عدد ضحايا الزلزال يتجاوز الــ 20 الف وعمال الإنقاذ في سباق مع الوقت لإخراج أحياء
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
في اجواء باردة واصل عمال الإنقاذ في تركيا وسوريا اليوم جهودهم بحثاً عن ناجين تحت الأنقاض، مع تضاؤل فرص إنقاذهم بعد مرور 3 أيام على الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 20 ألف شخص في كلا البلد والعدد مرشح للارتفاع، وعثر عمال الإنقاذ على عدد قليل من الناجين تحت أنقاض آلاف المباني التي انهارت بفعل لزلزال، وتم إنقاذ طفلين في ملاطيا مساء اليوم.
في تركيا، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ في وقت سابق أن عدد وفيات الزلزال ارتفع إلى أكثر من 16,170 قتيلا، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حصيلة ضحايا الزلزال في سوريا ارتفعت إلى نحو 4000 قتيل. كما أصيب أكثر من 65 ألف شخص بجروح في تركيا، وأكثر من 6000 في سوريا، جراء الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة.
من جهتها، قدرت منظمة الصحة العالمية أن يبلغ 23 مليونًا “عدد المتضررين بالزلزال بينهم نحو خمسة ملايين من الأكثر ضعفًا”. وفي المناطق التي لم تصلها مساعدات، يشعر الناجون بالعزلة.
وناشدت المعارضة السورية جميع الدول والمنظمات إرسال مساعدات لشمال غربي البلاد، أما السلطات التركية، فهدمت المنازل المتصدعة في غازي عنتاب بعدما أخلتها.
وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي التركية برسائل أشخاص يشكون من قلّة جهود الإنقاذ والبحث عن الضحايا في مناطقهم، خصوصاً في منطقة هاتاي.
وبدأت المساعدات الدولية بالوصول إلى تركيا يوم الثلاثاء حيث تم إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المحافظات العشر المتضررة من الزلزال. وعرضت عشرات الدول مساعدتها على أنقرة، من بينها دول من الاتحاد الأوروبي والخليج والولايات المتحدة والصين وأوكرانيا التي أرسلت رغم الغزو الروسي، 87 عامل إنقاذ.
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إنه في هذه الظروف “بإمكان تركيا وسوريا الاعتماد على الاتحاد الأوروبي”، معلنة استضافة مؤتمر للمانحين مطلع مارس في بروكسل لجمع مساعدات دولية للدولتين.
في سياق متصل، قالت منظمة الصحة العالمية إنها سترسل فرقا من الخبراء وترسل طائرات محملة بإمدادات طبية لتركيا وسوريا، لتنسيق جهود الإغاثة إضافة إلى ثلاث رحلات جوية تحمل دعما طبيا واحدة في طريقها بالفعل إلى إسطنبول. وقالت الدكتورة إيمان الشنقيطي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، إن الاحتياجات الصحية المطلوبة هناك ضخمة.
ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين، اذ انهار ما لا يقل عن 6000 مبنى مسكون. وعلى الرغم من أن جهود الإنقاذ لا تزال تشكل أولوية قصوى، حيث تم نشر حوالي 25000 شخص في تركيا وإرسال آلاف آخرين من الخارج لكن عاصفة شتوية قاسية هددت حياة الناجين وأولئك الذين ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض، وفقاً لما ذكرته شبكة “CNBC”.
وفي سوريا، التي دمرها 12 عاماً من الحرب والإرهاب، تعد هي الأقل استعداداً للتعامل مع مثل هذه الأزمة. كما أن بنيتها التحتية مستنزفة بشدة، ولا تزال البلاد تخضع للعقوبات الغربية. والآلاف من الذين يعيشون في المناطق المتضررة هم بالفعل من اللاجئين أو النازحين داخليا.
ومع استمرار تلاشي غبار الكارثة، يركز المحللون الإقليميون على التأثير الممتد طويل المدى الذي يمكن أن تحدثه الكارثة على تركيا، إذ أن الدولة التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة غارقة بالفعل في مشاكل اقتصادية ولها تأثير كبير يتجاوز حدودها سواء اقتصادياً أو سياسياً.
وفيما تقترب الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 14 مايو، فإن العام الحالي سيكون بمثابة نقطة تحول مهمة بالنسبة لتركيا. ونتيجة تلك الانتخابات سواء بقي الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في السلطة أم لا فستكون لها عواقب وخيمة على سكان تركيا واقتصادها وعملتها.
ومن المتوقع أن يلعب الزلزال دوراً مؤثراً في مستقبل الانتخابات التركية، وسط الدعوات المحتملة للمساءلة حول سبب عدم تصميم العديد من المباني بشكل كاف لتحمل مثل هذه الهزات، وفقاً لما ذكره مراقبون اقتصاديون.
وقال المؤسس لشركة “Cribstone Strategic Macro، مايك هاريس: “إذا أسيء التعامل مع جهود الإنقاذ وأصيب الناس بالإحباط، فهناك رد فعل عنيف”. والمسألة الأخرى بالطبع هي المباني وأيها هدم”.
ومن حكايا عمليات الإنقاذ، تمكنت فرق الإغاثة اليوم، من انتشال الطفل محمد أمين بيرك من تحت الأنقاض بعد مضي 80 ساعة على وقوع الزلزال المدمر في ولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا، أثناء عمليات البحث تحت أنقاض مبنى مكون من 4 طوابق.
وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لافت في إيصال أصوات ومعاناة المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، ومن بين هؤلاء شاب تركي كتب له عمر جديد بعد أن تنبه إلى هاتفه وهو تحت الأنقاض وأرسل مقطع فيديو عبر تطبيق التواصل الفوري”واتساب”.
وأوردت صحيفة “غارديان” البريطانية أن الشاب التركي بوران كوبات كان محاصرًا هو ووالدته واثنان من أعمامه تحت الأنقاض، ليكتشف وجود هاتفه المحمول ويقرر استخدامه طلبا للنجدة. ونشر كوبات مقطع فيديو أرسله لأصدقائه قال فيه: “أرجوكم، أطلب المساعدة من أي شخص يشاهد هذا الفيديو”، لتنجح فرق الإنقاذ التركية من خلال مقطع الفيديو في تحديد موقع الشاب وعائلته وإنقاذهم.
وتعددت المشاهد والصور المؤثرة التي خلفها زلزال تركيا المدمر، وإن كان أغلبها يدمي القلب فإن بعضها يثلج الصدر، ويعطي فسحة أمل وسط هول المشاهد المفجعة، ومن بين المواقف المؤثرة التي رصدتها الكاميرات وتناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لحظة إخراج منقذ جزائري طفلاً من تحت الركام في تركيا. ونشرت الحماية المدنية الجزائرية على صفحتها الرسمية بفيسبوك فيديو يظهر لحظة دخول أحد أفراد فريق الإنقاذ الجزائري تحت الأنقاض لإخراج الطفل.
وعقب دخوله تحت الأنقاض بدأ عون الحماية الجزائرية في التكلم مع الطفل. قائلا له “بي بي، أيا وليدي، أيا عمري، أيا حبيبي، أعطيني يدك”. وبعد إخراجه من تحت الأنقاض، حضن عون الإنقاذ الجزائري، الطفل، وأجهش بالبكاء متأثرا بالموقف.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا مع مقطع الفيديو، منوهين برباطة جأش عون الحماية المدنية الجزائري وكذا إحساسه المرهف وإنسانيته.
يذكر أن الجزائر قررت إرسال فريق مساعدة من الدفاع المدني للمشاركة في عمليات الإنقاذ والإغاثة بالإضافة إلى مساعدات طبية إلى المناطق المتضررة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا فجر الاثنين، وامتد إلى سوريا وبلدان مُجاورة.
مع مرور الوقت وتعداد الأموات والناجين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وامتدت آثاره إلى سوريا، مئات الآلاف من السكان في هذين البلدين أصبحوا بلا مأوى بعد أن تهدمت بيوتهم وتحولت إلى ركام.. واستوت بالأرض. وأولئك الذين لم تهدم منازلهم يبيتون أيضا بالعراء وفي سياراتهم خوفا من الهزات الارتدادية الكبيرة نوعا ما التي تضرب المنطقة منذ الزلزال المدمر. وما يزيد الطين بلة الطقس البارد والمثلج والذي يعطل أعمال الإغاثة وقد يتسبب بموت الكثير لاسيما الناجين من الزلزال.
