هذا ما جناه علي البوطوكس

هذا ما جناه علي البوطوكس

باريس- المعطي قبال

   تعرفت على حياة القلوب ونحن طلاب بجامعة محمد الخامس بالرباط. لتوصيفها ماذا أقول لكم؟ العيون لوزية، الشعر أشقر، الوجنتان حمر، الشفاه ممتلئة، الأسنان ناصعة البياض، القد هارف والصدر مكتنز …الحاصيل الزين وحبو الله !تستخلصون من هذا الوصف الدقيق أنني كنت مهووسا ومشدوها بالجمال الصافي والطبيعي لحياة القلوب. ولم أكن وحيد قرني بل كانت تحرك سواكن الوافدين من سطات، سيدي قاسم، سيدي حجاج، الكارة وغيرها من المدن والبلدات التي يصعب على حياة القلوب تحديد موقعها على خارطة المغرب!

   كنت إلى حد ما الكاتب العمومي لهذه لولية ومن دون مقابل. أحرر، أصحح، أفسر. وغالبا ما كنت أملأ رئتي بأريج عطرها الذي فسرت لي فضائله وبالأخص عطر شانيل نيميرو 5 . لا علاقة لهذا الأريج بـ «الريف دور» الذي كانت تسكبه والدتي رحمها الله على ذاتها والذي يلتصق بالثياب لمدة عشرة أيام. وقد يختلط بالعرق كما تختلط لخنونة بالعكر!

   لم يكتب لحياة القلوب أن تكمل دراستها لأن عائلتها استثمرتها في زواج مربح مع عائلة فاسية ثرية مثلها. لذا طوت صفحة الدراسة من دون أن تضع ولو قبلة خفيفة على خذي أو تتوجه لي بكلمة شكر. «واكيدير؟ تسوف تاتعيا وتقول خليها على الله». دازت أيام وجات أخرى إلى أن التقيت بحياة القلوب صدفة بمطار المنارة بمراكش. في البداية لم أتعرف عليها، لكن الابتسامة كانت الأمارة التي دلتني على أنها هي لا غيرها. أما الباقي من وجهها فلم أتعرف عليه لسبب بسيط هو أن شفرة المشرط مرت عليه لنحته لكنها شوهته بالكمال والتمام. أما الباقي، أرداف متورمة، صدر مبندر، باروكة بالألوان الطبيعية، فيا لعيادو بالله! ما أن تعرفت علي حتى صرخت:

– المعطيييييي…

فتحت يديها لتعانقني قبل أن تدس خشمها في صدري. نفس الرائحة ونفس الأريج لكن انفقد سحر الغواية التي كانت تجذبني إليها في الكلية. مما قصته علي لم أقف سوى عند بعض المحطات مثل زواجها من عبد المولى «سكايري وأمار» (قمار)، كما وصفته. «في الأخير طلب الطلاق وريشت إماه». لتجنب ما تبقى من أشواط حياتها اقترحت عليها أن تهتف لي حال وصولها إلى باريس. تعانقنا مرة أخرى وهذه المرة رتبت على خذي الأيسر بقبلة مبللة.

   وأنا بالطائرة تساءلت عن الحافز أو الحوافز التي تدفع بامراة في غاية الجمال إلى استعمال «التبوطيكس» وعوض محاربة التجاعيد الأفقية في الجبين، وجانبي العينين، والفم، تتحول إلى ما يشبه عيشة قنديشة! وفي أسوأ الأحوال يقودها البوطوكس إلى غيبوبة مثلما وقع لسيدة مغربية، حلت بمدريد وافدة من ألمانيا لإجراء عملية بوطوكس على الأرداف. أشرف على العملية «طبيبان» برازيليان بمبلغ 3500 يورو. بعد ساعات من حقنها تدهورت حالتها الصحية لتنقل على إثرها لأحد مستشفيات مدريد حيث دخلت في غيبوبة حسب صحيفة “الموندو” الإسبانية. في الأخير تمكنت الشرطة الإسبانية من إلقاء القبض على الطبيبين المزيفين اللذان لا يتوفران على أي ديبلوم في الطب.

   “ومالك يا بنيتي عاطية أردافك لغراز؟”.

Visited 10 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".