بنعيسى بوحمالة.. وداعاً

بنعيسى بوحمالة.. وداعاً
عبد الرحمان الغندور
 
     مفاجئة صادمة، فوق التحمل، وأنا أتلقى خبر رحيل الصديق العزيز، الكاتب والناقد بوحمالة بنعيسى.
   تعرفت عليه ونحن تلاميذ بثانوية النهضة بمكناس، وحصلنا معا على الباكلوريا في سنة واحدة (1969) ليلتحق هو بفاس كطالب للأدب العربي، والتحق أنا بالرباط لدراسة الفلسفة. لكن الاقدار ستجمعنا بعد تخرجنا في منطقة تافيلالت، حيث تم تعيينه بارفود وأنا بقصر السوق (الرشيدية) لنجدد صداقتنا وشغبنا المعرفي وحواراتنا الهادفة وأمسياتنا الشعرية صحبة صديقنا الشاعر علال الحجام. ثم فرقتنا سبل الحياة من جديد لنظل أوفياء لصداقتنا من خلال الكتابة والتناظر والنضال الثقافي الجاد والمتميز.
    وكان آخر لقاء معه قبل اربع سنوات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، وتبادل بعض التعليقات في الفيسبوك تواعدنا فيها على تجديد اللقاء، لكن الموت كان أكبر من وعودنا.
    وداعا صديقي الكبير، وعزائي لعائلتك الصغيرة وجميع أصدقائنا المشتركين من قدماء ثانوية النهضة بمكناس.
ورقة تعريفية بالفقيد بوحمالة بنعيسى، كتبها الصديق Mohammed Bechchar
   ليس أبهى من أن نبدأ هذه الورقة المختصرة عن الدكتور بنعيسى بوحمالة (بوحمالة فيما يلي) بشظايا منيرة من شهادة باذخة (مستقاة من صفحته الفايسبوكية) للشاعر عبد الكريم شياحني في حق أستاذه الشامخ: «كالطيبين يأتي صوته مفعما ببحّة رشيقة، تفهم منها، حين يحدثك، أنها دمغة حصرية، أعلى قليلا من الحكمة، وأعمق كثيرا من رصانة الكبار. الأستاذ بنعيسى بوحمالة “كالنهر الذي يجري”، حاملا تاريخ الشعاب التي مر بها، وخبايا «المضايق”، وتجربة الحصى. إنه ماء، قد يُذهب عطشك، أو يُغرقك في لهفة الشرب … قلبه أخضر، تزهر جنبه مساحات القحط، حيث ينثر بذور المعرفة الشعرية بالجدارة اللازمة، على جسد الثقافة الهش، وعلى كياننا المتعب باليومي الرتيب والقاتل. هو ضوء، يعرف جيدا كيف يعبر الدهاليز العتيقة، ليعود من أسفاره سندبادا، بفصوص بلورية، وحقائب موقعة بحبر القصيدة القصية. يقيم في البين بين، بذكاء بحاثة، بيقين محارب، بوقوف واثق قبالة الحواف والحدود. من حضارة ما بين النهرين، نزولا إلى الماما أفريكا، ثم صعودا نحو أمريكا الدهشة والانبهار، قبل أن يبلغ الترحال جنوحه الأقصى صوب بلاد الهند وأنحائها”.
 
   ولد بوحمالة سنة 1951 بالقصبة الإسماعيلية، وبالضبط بحي قصبة هدراش أي “القصبة” بتعبير أهل مكناس.
سمي علمنا بنعيسى على اسم عم والده الذي توفي في نفس سنة ميلاده. وكلاهما سميا كذلك تيمنا بالشيخ الكامل سيدي محمد بنعيسى. في نفس الحيّ درس السنة الأولى ابتدائي في مدرسة أكدال، وعند أواخر الخمسينيات انتقلت العائلة إلى حيّ الزيتون، دون فك الارتباط بحيّ القصبة، ليتابع دراسته الابتدائيّة في مدرسة الفتح. دراسته الإعدادية والثانوية تابعها، كالعديد من مجايليه، بثانوية النهضة الشهيرة التي مر منها العديد من التلاميذ النجباء الذين أصبحوا لاحقا من أعلام مكناسة الزيتون. بعد حصوله على شهادة الباكالوريا بالشعبة الأدبية، التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس حيث حصل، سنة 1973، على الإجازة في الأدب العربي. وفي سنة 1986 على ديبلوم الدراسات العليا في موضوع “النزعة الزنجية في الشعر السوداني المعاصر-محمد الفيتوري نموذجا”. أما دكتورة الدولة فقد حصل عليها سنة 1999 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط التابعة لجامعة محمد الخامس في موضوع: “جيل الستينات في الشعر العراقي المعاصر: حسب الشيخ جعفر نموذجا”.