فصباح اليوم الخميس، تدنت الحرارة باكرا في مدينة غازي عنتاب التركية إلى خمس درجات تحت الصفر. وبالرغم من البرد لا تزال آلاف العائلات الناجية من الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا تنام في سياراتها وفي خيم خشية العودة إلى منازلها أو لأنها منعت من ذلك.
ويعبر بعض الأهالي حاملين أولادهم الملفوفين بأغطية لحمايتهم من البرد الشديد في شوارع غازي عنتاب، المدينة القريبة من مركز الزلزال الذي ضرب البلد الاثنين وتخطت حصيلته 17500 ألف قتيل في تركيا وسوريا المجاورة.
وتقول مالك هاليجي وهي تراقب عناصر الإنقاذ يواصلون العمل في وقت متأخر من الليل “حين نجلس، يكون الوضع أليما، وأخشى على كل الذين ما زالوا عالقين تحت الأنقاض”. وأضافت حاملة بين ذراعيها طفلتها البالغة سنتين “سوف نذهب إلى الخيمة في نهاية المطاف، لكنني لا أرغب بذلك، لا أحتمل البرد، كما لا أحتمل فكرة العودة إلى شقتنا”.
وحظرت سلطات المدينة على آلاف السكان العودة إلى مبانيهم التي تعتبر خطيرة بسبب الهزات الارتدادية التي تضرب المنطقة يوميا.
ولجأ بعض الناجين عند جيران أو أقرباء لهم، فيما غادر آخرون المنطقة، لكن العديدين ليس لديهم مكان يلجؤون إليه. واستضافتهم صالات رياضية ومساجد ومدارس ومتاجر لليل، لكن الأسرّة تبقى نادرة ويقضي الآلاف لياليهم داخل سيارات يشغلون محركاتها طلبا لبعض الدفء.
وأقر سليمان يانك جالسا في سيارته وبجانبه طفل يلعب بالمقود فيما زوجته نائمة مع طفلهما الثاني على المقعد الخلفي “لا خيار لديّ، لكن لا يمكننا العودة إلى البيت“.
ينام برهان تشاداش في سيارته منذ الاثنين إذ أن عائلته غير مستعدة “نفسيا” للعودة إلى منزلهم. وحين يسأل عن عدد الليالي التي سيقضونها في العراء، قال الرجل الذي يدير مطعما إنه لا يدري، لكنّه شكك في قدرة عائلته على الصمود لوقت طويل على هذا النحو.
وينتقد الكثيرون إدارة الحكومة لعمليات الإنقاذ. وأقر الرئيس رجب طيب أردوغان لدى تفقده المنطقة الأربعاء بوجود “ثغرات” لكنه شدد على حجم الكارثة الذي يطرح صعوبة على أي حكومة كانت.
وقرب قلعة غازي عنتاب التي تعود إلى القرن السادس ولحقت بها أضرار جسيمة جراء الزلزال، تشكو عائلات معدمة من أن السلطات لم تقدم لها أي مساعدة.
وأقام الناجون ملاجئ مرتجلة بواسطة شوادر وألواح خشب رماها آخرون. وقال أحمد حسين الأربعيني منددا “كان بإمكانهم على الأقل تقديم خيم لنا“.
وتابع الأب لخمسة أطفال الذي دمر منزله بالكامل تقريبا جراء الزلزال “أطفالنا يشعرون بالجليد، اضطررنا إلى إحراق مقاعد المنزل وحتى بعض ملابس الأطفال، لم يكن لدينا أي شيء آخر“.
ورأى أمال عثمان الفتى البالغ 14 عاما الذي فرت عائلته قبل سبع سنوات من سوريا إلى تركيا أنه كان يجدر بالسلطات نصب خيم “على الأقل من أجل الأطفال”.
<
p style=”text-align: justify;”>وبالرغم من مخاطر سقوط أحجار من القلعة على المنتزه الذي احتمت فيها العائلات، يقول اللاجئون إن لا خيار لهم إذ ليس لديهم سيارات ولا مكان آخر يذهبون إليه.