إيران: ضغوط دولية لوقف الإعدامات وقرار بإخراجها من لجنتين للأمم المتحدة
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
دان الاتحاد الأوروبي بشدة، أحكام الإعدام الصادرة أو المنفذة مؤخراً في إيران والمتصلة بالاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ سبتمبر الماضي.
ودعت القمة الأوروبية السلطات الإيرانية إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام فوراً، وإلغاء الأحكام الصادرة من دون تأخير. وأكدت معارضتها الشديدة لعقوبة الإعدام “تحت أي ظرف” حيث اعتبرتها “إنكاراً للكرامة الإنسانية”.
كما طالبت السلطات الإيرانية بوقف الاستخدام غير المبرر للقوة لقمع الاحتجاجات السلمية وخاصة بوجه النساء.
وقد أدى قمع السلطات للتظاهرات بالقوة المفرطة إلى مقتل وإصابة المئات. كما اعتقلت طهران آلاف المحتجين وأصدرت بحق بعضهم أحكاماً بالإعدام، نفذت الأسبوع الماضي اثنين منها رغم المناشدات الغربية والحقوقية لإلغائها.
وامس صوّتت الأمم المتحدة بالموافقة على إخراج إيران من الهيئة المعنية بحقوق المرأة بسبب “قمع” طهران للاحتجاجات التي تتقدمها نساء، وهو ما رأت فيه واشنطن “إجماعا دوليا” ضد طهران. كما صوّت 29 عضوا في مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي تأييدا لطرد الجمهورية الإسلامية من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة للفترة المتبقية من تفويض 2022-2026. وصوتت 8 دول بالرفض بينما امتنعت 16 دولة عن التصويت، وكانت تكفي غالبية بسيطة لتبنّي القرار الذي اقترحته الولايات المتحدة.
ويقول القرار إنه يجرد إيران من عضويتها في اللجنة “بمفعول فوري”، مذكرا بأن القيادة الإيرانية “تقوّض باستمرار وتقمع بشكل متزايد حقوق النساء والفتيات، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والرأي، وغالبا باستخدام قوة مفرطة”. وأضاف نص القرار أن حكومة إيران تفعل ذلك عن طريق تطبيق سياسات تتعارض بشكل صارخ مع حقوق الإنسان الخاصة بالنساء والفتيات”، ومع تفويض اللجنة، “وأيضا من خلال استخدام القوة الفتاكة التي نتج عنها وفاة متظاهرين سلميين من بينهم نساء وفتيات”.
واللجنة هي الهيئة الدولية الحكومية الرئيسية المعنية حصرا بتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
وكانت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس قد قالت في مطلع نوفمبر ــــ تشرين الثاني الماضي إن الولايات المتحدة ستعمل مع دول أخرى لإخراج إيران من الهيئة. كذلك سعت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لتحقيق هذا الهدف.
وأشار معارضو القرار، من بينهم روسيا والصين، إلى أن إيران انتُخبت عضوا في الهيئة وأن طردها منها يمثل “سابقة خطيرة”.
من ناحية أخرى، علقت المحكمة العليا في إيران تنفيذ حكم الإعدام بحق ماهان صدارت وهو مشارك في الاحتجاجات التي شهدتها محافظات إيرانية حتى الإعلان عن النتيجة النهائية لملف الاتهامات، حسب تعبير المحكمة.
وكانت السلطة القضائية أصدرت حكما بالإعدام بحق المتظاهر بعد إدانته باستخدام السلاح الأبيض وإضرام النار في دراجة نارية في تجمع احتجاجي والتواطؤ ضد الأمن القومي، حسب قولها.
وأوردت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” أن إدانة صدرات جاءت بناء على إفادات أشارت إلى أنه “رفع سكينا، فأثار الخوف وشعورا بانعدام الأمن”. وخلال جلسة محاكمته في الثالث من نوفمبر ــــ تشرين الثاني دفع صدرات ببراءته من تهمة رفع السكين، لكنه أقرّ بإضرام النار في دراجة نارية، وفق ما أوردت “إرنا” نقلا عن وثائق للمحكمة
واليوم قامت قوات الأمن الإيرانية بعرقلة إقامة مراسم الأربعين للمراهق مهدي حضرتي في كرج، فيما أفاد شهود عيان أن قوات الأمن احتجزت أفراد عائلة هذا الشاب المقتول في منزلهم. وقام عملاء النظام أيضًا بإغلاق الطريق المؤدي إلى مقبرة “بهشت علي” في ماهدشت كرج ومدخلها، وسط انتشار أمني مكثف حول مقبرة حضرتي.
ورغم أن قوات الأمن لم تسمح للأشخاص الذين كانوا ينوون المشاركة في أربعينية مهدي حضرتي بالدخول، فقد وصل عدد من الأشخاص إلى قبر هذا الشاب. وقامت مجموعة من الأشخاص بتشغيل أغنية “من دماء شباب وطن” في هذه المراسم.