 
   على المستوى المهني بدأ مسيرته التدريسية خارج مسقط راسه، وفي سنة 1984 التحق بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس كأستاذ التعليم العالي في “الشعر العربي المعاصر والنقد الأدبي”. وفي ماسترات ، “التعليم الفني والتربية الجمالية” و”المناهج اللغوية والأدبية لتدريس اللغة العربية”. في هذه المؤسسة تقلد مهمة رئيس لشعبة اللغة العربية، ولم يغادرها إلا متقاعدا في نهاية الموسم الجامعي 2015-2016. بموازاة مع عمله بالمؤسسة المذكورة عمل أستاذا متعاونا:
1- بكلية الآداب التابعة لجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، التي عمل بها أستاذا ل”الشعر العربي الحديث” و “الشعر المغربي المعاصر”، وأستاذا بماستر “الأدب المغربي الحديث” وماستر “الأدب والمجتمع” وماستر “الأدب والجماليات”. علاوة على ذلك كان أستاذا مشاركا في قسم الدراسات العليا ومشرفا على أطروحات الدكتوراة في نفس الكلية.
2- بجامعة الأخوين الأنجـلوفـونـية بإفران، حيث تكلّف بدرس الأدب العربي ودرس الأدب العالمي، لمدة تقارب عشر سنوات.
انخرط سنة 1983 في اتحاد كتاب المغرب الذي شغل فيه، في إحدى الفترات، مهمة الكاتب العام لفرع مكناس. قبل انخراطه في هذه المنظمة كان قد بدأ بنشر مقالاته بالعديد من المنابر الثقافية. تعامل علمنا مع كثير من الجرائد والمجلات الوطنية والعربية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
-الوطنية: الاتحاد الاشتراكي، الزمان المغربي، أنوال، آفاق …
-العربية: الأقلام (العراق)، عالم الفكر (الكويت)، فصول (المصرية) …
إضافة إلى ما سبق، نشر علمنا دراسات نقديّة وترجمات أدبيّة وفكريّة ونصوصا إبداعيّة في صحف ومجلاّت أسيويّة وأوربية وأمريكيّة.
    في خضم مسيرته المهنية انضم بوحمالة إلى هيئتي تحرير مجلة “البعث الثقافي” التي كانت تصدرها جمعية
البعث الثقافي بمكناس، ومجلة “وليلي” للمدرسة العليا للأساتذة بمكناس. كما أنه كلف برئاسة تحرير “البيت” مجلة “بيت الشعر بالمغرب” الذي هو عضو بهيئته.
   
بوحمالة صرح ثقافي مكناسي كبير. قامته العالمة هذه لا يوازيها، حسب من حظوا بشرف معرفته أو مجاورته، إلا سمو تواضعه وبساطته المثيرة للإعجاب. هو رجل لا يهوى الأضواء والبهرجة، ولا يستهويه المشي في دروب الشهرة. لكنه لا يتردد في الاستجابة بسخاء لأي نداء، مهما بعدت المسافات، حين يكون المبتغى تقاسم المعرفة ونثر فصوص الثقافة والجمال بأي طريقة كانت (ندوات، محاضرات، موائد مستديرة …). بنعيسى الشاعر والناقد الأدبي والمترجم الفذ، هو كذلك إنسان مسكون بهوى كل الأشكال التعبيرية الفنية الراقية من تشكيل ونحت وموسيقى، خاصة ذات الحمولة الافريقية/الأمريكية (الجاز – البلوز – السّول – الغوسبّل).
   
   اشتهر بوحمالة أكاديميا وإبداعيا بأنه ترك القصيدة وانتقل إلى نقدها، محققاً منجزاً نقدياً لا يؤمن بحدود جغرافية في الكتابة. عن هذا التحول يقول، بأن الانتقال من حقل إبداعي إلى آخر شيء قائم، وبأن حالته لا تشكل استثناء. ويضيف بأنه لم يكتب إلا عددا يسيرا من القصائد. وبأن انتقاله من إبداع الشعر إلى حقل الإبداع النقدي لم يفصله عن الشعر الذي ظل يشكل أهم اهتماماته وجل قراءاته الأدبية، التي لا تقف عند حدود الشعر العربي، بل تشمل، حسب تعبيره كل الجنسيات الشعرية: “الشعريات الأوروبية والأميركية والأفريقية والآسيوية”. بنعيسى لم يعد يكتب شعرا، لكنه لم يخرج من جبة الشاعر، وإن لم يكتب نصوصا شعرية ظل ولاؤه قائما لجنس الشعر عبر المقاربات النقدية. بالنسبة إليه، النقد يأخذ قيمة مضاعفة من خلال لغة الناقد الدقيقة ونظرته إلى القصيدة كمادة للنقد وكذلك تتبّعه لتجارب شعرية تقع في مدار شاسع محلي. وبذلك فهو، النقد، ضرب من مداناة ومؤانسة وحوار، أي إنصات متبادل.
