إيران تغلق سجن “جوهردشت” لمحو أدلة مجزرة عام 1988
السؤال الآن ــــ تقرير
أغلق النظام الإيراني سجن جوهردشت لمحو الأدلة على الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبت في مجزرة عام 1988.
ولفترة طويلة، كان موضوع نقل سجني قزلحصار وجوهردشت كرج (عاصمة محافظة البرز) على جدول أعمال رئيس للسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية لنظام ولاية الفقيه ومنظمة السجون.
وتم تنفيذ هذا الإجراء بسرعة بالمقارنة مع المشاريع الحكومية المعتادة، مما يطرح السؤال عن الهدف من جهود إغلاق سجني قزلحصار وجوهردشت بشكل متسرع للغاية؟ وعلى وجه الخصوص، سجن جوهردشت سيء السمعة بين الناس في إيران والذي عُرف بأنه سجن مخيف ومرعب للغاية.
هل الهدف حقاً هو إزالة هذا السجن سيء السمعة من الجغرافيا الحضرية أم محو آثار مذبحة عام 1988؟
تختلف الأعذار التي يقدمها العديد من المسؤولين الحكوميين في القضاء أو حتى البرلمانيين في لجنة الأمن والسياسة الخارجية عن ذلك. لكن أهمها أنه بسبب موقع هذين السجنين في المنطقة الحضرية، فإن كثافة سجناء البلاد تزيد عن 10٪ في مدينة كرج، وهجرة عائلات السجناء إلى كرج والعيش في أماكن عشوائية، وتنظيم عمل هذين السجنين تحت إدارة المديرية العامة للسجون في محافظة طهران، وسط تساؤلات عما اذا كان السجنان مطروحان للبيع.
يذكر إنه لأول مرة في تاريخ حكومة ولاية الفقيه، اعتقل حميد نوري، مساعد نائب المدعي العام في سجن جوهردشت عام 1988 والمتورط في مذبحة السجناء السياسيين وأعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وجماعات سياسية أخرى معارضة لنظام ولاية الفقيه، في 9 نوفمبر 2019 فور دخوله السويد. وبعد 92 جلسة في المحكمة الجنائية الإقليمية في ستوكهولم، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة لمشاركته في إعدامات عام 1988.
يرتبط اسم سجن جوهردشت بشكل لا يمكن إنكاره ولا لبس فيه بمذبحة السجناء السياسيين في عام 1988، حيث تمت إعادة محاكمة العديد من السجناء المسجونين في سجن جوهردشت، بمن فيهم أولئك الذين أنهوا عقوبتهم بشكل قانوني، ثم حكم عليهم بالإعدام من قبل لجنة الموت مستشهدين بأمر مكتوب بخط اليد من الخميني بإعدام جميع أعضاء مجاهدي خلق الثابتين على مبادئهم في دعم منظمة مجاهدي خلق.
وفي غضون أسابيع قليلة، تم إعدامهم جميعًا بشكل جماعي في أحد الأماكن المروعة في سجن جوهردشت المسمى الحسينية، والذي كان في الواقع قاعة الموت (صالة الإعدام)، ثم تم دفنهم بشكل جماعي في مقابر جماعية.
وخلال محاكمة حميد نوري ، في المحكمة الجنائية الإقليمية في ستوكهولم السويد، تم الكشف عن تفاصيل الجريمة ضد الإنسانية بالتفصيل من قبل الناجين والشهود على المجزرة المروعة. تم تسجيل هذه التصريحات المروعة رسميًا كدليل قانوني وقضائي.
تم إعداد نسخة مجسمة طبق الأصل (Model of Gohardasht Prison) من هذا السجن من قبل أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذين أمضوا سنوات في سجن جوهردشت وتم إنقاذهم بأعجوبة من الإعدام، وتم عرض مجسم السجن أثناء جلسات محكمة جنايات ستوكهولم في نوفمبر 2022، التي تم نقلها مؤقتًا إلى مدينة دوريس في ألبانيا.
وبعد ذلك لمواصلة محاكمة حميد نوري في ستوكهولم، تم نقل النسخة المتماثلة المذكورة (الماكيت) هناك من قبل منظمة مجاهدي خلق وتم تسليمها إلى هيئة قضاة المحكمة.
وتظهر غرف التعذيب، حيث كان المدانون يصطفون معصوبي الأعين في انتظار الإعدام، و “ممر الموت” وقاعة الإعدام الجماعي حيث تم إعدام الضحايا، بوضوح في هذه النسخة المتماثلة (الماكيت).
وبحسب اعتراف رضا ملك (ملكيان) وكيل التحقيق بوزارة المخابرات في الحكومة الإيرانية خلال وزارة علي فلاحيان، أعدم مسئولو وقادة نظام ولاية الفقيه في مجزرة عام 1988، 33 ألفًا 700 شخصاً، معظمهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، لكنهم لم يسلموا جثث أي من الضحايا لعائلاتهم.
في السنوات الأخيرة، واصل النظام الإيراني أعماله لتدمير الأدلة وأماكن الجريمة، وقد ذهب إلى حد تدمير قبور ضحايا الإعدامات السياسية وبناء المباني والطرق السريعة فوق المقابر الجماعية التي دفنها سراً. وهذا سلوك مقيت واستمرار واضح لجرائمهم ضد الإنسانية.
في 14 تموز/ يوليو 2022، حكمت المحكمة السويدية على حميد نوري بالسجن مدى الحياة بعد 9 أشهر من المحاكمة.
وبما أنه أثناء محاكمته، ورد اسم سجن جوهردشت مرارًا وتكرارًا في الملف، وتم تقديم النسخة المطابقة المذكورة أعلاه من هذا السجن وتسجيلها رسميًا في محضر المحاكمة، سارعت الحكومة الإيرانية إلى إتلاف هذه الأدلة المتعلقة بهذه القضية.
تم نقل سجن جوهردشت بشكل سريع وعاجل لدرجة أن السجناء لم يُمنحوا حتى الفرصة لنقل ممتلكاتهم وأدويتهم. وأعربت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، باستمرار عن قلقها بشأن الظروف الرهيبة وغير الإنسانية للاحتفاظ بالسجناء السياسيين والرأي والسجناء العاديين في سجن جوهردشت.
ومن المتوقع أن تقوم هيئات حقوق الإنسان، وتحديداً مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بإحالة قضية الجرائم الممنهجة لنظام الملالي إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذا هو أقل الحقوق التي يجب أخذها في الاعتبار لعائلات الضحايا في مجزرة عام 1988 والناجين منهم.