السويد مضمونة في الناتو .. والمجر تحاول فرض هيبتها
د.خالد العزي
وقفت عقبة جديدة في طريق توسع الناتو. فإنضمام السويد إلى الحلف لا تعيقه تركيا فحسب، بل المجر أيضًا، حيث عقدت بتاريخ 3 تموز ــــ يوليو 2023 جلسة طارئة لمجلس النواب المجري استمرت ثلاثة أيام فإذا لم يصادق النواب خلال هذا الوقت على اتفاقية انضمام السويد إلى الناتو، فلن تصبح الدولة الاسكندنافية عضوًا كاملاً في الحلف حتى الخريف على الأقل.
لقد تحدى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حلفاءه الغربيين مرة أخرى، خاصة بعد فشل المفاوضات بشأن الإفراج عن أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة لبلاده وتجميدها، عندها رفض رئيس الحكومة المجرية تقليص صلاحياته، وبدأ في منع السويد من الانضمام إلى الناتو.
تحاول المجر استخدام ورقة انضمام السويد الى الحلف من اجل ابتزاز الاتحاد الأوروبي للحصول على مكتسبات هادفة تخص رفع مستوى اقتصاد بلاده التي تعيش حالة ضيقة مما يدفع الرئيس للإمساك بهذه الورقة التي يتصادف جانبا الى جانب مع رفض تركيا لإنضمام السويد الى الاتحاد.
التشابه ببن الموقفين التركي والمجري: تدخلت تركيا التي كان لديها العديد من الشكاوى ضد السلطات السويدية. وكان من أهمها التعاون في مكافحة معارضي الزعيم التركي رجب طيب أردوغان – الانفصاليون الأكراد وأنصار الداعية فتح الله غولن. فكان الحوار بين البلدين معقدًا بسبب حرق المصحف مؤخرًا في ستوكهولم، بترتيب من قبل مواطن عراقي. حيث تبذل قيادة الناتو الآن قصارى جهدها حتى تظل تركيا والسويد تجدان لغة مشتركة قبل قمة الحلف في فيلنيوس، التي ستعقد في 11-12 تموز /يوليو 2023.
الآن اتضح أن المجر بحاجة أيضًا إلى الإقناع، حيث صرح أوربان أن البرلمان، وتنتمي الأغلبية من الاعضاء إلى حزب فيدس الموالي للحكومة، يؤخر التصديق على اتفاقية انضمام السويد إلى الناتو لأسباب فنية فقط.
اذًأ رئيس الوزراء وأعضاء حكومته إما لم يتحدثوا على الإطلاق عن موضوع السويد امام جلسة البرلمان، أو قدموا تفسيرات غامضة للغاية مما ساهم بتأجيل التصديق. وهكذا انتهت دورة الربيع للبرلمان، ولم يتم المصادقة على الاتفاقية. وذكرت وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر في السلطات المجرية، أن أوربان يخطط لإعطاء الضوء الأخضر لإنضمام السويد إلى الناتو في غضون أيام قبل قمة فيلنيوس. لصالح حقيقة أن هذا سيحدث، كانت هناك أنباء عن تعيين جلسة صيفية استثنائية للبرلمان.
وبهذا الخصوص علقت معارضة رئيس الوزراء المجري ونائبة رئيس حزب الائتلاف الديمقراطي أغنيس فاداي، التي سألت قرائها بسخرية على شبكة التواصل الاجتماعية. فان الحكومة لم تذكر إمكانية تغيير جدول أعمال الجلسة.
والذي يجب أن يستمر هذا التغيير في دول الحكومة ثلاثة أيام: 3 و 4 و 7 تموز /يوليو 2023. وفي اليوم الأخير من الشهر السابع لهذا العام، كما روى رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، خلال محادثته مع نظيره المجري. وقد تحدثت مرتين مع رئيس الوزراء أوربان حول تصديق المجر على طلب السويد للانضمام إلى الناتو. وفي المرتين أكد أن المجر لن تؤخر عملية قبول السويد في التحالف.
لا بد أنهم فوجئوا في ستوكهولم عندما نشر البرلمان جدول أعمال الدورة الاستثنائية. ولم يشمل مسألة التصديق على اتفاق قبول السويد في الناتو. لقد اتضح أن جلسة استثنائية ستناقش ميزانية البلاد ومشروع قانون مهم للغاية للمجر – بشأن وضع المعلمين.
والسؤال الذي يطرح نفسه على الجميع هل حصل أوربان على إذن من بوتين للتصويت لصالح انضمام السويد إلى الناتو؟” فإذا حكمنا من خلال الأحداث الأخيرة، لا يزال أوربان يتوقع الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي بشأن الـ 12 مليار يورو المجمدة. لذلك، رفع المخاطر بكل طريقة ممكنة في المساومة مع بروكسل. حيث أعلن وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو بشكل غير متوقع أن بلاده ستطلب من الاتحاد الأوروبي تمديد إعفاء من العقوبات ضد روسيا العام الماضي. والسماح لمجموعة الطاقة المجرية MOL بتصدير المنتجات النفطية المنتجة إلى جمهورية التشيك بفضل توريد المواد الخام الروسية عبر خط أنابيب النفط.
إن مجموعة الطاقة تحتاج إلى عام إضافي لاستكمال تحديث مصفاة سلفات نفط في سلوفاكيا. دون هذه الترقية، كما يجادل، لا يمكن لـ MOL التخلي عن النفط الروسي. عشية المفاوضات المعقدة التي استمرت لأشهر مع الاتحاد الأوروبي.
باختصار، لدى أوربان الكثير من الأشياء التي يمكنه من أجلها تبادل موافقته على انضمام السويد إلى الناتو. منصب رئيس الوزراء المجري يسهل غياب الضغط داخل البلاد. نعم ، كانت هناك احتجاجات في المجر. لكن المعارضة تحتشد خارج البرلمان ليس من أجل آفاق السويد الأوروبية الأطلسية، ولكن ضد مشروع قانون بشأن وضع المعلمين الذي سيزيد بشكل كبير ساعات عملهم وفترة المراقبة والقدرة على المجادلة مع صاحب العمل.
اذن لا ينبغي المبالغة في أهمية مسألة التصديق على الاتفاقية. السويد بالفعل عضو بالفعل في الناتو. حصلت البلاد على جميع الضمانات التي يمكن أن يقدمها التحالف لها، وقواتها المسلحة مندمجة هناك. الأمر متروك للإجراءات القانونية. وانصياعهم للسويد والناتو ما هو إلا مسألة هيبة وتأكيد للقدرة على ضمان وحدة صفوف الغرب في مواجهة المواجهة مع روسيا.