عن مدارس النقد التي يكون قد تأثر بها أو التي يستلهم منها مقارباته، يقول بنعيسى “إن قسطاً وافياً من تربيتي النقدية يعود الفضل فيه إلى النّاقدين، الفرنسي رولان بارت (1915-1980)، والمصري أنور المعداوي (1965-1920)، ففي لغتهما النقدية السّلسة وتخريجاتهما القرائية النّاعمة والعميقة، وجدتُ هواي النقدي المخصوص الذي تجلوه جملة المقاربات التي أتيح لي إنجازها على مدى سنوات…”.
    فيما يشبه مقارنة بين الشعر والرواية، يعتقد بوحمالة بأن الرواية، بما أنها جنس أدبي طريّ لا يتجاوز عمره خمسة قرون، من الممكن الحديث عن محليّات، أو قُطريّات روائية. وبالتالي، عن رواية فرنسية وأخرى روسيّة وعن رواية مغربية وأخرى مصريّة. بينما الشعر – بتعبير الفيلسوف الألماني هيغل هو “فنّ كوني ضارب”.
وبسبب هذه الكونية يقول، بأنه بقدر ما يعثر على روحه في الشعر العربي، يلقاها أيضاً في الشعريات العالميّة. فالشعر، يضيف، لا يزال، بحكم خفره لمسيرة الوجود الإنساني، ذلك الأفق التّعبيري المشترك بين الشعوب والثقافات، ذلك الخزّان الهائل للانفعالات والتّمثلات الجوهرية العابرة للأزمنة والأمكنة، الشيء الذي يتساوى معه نص شعري آيل إلى ثقافة الإسكيمو أو آخر أنتجته ثقافة المايا، ونص سويدي أو أميركي موصول بموجة ما بعد الحداثة.
   يحسب أكاديميا وإبداعيا لبوحمالة – في ظلّ الجاذبية السحرية التي كان وما زال الأدب الغربي يمارسها على مبدعي وقراء الجنوب وغيرهم، لسبب أو آخر، – أنه وجه دفّة البحث والنقد صوب الشعر الأفريقي الذي كان خارج بؤرة المبالاة والعناية.
عن هذا التوجه يقول: «الموسيقى هي ما يقودني إلى فضاء هذا الشعر وتيّاراته وأسمائه، أقصد ولعي الباكر بموسيقى الأفارقة الأميركيين، كالجاز والبلوز والسّول والغوسبل، في ارتباطها بالذاكرة والمعيش، ما تعكسه قرائن شعرية، قوّة وفعلاً، في لباسهم الزّاهي وحركيّة أجسادهم وطقوسيّة بهجتهم أو حزنهم، في لكنتهم الإنجليزية المستعذبة وموسيقاهم الشجيّة”.
ويوضّح: “جاذبية كهذه هي ما قادني، لدى زيارة سابقة لي لنيويورك إلى أن أقضي معظم الوقت في حيّ هارلم الخرافي، معقل السود الأمريكيين. ألم ينعت فريدريكو غارسيا لوركا في ديوانه «شاعر في نيويورك”، السود بملح أمريكا؟، وذلك بعد زيارته الأمريكية التاريخية.
   عبر بوّابة الموسيقى بدأت قراءتي لأدب السّود الأميركيين، شعراء وروائيّين ومسرحيّين. وحين اكتشافي، وأنا طالب في الجامعة، التجربة الشعرية الأفريقية العربية ممثلة بالشاعر السوداني، محمد الفيتوري، الحفيد الرمزي لعنترة بن شداد، وأجيال من الشعراء السّود في التراث العربي، وكأنّما كان الأمر بمثابة إيقاظ لتلك الترسّبات والأرصدة التي استقرّت في وجداني عن الموسيقى السوداء. والنتيجة هي تصميمي، وقتها، على تعميق معرفتي ليس فقط بتجربة الفيتوري وتجارب أقرانه السودانيين، بل وكذلك بالمدار الأوسع الذي صنعته أسماء أفريقيا من إيديولوجيا ونظرية وتعبيرات شعرية وثقافية، مقارناً بين التّعبير الشعري العربي لدى الفيتوري وشعراء أفارقة وأميركيين وأنـتـيـلـيّـيـن باللغات الفرنسيـة أو الإنجليزية أو الاسبانية أو البرتغالية. على أن المكسب الأكبر لي كان معرفة أفريقيا أكثر، تاريخها ومجتمعاتها وثقافاتها وجروحها ومآزقها وتطلّعاتها”.
من الصدف الجميلة التي كان بوحمالة طرفا فيها والمرتبطة بموضوع افريقيا، يحكي ياسين عدنان، معد ومقدم البرنامج الثقافي التلفزي السابق “مشارف”، بأنه حين انتبه إلى أن هناك بعداً مهما من هويتنا لا يدافع عنه أحد، ولم ينبهه إليه أحد. ويعني به البعد الافريقي. قرر النبش في الموضوع . وهكذا أعد حزمة من الأسئلة (نوردها للإفادة كما صاغها المعني بالأمر): ماذا عن العُمق الإفريقي لثقافتنا المغربية؟ هل وجودنا على هذه القارة مجرد خطأ جغرافي؟ أم أن أفريقيتنا انتماء ثقافي؟ هل يكفي الانتماء الجغرافي لنعتبر أنفسنا أفارقة؟ لماذا لا ينشغل صُنَّاع الذائقة والوجدان عندنا بهذا العنصر الأساسي من عناصر هويتنا كمغاربة؟ لماذا نستحضر أدبنا المغربي في سياقه العربي في الغالب، أو نفكر فيه أحياناً انطلاقا من خصوصيتنا الأمازيغية، وربما من داخل دينامية فرنكوفونية بالنسبة لمن يكتبون بالفرنسية؟ لكننا بالمقابل لا نتوقف ولو عَرَضاً لنطرح على أنفسنا السؤال التالي: لماذا لا نقدم أنفسنا كأفارقة أيضاً؟ ثم هل تكفي الجغرافيا لنعتبر إنتاجنا الإبداعي المغربي أدبا إفريقيا؟ وإلا، ما الذي ينقصه ليكون كذلك؟
   بعد ذلك، يضيف، بدأت رحلة البحث عن مثقف مغربي أناقش معه هذه الأسئلة. وهنا فوجئت بأنه ليس لدينا ولو متخصص واحد يستطيع مجابهة هذه التساؤلات. لقد اعتذروا جميعاً. وفي الوقت الذي كنت فيه على وشك التخلي عن المشروع، جاء الفرج على يد بوحمالة الذي كان حينها قد أصدر مؤلفه “النزعة الزنجية في الشعر المعاصر: انطلاقا من تجربة الشاعر السوداني محمد الفيتوري”. وهكذا تنفست الصعداء، وتمكنت من إنجاز حلقة “مشارف” في الموضوع أعلاه وبمشاركة متميزة لبوحمالة. (المعلومات مستقاة بتصرف من نص المداخلة التي ساهم بها ياسين عدنان في ندوة “المغرب العربي وإفريقيا” التي احتضنتها مؤسسة هايـنـرش بول في إطار مهرجان برلين الدولي للأدب. نشرت بالاتحاد الاشتراكي بتاريخ 14-02-2014).
عن الجهل ب”الإفريقي” وعدم الالتفات إليه عربيا وبالتالي عدم تسرب النزعة الزنجية إلى الأدب المغربي، يقول بوحمالة: “لعلها ظاهرة تعرو الكثير من الآداب الوطنية والقارية، الشيء الذي كنت وصفته، في دراسة سابقة لي عن العلائق الممكنة بين الأدبين، العربي والأفريقي، بمفارقة الجوار. فبمقدار ما تتنامى درجة التفاعل بين جغرافيات وأمم متجاورة، إن إنسانياً، اجتماعاً، أو اقتصادياً…، يتخذ الأمر في الغالب الأعم شكلاً من جهل نسبي إن لم يكن مطبقاً، من لدن هذا الطرف أو ذاك، بأدب الجيران”.