ويُظهر فيديو منشور على حساب “1500 صورة” أحد أقارب مهدي حضرتي وهو يقول في كلمة عند القبر، إن عناصر الأمن لم يسمحوا لأسرة حضرتي بحضور المراسم. وبحسب شهود عيان، قام عناصر الأمن بحبس عائلة هذا الشاب المقتول في المنزل.
ومهدي حضراتي مراهق يبلغ من العمر 17 عامًا، قُتل برصاص قوات الأمن في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) في كرج، غرب العاصمة طهران، خلال تجمع أقيم بمناسبة مراسم أربعين مقتل حديث نجفي، ونيما رضادوست.
في الوقت نفسه، تم نشر مقاطع فيديو لحظة إطلاق قوات الأمن النار على هذا الشاب وجسده ملطخ بالدماء على أرضية الشارع في كرج، وسط مجموعة من رجال الأمن الذين يركبون دراجات نارية. وأظهر مقطع فيديو آخر عناصر الأمن وهم يرمون جثته في مؤخرة شاحنة ويأخذونها بعيدًا.
وبعد 10 أيام من مقتله، وصف رئيس قضاء محافظة البرز، حسين فضلي هيكندي، وفاة هذا الشاب بـ”المشبوهة”، لكنه أكد أن الرصاصة أصابته في جبهته.
من جهة ثانية، بلغت المظاهرات والتجمعات الاحتجاجية للإيرانيين في الخارج ذروتها في الأيام الماضية، في حين أن الإجماع العالمي ضد النظام الإيراني يتزايد أيضًا من السياسيين ورؤساء الدول.
وفي يومي الأربعاء والخميس 14 و15 ديسمبر (كانون الأول)، نظم المواطنون الإيرانيون المقيمون في أستراليا وإنجلترا وأميركا وغيرها تجمعات احتجاجية امام سفارات بلادهم احتجاجا على الاعدامات والسلوك العنيف للقوات الأمنية مع المتظاهرين الإيرانيين.
وردد هؤلاء المتظاهرون في تجمعهم شعارات مناهضة للنظام ومرشده علي خامنئي، وطالبوا بإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق معتقلي الانتفاضة الثورية.
في الوقت نفسه، أكدت الحكومة الأسترالية مرة أخرى دعمها للمتظاهرين الإيرانيين، ورحبت وزيرة الخارجية الاسترالية، بيني وونغ، بطرد إيران من لجنة الأمم المتحدة للمرأة بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وقمع النساء والفتيات. وقالت: “لقد دعمنا هذا القرار، ونشعر بالفرح للموافقة عليه، أستراليا تقف إلى جانب شعب إيران”.
وفي لندن، احتشدت مجموعة من الإيرانيين أمام مكتب منظمة العفو الدولية للاحتجاج على إصدار النظام الإيراني لأحكام الإعدام.
وردد المتظاهرون هتافات مثل: “المرأة.. الحياة.. الحرية”، وطالبوا بإغلاق سفارة طهران في بريطانيا حاملين صور الشابين اللذين تم إعدامهما.
وفي الولايات المتحدة بدأت مجموعة من الإيرانيين المقيمين في ولاية كاليفورنيا، إلى جانب ماهي مختاري، شقيقة محمد مختاري أحد ضحايا احتجاجات 2009، اعتصامًا وإضرابًا عن الطعام لمدة يومين أمام قصر الحاكم في سكرامنتو، يوم الأربعاء. وطلبت هذه المجموعة من المسؤولين الأميركيين إظهار رد فعل عملي على قتل وقمع الشباب المتظاهرين من قبل النظام الإيراني.
ويوم الأربعاء، تجمعت مجموعة من الإيرانيين المقيمين في سان فرانسيسكو أمام مكتب “اليونيسف” للاحتجاج على قتل الأطفال، واستمرار اعتقال وتعذيب المتظاهرين، بمن فيهم الطلاب، في إيران. كما تجمع الإيرانيون المقيمون في روما أمام سفارة طهران، واحتجوا على إصدار الحكومة أحكام الإعدام.
وفي هامبورغ بألمانيا، تجمع الأطباء الإيرانيون أمام القنصلية الإيرانية، واحتجوا على إصدار أحكام الإعدام.
ويطالب الإيرانيون في الخارج في تجمعاتهم بالاعتراف بهذه الانتفاضة على أنها ثورة للشعب الإيراني، وطرد سفراء إيران من الدول، ودعم المحتجين الإيرانيين.
من جهة اخرى افاد الدكتور حسين كِرمان بور، مدير الطوارئ في مستشفى سينا في العاصمة الإيرانية طهران، عن حالة المتظاهرين المصابين الذين راجعوا المستشفى الذي يعمل فيه. وذكرت صحيفة “هَم ميهَن” نقلاً عنه، أن معظم الإصابات التي تعرض المحتجون لها كانت في العينين والرئتين والعضلات والأعضاء التناسلية.