الضيوف “Горько! Горько! ، الذي يعني” مر! مر!، كوسيلة لدعوة الزوجين لتقبيل بعضهما البعض، وهذه القبلة هي الطريقة لإزالة طعم المرارة الذي يخلفه الشراب، والتي تكون بمثابة إشارة لقبلة قوية يجب أن يقوم بها العروسين أمام الضيوف والحاضرين. في العهد السوفيتي، كان يتم ترتيب الوليمة في المنزل، اليوم -في المطاعم والفنادق ومراكز الترفيه، إلخ.

طقوس الجنازة

الجنازة -أكثر الطقوس ثباتا وتحفظًا، والتي ترتبط بالتغيير البطيء للأفكار حول الموت والمهمة الثابتة للجنازة -إعداد المتوفى للحياة الآخرة.

تتكون الجنازات في روسيا من:

 تحضير الجسد للدفن (بروفودي): يتم غسل الميت وإلباسه ثياب جديدة ويغطى بغطاء من الحرير أو الكفن؛

المرحلة الثانية نقل الميت من المنزل، ومن المهم الانتباه إلى أن تكون القدمين أولاً قبل النعش. يعتقد أنه في هذه الحالة فإن المتوفى لن يأخذ معه أيًا من الحاضرين؛ والأهم أن أحدا من أبناء أو أشقاء الميت لا يقوم بحمل النعش كي لا يعود الموت إلى البيت

موكب النعش. يكون في مقدمته رجلاً يحمل صليبًا أو أيقونة، يتبعه عدد من أقارب وأصدقاء المتوفى حاملين التابوت. يتبعه باقي الحاضرين. وكثيراً ما يكون الموكب مصحوبًا بالبكاء والرثاء.

ثم هناك خدمة تذكارية (بونيخيدا) الكنسية والعلمانية. في البداية يقرأ الكاهن المزامير والصلوات لتهدئة النفس وتهيئتها. في الثانية، يتم الوداع عند التابوت حيث يسجى الميت، وأحيانًا بحضور الكاهن؛

أما الدفن فيتم بوضع الميت ورأسه نحو الشرق، وغالبًا ما يتم وضع الصليب عند قدميه حتى “يرى” المتوفى رمز للمسيحية.

قبل بضع سنوات، كان يتم مراعاة جميع هذه المراحل بدقة. الآن فقد بعضها أهميته، حيث يتم تنظيم معظم الجنازات من قبل شركات بالجنازات.

 استذكار المتوفي (بومينكا)، وهو تقليد خاص لتكريم ذكرى الفقيد. الجزء الرئيسي من الاحتفال هو الوجبة عن روح الميت، والتي عادة ما تشمل الأطباق: الكوتيا وهي عصيدة الأرز مع الزبيب والعسل (يعني القيامة والحياة السماوية)، الفطائر (كأحد رموز الموت والبعث) والهلام (يعني طريق المتوفى).

تقام حفلات العشاء الجنائزية عدة مرات: في يوم الجنازة، وفي اليوم التاسع، وفي الأربعين، ويتخللها مائدة لكل المعارف وشرب الكحول ثلاثة مرات على الأقل احتراماً لروح الميت، مع ترداد للأغاني الحزينة، والتمنيات بأن تكون الأرض التي احتضنت الميت كريش النعام لا يشعر إلا بالراحة والسكينة والخلود. 

الطقوس القديمة للموت والتي لا يزال بعضها معتمداً في القرى الروسية

 لا تزال عادة التحضير للموت شائعة.  إذ يعد كبار السن ملابسهم الجنائزية سلفاً، ويتحدثون عن رغباتهم وتمنياتهم المتعلقة، بأين وكيف يدفنون، وطرق الجنازة الاحتفالي.

    من أجل الحفاظ على جثة المتوفى بشكل أفضل، يتم وضع حوض من الماء البارد تحت طاولة أو مقعد، حيث تم إذابة المنغنيز. وتم وضع البيض النيئ بالقرب من آذان المتوفى، والتي تلقى في حفرة القبر أثناء الدفن.

    كان هناك اعتقاد بأن الصابون بعد غسل المتوفى يكتسب خصائص سحرية. وتم تخزينه واستخدامه، عند الإصابة بالأمراض عند البشر والحيوانات. عند المرض كان يتم غسل اليدين بهذا الصابون، ويقولون: “لقد رحل الرجل، فلا شيء يؤلمه، ولن يؤلمني أيضاً أي شيء.”

    في بعض القرى في العمق الروسي، في منطقة بريانسك، كان من المعتاد الجلوس / أو قضاء الليل بالقرب من المتوفى. عادة ما كان يشارك في الجلوس النساء المسنات، اللواتي يعرف الكثير منهن صلاة الكنيسة. يأتي الناس إلى هنا دون دعوة مسبقة. في الساعة السادسة صباحا، تم كشف وجه المتوفى وغسله بالماء المقدس، وتخرج النساء إلى خارج المنزل وينتحبن ويولولن.