هذه المفارقة يعزوها بالأساس إلى العامل الكولونيالي. في هذا الصدد يقول: “في الوضعية المحددة للتفاعل المفترض بين الأدبين، العربي والأفريقي، تتبعاً وتأثراً ونقلاً، لنقل إنه رغماً من كون الأفارقة السود شكلوا ولا يزالون، جزءاً لا يتجزأ من النسيج المجتمعي والثقافي العربي…… مع ذلك فإن تداعيات الماضي الاستعماري المشترك، وضعف آليات النشر والترويج الثقافيين في أفريقيا وكذلك انشداد الوجدان العربي، كما الأفريقي والعالم الثالث بوجه عام، إلى ما ينتج وينشر من آداب في العواصم الغربية الكبرى، مما حتم أن يؤشر أولاً، على الأسماء ومعها الإصدارات الأدبية الأفريقية في باريس أو لندن أو نيويورك، كيما تنتزع عناية الأوساط الإعلامية والأكاديمية والنقدية وتحظى بالتالي بالقراءة في العالم العربي”.
بعيدا عن النقد والشعر، وغوصا في الوجدان. يقول بوحمالة عن القضيّة الفلسطينيّة، بأنه كان يتعاطى معها، ليس فقطّ من زاوية التّآزر المبدئي مع شعب يتجرّع مرارة ظلم فادح. بل وأيضا باعتبارها عنوانا لخراب حضاري عربي ذريع. ومن ثمّ، وخارج معطى التّقاطب السنّي/الشّيعي، أو التّدافع الأمريكي/الإيراني في منطقة جغرافيّة حسّاسة، وسائر التّداعيات الجيو-ستراتيجيّة الواردة، فإنّ أعراض الانهزام والاستسلام وكذا التّطبيع، السّالف منه والمستجدّ، السّافر منه والمضمر، إن هي سوى قرائن لانحطاط أعمق يـعيق تخلّق أمّة عربيّة متحرّرة، شعارها الديمقراطيّة والمعرفة والابتكار، يكون بمقدور أبنائها دحر تأخرّهم التاريخي ومغالبة إيديولوجيا المحو والاحتلال والاضطهاد التي يؤدّي ثمنها الشّعب الفلسطيني سواء بسواء.
على مستوى التأليف الفردي، أصدر بوحمالة العديد من الكتب أثرى بها الخزانة الأدبية المغربية والعربية، نعرضها فيما يلي:
* “النّزعة الزنجيّة في الشّعر السوداني المعاصر، محمد الفيتوري نموذجا”، الجزء الأوّل، منشورات اتّحاد كتّاب المغرب، الرباط 2004
* “أيتام سومر، في شعريّة حسب الشّيخ جعفر”، الجزء الأوّل، دار توبقال، الدار البيضاء 2009 
* “أيتام سومر، في شعريّة حسب الشّيخ جعفر”، الجزء الثّاني، دار توبقال، الدار البيضاء 2009  
* “مضايق شعريّة، ترجمات.. مقتربات.. بّورتريهات”، منشورات “بيت الشّعر في المغرب”، مطبعة البيضاوي، الدار البيضاء 2013
* لانا ديركاك: “من صفّ ناطحات السّحاب.. وقصائد أخرى” (ترجمة) دار البدوي للنشر والتّوزيع، تونس 2014 
* “شجرة الأكاسيا.. مؤانسات شعريّة”، الجزء الأوّل، في الشّعر المغربي المعاصر، دار رؤية، القاهرة 2014 
* “شجرة الأكاسيا.. مؤانسات شعريّة”، الجزء الثّاني، في الشّعر العربي المعاصر، دار رؤية، القاهرة 2014 
* “النّزعة الزنجيّة في الشّعر السوداني المعاصر، محمد الفيتوري نموذجا”، الجزء الثّاني، منشورات اتّحاد كتّاب المغرب، الرباط 2014
* “بنعيسى بوحمالة.. تآويل العين والرّوح، دراسات، شهادات، حوارات” (كتاب جماعي حول أعمالي)، إشراف وتنسيق عبد الرزّاق هيضراني، منشورات دار الأمان، الرباط 2017
*  نشر دراسات نقديّة وترجمات أدبيّة وفكريّة ونصوصا إبداعيّة في صحف ومجلاّت مغربيّة وعربيّة وأسيويّة وأوربية وأمريكيّة.
*  آخر إصدارات بوحمالة، عن منشورات “بيت الشّعر في المغرب”، (دجنبر 2022)، كتاب مترجم تحت عنوان “آرثور رامبو: مقاربات.. شهادات.. إضاءات”.
Visited 20 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد الرحمان الغندور

كاتب وناشط سياسي مغربي