سلاح حزب الله كورقة ضغط في مفاوضات النووي الإيراني

سلاح حزب الله كورقة ضغط في مفاوضات النووي الإيراني

أحمد مطر

           يستمر حزب الله بالتهرب من استحقاق مفصلي مهم، لتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية، استنادا للقرار الدولي 1701، الذي وافق عليه، لإنهاء الحرب الإسرائيلية التي تسبب بها، بعدما أشعل المواجهة العسكرية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بقرار إيراني، تحت عنوان “إسناد حركة حماس في قطاع غزة”، وأصيب من جرائها بخسارة فادحة، طالت كبار قياديه السياسيين والعسكريين، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله، ودمرت معظم مراكزه ومستودعات سلاحه وتحصيناته العسكرية على طول الأراضي اللبنانية، وفي الجنوب تحديدا، وانتهت باحتلال إسرائيلي لبعض المناطق، وتدمير عشرات الآلاف من المنازل والممتلكات والبنية التحتية، وتهجير مئات الآلاف من منازلهم في الجنوب ومناطق تواجد الحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها .

يحاول الحزب تجاهل ما تسبب به سلاحه، لأكثر من مرة، بعد انتهاء مهمته بتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي في العام ألفين، من دمار وخراب في لبنان، والتهرب من تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، بعدما فقد كل ادعاءات وجوده الوهمية، بالدفاع عن لبنان، أو حمايته من العدوان الإسرائيلي، وحتى حماية الحزب نفسه، ويسعى لإعطاء هذا السلاح عناوين ووظائف، غير منطقية، مرفوضة من اللبنانيين بمعظمهم بالداخل ومن الخارج على السواء، ولا تحظى إلا بدعم النظام الإيراني لمصالحه وصفقاته مع الولايات المتحدة الأميركية على حساب لبنان والشعب اللبناني، كما يظهر بوضوح حاليًا .

بعد سقوط  مقولة “جيش وشعب ومقاومة”، التي تظلل بها الحزب طوال العقدين الماضيين، للهيمنة السياسية والعسكرية والسيطرة على لبنان، ومقدراته الاقتصادية، يجهد بعض ما تبقى من سياسيي وقادة الحزب، لإسقاط توصيف وهمي جديد على السلاح المتبقي لديهم، وهي أنه ليس سلاحا مليشياويا كما غيره، بل سلاح مقاوم للاحتلال الإسرائيلي لمناطق بالجنوب، وما هنالك من توصيفات ممجوجة، لتفادي تسليمه لسلطة الدولة، استنادا لما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، وللبيان الوزاري للحكومة، وتنفيذا للقرار1701.

والتي تسببت منذ عام 2006 بأضرار جسيمة في بنيته العمرانية والاقتصادية من خلال حربي 2006 وحرب اسناد غزة ما بين 8 أكتوبر/تشرين أول 2023 و23 نوفمبر/تشرين ثاني في عام 2025،

ترافقت هذه التطورات الإيجابية التي رافقت انتخاب العماد عون مع مجموعة من المتغيرات الكبرى على الصعيدين الاقليمي والدولي، بما فيها نتائج الحرب الإسرائيلية ضد أذرعة إيران العسكرية بدعم أمريكي كبير ومتعاظم. وكشفت هذه الحرب مدى ضعف القدرات العسكرية لدى حزب الله ومدى ضعف وهشاشة القوة العسكرية الإيرانية، وبالتالي سقطت معها فكرة محور المقاومة والممانعة والذي جهدت إيران لبنائه خلال أربعة عقود.

شكل سلاح حزب الله في لبنان طيلة هذه الفترة، منذ إقرار اتفاق الطائف، موضوع خلاف بين اللبنانيين، حيث اعتبرته الأكثرية كسلاح بقية الميليشيات، وأُلغي بنص الطائف على سحبه، بينما ذهبت فئات أخرى وبدعم سوريا إلى الادعاء بأنه “سلاح مقاوم”.

 لم تعد كل العناوين والحجج التي يتذرع بها سياسيّو الحزب للإبقاء على سلاحه خارج سيطرة الدولة اللبنانية مقنعة، أو مقبولة من اللبنانيين برمتهم، بعدما تسبب  بالخراب والدمار الذي لحق بلبنان، جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، واستُغِل بالداخل، إن بالاغتيالات التي طالت قيادات ورموزا سياسية وحزبية بارزة معترضة على ممارسات الحزب وتبعيته الإيرانية، وفي مقدمتهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكاد أن يشعل حربا أهلية بعد اجتياح العاصمة بيروت والاعتداء على أهلها في السابع من ماي/أيار عام 2008 وبعض مناطق الجبل، وبالاعتداءات المبرمجة في أكثر من موقعة، لتطويع المعترضين وإسكاتهم، وأصبح هامش المناورة واللعب على التناقضات الداخلية ضيقا جدا، والبديل الوحيد اختصار المعاناة والوقت، وتسليمه للدولة بأسرع وقت ممكن، تفاديا لمخاطر وتداعيات غير محمودة، داخليا وخارجيا على حد سواء .

وبسحر ساحر انطلقت مواقف من مسؤولي حزب الله ترفض تسليم السلاح، وكان الخطاب الأخير للشيخ نعيم قاسم قاسياً وعالي اللهجة، مؤكداً قرار الحزب بعدم التخلي عن سلاحه.

السؤال المطروح الآن: هل يمكن ربط صحوة مسؤولي الحزب للاحتفاظ بالسلاح بقرار إيراني، للاحتفاظ بسلاح الحزب كورقة ضغط في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، والتي شهدت جولتين في مسقط وفي روما مؤخراً؟

ختامًا، في ظل التصعيد في مواقف مسؤولي الحزب يتراجع الامل بأية امكانية لتسليم سلاح الحزب طواعية، وربط هذا الأمر بمستقبل المفاوضات الجارية بين إيران واميركا، فمن أجل تجاوز هذا الخيار أن يحزم العهد والحكومة أمرهما، وأن يعتمدوا مقاربة سريعة من خلال مجلس الوزراء، باتخاذ  قرار نهائي بنزع أي شرعية عن سلاح حزب الله وتنظيمه العسكري، سيؤدي مثل هكذا قرار إلى توحيد موقف الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وراء قرار الدولة، وبالتالي ممارسة أعلى أنواع الضغوط على الحزب وعلى سلاحه .

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني