الإفلاس المالي والاقتصادي في لبنان سياسة ورسالة
حسين عطايا
لم يكن يوماً الوصول الى الافلاس المالي والتأزم الاقتصادي في لبنان وليد صدفة او نتيجة مسار قصير الاجل ، بل نتاج سياسات وارتكابات على فترات طويلة ومستمرة .
لذلك ، لم يصل لبنان الى هذا الافق المسدود والمتعثر ، والذي يسير على طريق جهنم وما بعد جهنم خلال ايامٍ او اشهر ، بل نتاج سياسات متبعة على مدى سنوات ، ترافقت مع عجزٍ مالي وازمة اقتصادية بدأت بالتعثر مصرفياً ومالياً نتيجة سياسات مالية خاطئة، بالاضافة الى وجود نقص في تدفقات الدولار الآتية من الخارج واصبح الاستهلاك والاستيراد بالدولار يُشكل عجزاً ، مما دفع الى التعثر بميزان المدفوعات فاختل التوازن وبدأت الازمات تتالى ولا من يبكث عن حلول، بل تفاقمت نتيجة سياسة حزب الله ومن خلفه الوصاية الايرانية في التركيز على الاساءة الى عرب الخليج ودولهم، وزاد بالطين بِلةً، عمليات تهريب المخدرات المنظمة والمدروسة بدقة وفقاً لاجندة وسياسة مستدامة ومحكمة وبالطبع يُضاف اليها حروب حزب الله على لبنان وفي لبنان .
حروب حزب الله
لم يعش لبنان طويلاً بعد ان توقفت الحرب الاهلية البغضية سوى سنوات ثلاث حتى اقدم حزب الله على حربه الاولى في العام ١٩٩٣ والتي استمرت لسبعة ايامٍ شملت اعتداءات إسرائيلية على ما يزيد عن ستة وخمسون بلدة وقرية جنوبية شملها العدوان ، وانتهت بتدخل امريكي وكان عرابها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وانتهت بتفاهم غير مكتوب بوقف إسرائيل اعتدائتها وتعهد حزب الله بوقف اطلاق الصواريخ على الجليل الاعلى اي على المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة .
وما دام السلام طويلاً حتى عادت حرب حزب الله من جديد في العام ١٩٩٦ والتي اسمتها إسرائيل حرب عناقيد الغضب والتي استمرة لمدة خمسة عشر يوماً ايضاً تدخلت واشنطن وفرنسا وايضاً كان للرئيس الشهيد رفيق الحريري بما يملكه من علاقات دولية بمصادر القرار فتوصل لوقف للاعمال العسكرية ، وهذه الحرب كانت اشمل واعم من سابقتها حرب ١٩٩٣ .
وفيما بعد وعقب استشهاد الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الاحتلال السوري، ذهبت الوصاية السورية وحل مكانها الوصاية الايرانية عبر ذراعها حزب الله وكلنا يعلم ما حصل اثنائها وعقبها وما نتج عنها .
فكانت حرب العام ٢٠٠٦ والتي شملت معظم المناطق اللبنانية وتم قصف كل البُنى التحتية للبنان وكانت بمثابة الشعرة التي قصمت ضهر البعير نتيجة لشمولها كل المساحة اللبنانية وكانت نتائجها كارثية على الاقتصاد والاوضاع المالية وشكلت مع الحربين السابقتين ابرز الازمات والخسائر التي نتجت عنها على الرغم من الوفرة في المساعدات العربية التي عملت على إعادة الاعمار والبناء لما تهدم ، ولكن تعثر الاقتصاد عملياً كان من ابرز اسباب الازمات المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان .
ولم تنته الحروب الخارجية التي اتى بها حزب الله على لبنان حتى كانت غزوة بيروت في العام ٢٠٠٨ يوم اسماها حسن نصرالله يوماً مجيداً ، وقد سبقها حصار السراي الحكومي وما حدث من تحدٍ لحكومة الرئيس السنيورة الى أن اتت تسوية الدوحة فاعطت حزب الله حق قرار النقد ” الفيتو” ومن وقتها دخل لبنان عملياً في ظل الوصاية الايرانية التي اجهزت على ما تبقى من سيادة لبنانية وقرار لبناني حر ، ومع وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة بدعم وضغط وتسلط من حزب الله وما رافق هذا العهد من ضمورٍ لاجهزة الدولة اللبنانية وإداراتها ، مما شكل دفعة قوية لدويلة حزب الله لتسيطر على الدولة اللبنانية بكامل مؤسساتها واجهزتها مع بعض الحرية للمؤسسة العسكرية والتي لازالت تتمتع ببعض الاستقلالية عن قرار وسياسة حزب الله وسلطات الوصاية .
<
p style=”text-align: justify;”>هذه الحروب نتيجتها مدمرة على الاقتصاد اللبناني والمالي للدولة اللبنانية ، وإذا اضفنا السياسات المالية الخاطئة للحكومات المالية المتعاقبة مع سوء الادارة المالية المتمثلة بوزارة المالية ومصرف لبنان مع ما يشكلانه من مافيا متسلطة على رقاب اللبنانيين وودائعهم في المصارف التجارية فاكتملت صورة الازمة ووصلنا للانهيار المالي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان منذ اواخر اواسط العام ٢٠١٩ .
إذاً ، باختصار كلي لبنان يدفع ثمن سياسات حزب الله والوصاية الايرانية المتسلطة على القرار اللبناني ، والتي ادت الى خراب ودمار الاقتصاد اللبناني وإفقار ما يزيد عن الثمانين بالمئة من الشعب اللبناني وفقاً لدراسات وابحاث البنك الدولي في تقريره الاخير وبمشاكرة من منظومة الحكم والتي تؤمن وتوفر لحزب الله الغطاء الشرعي لسلاحه ، وبالتالي هذا السلاح غير الشرعي يوفر ويؤمن الحماية للمندومة الفاسدة بمختلف تلاوينها وتسمياتها .