تحديات ما بعد قرار المجلس الدستوري وتدعيم حزب الله بنائبين
حسين عطايا
في كل الدول التي تحترم دستورها والقوانين، يكون للمجالس الدستورية دوراً أساسياً وفاعلاً، في تفسير أي بند غامض أو يثير إشكالية في تفسيره، لا سيما إذا تضاربت الآراء حول بعض المواد الدستورية، كما أن للمجالس الدستورية دوراً مُهماً في مطابقة القوانين والمراسيم بما يتكامل مع المقتضيات الدستورية وعدم مُخالفتها للنصوص وللروحية الواردة فيها.
اما في لبنان فقد أصبح الدستور وجهة نظر، إذ تم إقصاء المجلس الدستوري عن طبيعة عمله في تفسير الدستور وتوضيحه، حيث جرى في العام ١٩٩٣ تعديل دستوري فأصبحت عملية تفسير الدستور من مهمة المجلس النيابي، وليس هذا فحسب، بل أصبحت في ظل المنظومة الحاكمة حق شخصي مُناط برئيس البرلمان نبيه بري، والذي يُفسر ويجتهد وفقاً لما تُمليه عليه مصالح الثُنائي وقوى الممانعة اللبنانية ويُمارس دوره في التعطيل وفقاً لمشيئة منظومة الحُكم وادواتها .
من هنا، اقتصر عمل المجلس الدستوري في إطاره الضيق وأصبحت من اكثر مهامه إثارةً للجدل هي عملية البت بالطعون النيابية التي تلي العملية الانتخابية كل اربع سنوات، حيث يُسلط الضوء على المجلس الدستوري ويأخذ مساحةً من النقاش والأخذ والرد وما جرى ويجري من عملية دراسة الطعون والتي نتجت عن انتخابات الخامس عشر من ايار ــ ماي الماضي، من العام الحالي والتي بدأت بالصدور منذ ما يُقارب الشهرين تقريباً وأثارت بعض الجدل أو يمكننا القول إنها اتسمت ببعض الواقعية على نحوٍ لم يؤد لإثارة الجدل كثيراً، إن على صعيد الطعن المقدم من لائحة “التنمية والتحرير” في الجنوب بوجه النائب الفائز فراس الحلبي على المرشح الخاسر مروان خير الدين، مما أعطى قرار المجلس بعض الموضوعية وأضفى عليه نوعاً ما من المصداقية .
اما بالأمس، فيما خص القرار الصادر عن المجلس الدستوري في الطعن المقدم من النائب فيصل كرامي بوجه النائب الفائز عن المقعد السُني في طرابلس رامي فنج، حيث اُسقطت نيابته وأُعيد المقعد الى فيصل كرامي كما تم إسقاط النائب الفائز ايضاً فراس سلوم وأُعيد تثبيت نجاح النائب العلوي حيدر ناصر، وبالتالي أعاد في ذلك الاعتبار لنيابة فيصل كرامي وزعامته واعطى حزب الله ومحوره نائبين إضافيين في المجلس النيابي مما دعم موقف قوى الثامن من اذار .
قد يُعطي هذا القرار الذين يُساورهم بعض الشكوك أنه في مكانٍ ما قد تكون شابت قرار المجلس بعض الشوائب والاعتبارات في مُحاباة او قد يكون قضاة المجلس الدستوري تعرضوا لبعض الضغوط في هذا الامر كون منطقة الشمال وطرابلس تحديداً وما تٌمثله من ثقل على مستوى الساحة السُنية في لبنان وما يدور في ساحاتها من عمليات خلط اوراق قد يُعطي بعض التساؤلات مبررا شرعيا للارتياب والشك بقرار المجلس الدستوري، كونه يؤسس لإعادة الاعتبار لزعانة فيصل كرامي في منطقة تعيش كل انواع الحرمات والفقر، وهنا يأتي دور حزب الله في استغلال هذه الفرصة لتعزيز موقعه السياسي في تلك البيئة على حساب قوى المُعارضة والتي تعيش حالة شرذمة وانقسام .
إذاً ولإننا في لبنان نفتقد لممارسة عمل مؤسساتي بمعناه الصحيح لاسيما أن قُضاة المجلس الدستوري يُعينون مِن قِبل احزاب وقوى المنظومة الحاكمة، فذلك، يُعطي اكثر من مُبرر للإرتياب في صدور هذا القرار او تركه للأخر مما يُثير الريبة والشك .
<
p style=”text-align: justify;”>هذا الامر بكُل تأكيد سيؤثر على قرار المعارضات البرلمانية والتي بخسارة نيابة فنج وسلوم قد خسرت حيازتها على عدد الخمس وستين نائباً وهذا الامر سيزيد عليها صعوبةً اكثر على ما تُعانيه من صعوبات توحيد صفوفها بوجه حزب الله وحلفائه وبالتالي سيُعطي حزب الله الفرصة اكثر فأكثر في الامساك مُجدداً بنصية البرلمان الحالي، بعد ان كان قد فقد الغالبية التي تؤهله لفرض قراراته وتوجهاته في المجلس النيابي، وفي حال تم فسخ بعض النتائج النيابية في عكار قد تكون المعارضة خسرت معركتها وانتصر حزب الله وتحالفه الممانع وبذلك على لبنان واللبنانيين الانتظار ست سنوات أُخرى في قعر جهنم في حال استمرت ممارسة حزب الله وتوابعه ذات المنحى الذي مورس في العهد البائد، عهد ميشال عون وصهره باسيل.