   في المقبرة، تلقى العملات المعدنية في القبر، الذي يقوم يحفره بالضرورة من قبل الغرباء، قبل إنزال التابوت — ” يصلون في ” المكان. هنا يقومون أيضا بترتيب الوجبة تذكارية، ويضعون غطاء صغيراً-ومفرش طاولة على القبر، ثم يتم نقلها إلى المنزل. قبل اليوم الـ 40 بعد الموت، لا يمكن غسل مفرش المائدة، وترد الطاولة للكنيسة بعد 40 يوما.

  في منطقة فورونيج، يتم غسل المتوفى وإلباسه ملابسه بعد ساعتين من الموت. كان بإمكان كل من الأقارب والغرباء غسل المتوفى، وكان هناك حظر الغسل فقط على أبناء الأم. كان يعتقد أن هذه المياه اكتسبت خصائص خاصة، ولمسها يمكن أن يؤثر سلبا على الشخص، لذلك يتم سكبها في أماكن لا يستطيع الناس أن يخطو عليها، على سبيل المثال بالقرب من سياج المنزل.

يتم وضع الشخص المتوفى على مقعد ويتم ربط يديه وقدميه.  ويتم تحريره فقط في المقبرة، قبل أن ينزلوا التابوت إلى القبر. يتم تنفيذ الإجراءات السحرية على المتوفى من أجل الحفاظ على الجسم لفترة أطول. على سبيل المثال، تحت المقعد الذي وضع عليه المتوفى، توضع بالضرورة بعض الأشياء المعدنية (غالبا ما تكون فأس أو قفل)، ويقومون بتغطية المتوفى بنبتة القراص.

في الليل، بينما لا يزال المتوفى مسجى في المنزل، لا يسمح بالنوم. في منتصف الليل، تقام وجبة تذكارية، وفي نهايتها تم تغطية وجه المتوفى. وفقا للأفكار التقليدية، فإنه “إذا لم يتم تغطية وجه الميت، فإنه ه لن ينام، وسوف يزعج امن حوله.”

في منطقة سمولينسك، كان يتم قياس طول ساقي المتوفى: إذا كانت ساقه اليسرى أطول، فسيكون المتوفي القادم في القرية -امرأة، وإذا كانت الساق اليمنى أطول فالمتوفي سيكون رجلا.

كانت توضع وسادة تحت رأس المتوفى، والتي كانت محشوة بأوراق جافة من أغصان شجرة البتولا. ويوضع المتوفى على مقعد من القش، مغطى بالكتان الأبيض. بعد الجنازة، يتم نقل هذا القش إلى الحقل وحرقه، ومشاهدة أين سيذهب الدخان: “إذا ذهب باتجاه المنزل، فهذا جيد، ولكن إذا ذهب نحو الحقول، يقولون أن كل شيء سيء، والميت سوف يسحب معه آخرون، والمنزل سيكون فارغاً. أي أن كل أفراده سيموتون.”

بعد أن يتم غسل المتوفى ووضعه على المقعد، يبدأ النحيب والعويل. ولكن تم فرض بعض المحظورات على تنفيذ الرثاء. كان من المستحيل الصراخ في الظلام وخاصة في الليل. لا ينبغي أن تصرخ النساء الحوامل، ” وإلا فإن الطفل سيولد مضطربا ويعاني من الخوف.”

واحدة من المجموعات الإثنوغرافية المحلية للسكان الروس، والتي جذبت انتباه الباحثين في القرن التاسع عشر، هي الغوريون. كانوا يعيشون في الجزء الغربي من منطقة كورسك، في مناطق بوتيفل (وفي وقت سابق في بيلوبولسكي) في منطقة سومي في أوكرانيا. كانت هذه المنطقة جزءا من مقاطعة كورسك حتى عام 1925.

تشمل السمات الأكثر تحديدا للتقاليد الجنائزية للجوريون عادة دفن الموتى في الحدائق، داخل مكان الإقامة.بالإضافة إلى ذلك، تشارك جميع نساء القرية في الحداد على المتوفى. أخطرت رثاء الجنازة الصاخبة جميع السكان بوفاة زميل قروي. تم وضع المتوفى بعد غسله وإلباسه على مقعد، والرجال-يجلسون على الجدار الأمامي للمنزل، بينما النساء-إلى الجانب الأيمن المواجه للفناء. يبدأ النحيب منذ دخول عتبة البيت عند الدخول لتوديع المتوفى. في الموسم الدافئ، يأتي السكان، وفقا لعرف قديم، إلى الجنازة في أوشحة بيضاء.

النوع الموسيقي والفولكلوري الرئيسي للطقوس الجنائزية والنصب التذكارية الحديثة في منطقة شاتورا هي قصائد روحانية. يتم غنائها بالتناوب مع قراءة سفر المزامير قبل الجنازة .. مووايل الموت تنشد  في (اليوم التاسع) ، “اليوم الأربعين” ، “وعند نصف عام” وفي “السنة” (السنة) من يوم الموت.

حفظة الآيات الروحية هم من النساء الأكبر سنا (أكثر من 60 سنة). في الحياة اليومية، يطلق عليهن “القراء” أو “الروحانيات”. (“عندما يجتمع الروحيون، لا يناقشون ما يجري في العالم، لكنهم جميعا يغنون عن الله”، والقصائد نفسها هي “أغاني إلهية”، وأحيانا “قصائد”.

* المراجع من مواقع وكتب إلكترونية عن العادات والتقاليد الروسية

Visited 142 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي