الانتفاضة الإيرانية على أبواب عامها الأول هل من تغيير؟
السؤال الآن ــــ تقرير خاص
منذ أواخر ديسمبر2017، شهدت إيران عدة إنتفاضات کبيرة، لکن أکبرها کانت في 16 سبتمبر2022، على أثر مقتل الشابة الکردية “مهسا أميني”.
هذه الانتفاضة قد کان لها الاثر في تغيير المشهد السياسي في إيران ونجمت عن عدة تطورات مهمة أنذرت بالإطاحة بالنظام، وعمقت مأزق الحكومة، وفشلها في ايجاد بدائل تحت عنوان تبنيها للاصلاح .
كانت المرأة في طليعة هذه الانتفاضة ولوحظ دورها في قيادة الشباب في كثير من المحطات، مما شكل علامة على عزم المجتمع الإيراني على إحداث تحول على ارض الواقع، وبدا الايرانيون في انتفاضتهم السلمية أنهم مستعدون لدفع ثمن باهظ مقابل الحرية. فخلال 6 أشهر من الانتفاضة، قتل جهاز حرس النظام ما لا يقل عن 750 متظاهرا.
بحسب تقويم مصادر في المعارضة الايرانية فإن “النظام عالق في طريق مسدود وليس لديه أدنى قدرة على الإصلاح. لأن الاصلاح يتطلب تحطيم هيمنة خامنئي وإسقاط النظام بأكمله. كما ان النظام يحصن نفسه ويتخذ إجراءات لضمان بقائه، وهو أمر يزيد استياء الشعب ويشعل نار الانتفاضة”، معتبرة إنه “أصبح من المستحيل العودة إلى الأوضاع التي کانت سائدة قبل الانتفاضة. والنتيجة أن الإطاحة بالنظام أمر لا مناص منه”.
وتشير هذه المصادر إلى أن “الانتفاضة أثبتت أن الشعب الإيراني يريد إنهاء الدكتاتورية الدينية وإقامة جمهورية على أساس الانتخابات الحرة، وفصل الدين عن الدولة، والتمسك بالقيم الديمقراطية. فشعار موت خامنئي شعار نطقت به معظم شرائح المجتمع. مثلما كان عليه الحال عندما تم رفع شعار الموت للشاه في الأشهر الأخيرة من حكمه”.
وبرأي المصادر الايرانية المعارضة فإن “النظام لم ينجح في ترويج بدائله المزيفة للمعارضة عندما اشتدت الاحتجاجات، وروجت دول غربية لشخصيات وصفت إنها في قيادة الانتفاضة، وأقامت عروض سياسية حول تشكيل بديل باستخدام التلفزيونات التابعة لنفس الحكومات. لكن سرعان ما تبين أن لا دور لهم في الانتفاضة، بل إن بعض هؤلاء المعارضين المزعومين أيدوا الانسجام مع الحرس الثوري. كل هذا تم تشكيله بقصد إلحاق الضرر بالانتفاضة، وعمليا كان ذلك على حساب الانتفاضة ولصالح خامنئي”.
وحول إجراءات النظام لمواجهة الانتفاضة، تقول المصادر نفسها ان ان سياسة القمع اتبعت مع الجميع لا سيما ضد النساء. فخططت القوى الامنية لهجمات كيماوية على مدارس البنات. وإختلقت العديد من القيود لفرض الحجاب الإجباري على النساء. وتم القبض على العديد من النساء. وفي المواجهة رفض كثيرات من النساء الإيرانيات الحجاب الاجباري والحكم الاجباري، واطلق النظام حملة تضليلية وإضفاء الشيطنة على فكرة أنه لا بديل عن النظام الحاكم”.
وتلفت المصادر إلى ما جرى أخيرا، حيث “تم الكشف عن وثائق من وزارة الخارجية الإيرانية تظهر أن أهم المؤسسات السياسية والأمنية للنظام، بما في ذلك الحرس الثوري، وفيلق القدس، والقضاء، ووزارتي الخارجية والاستخبارات، شكلت لجنة مشتركة للتعامل مع تنظيم مجاهدي خلق. ومن إجمالي 13 إدارة عامة بوزارة الخارجية، يشارك في هذه اللجنة رؤساء سبع إدارات عامة”.
تزامناً مع اقتراب ذكرى الانتفاضة الإيرانية باشر النظام الإيراني باتخاذ إجراءات تحسباً لاندلاع انتفاضة جديدة، وأكد المتحدث باسم قوات أمن النظام، في 16 تموز/ يوليو، نشر دوريات لشرطة الآداب، وقد أثارت عودة هذه الدورية القمعية إلى الشوارع ومقاومة النساء غير المتوقعة ضدها جدلاً داخل النظام.
وتقول المصادر أن “أحمد رضا رادان، الذي تم تعيينه قائداً لقوات الأمن الخاصة في 7 كانون الثاني/ يناير 2023، يتمتع بكل سمات الظالم الوحشي الذي يمكنه إدارة هذه القوة القمعية. إذ قال يوم الخميس 20 تموز/ يوليو، رداً على موجة الإحتجاجات ومقاومة النساء لهذه الدوريات: “على الجميع أن يعرف أن هذه المهمة لا رجوع عنها”. بعبارة أخرى، يشير تأطير ملابس النساء كمسألة أمنية إلى مدى أهمية هذه (المهمة).
ونقلت وكالة أنباء إرنا الحكومیة عن أمين مجموعة العمل المعنية بالأضرار الاجتماعية للمرأة والأسرة التابعة للنظام قوله أنه “حسب التقارير، فإن ميزانية العام الماضي للحرب النفسية والمخصصة لوسائل الإعلام التي تهدف إلى خلق محفزات فعالة في أذهان الناس، تعادل 150 ضعف ميزانية إيران لسنة واحدة”.
في 15 تموز/ يوليو، هدد حسين سلامي، القائد العام للحرس قائلاً: ” سنقوم بمحو المعارضة والمتظاهرين، لكننا ننقذ المخطئين الذين يحتاجون إلى مساعدتنا”.
أما كاظم صديقي، أحد كبار الشخصيات في التسلسل الهرمي الديني للنظام، فكان أكثر قلقًا بشأن معضلة الحجاب أكثر من قلقه من تكاليف المعيشة الخانقة، إذ يقول إن النظام قد أنقذ من قبل (الأيدي الخفية) ويرى أولئك الذين لا يلتزمون بقانون حجاب النظام تهديداً للنظام، ويضيف إن الأمن سيكون مضمونًا من خلال (العمائم والشادور والاحتفالات الدينية) ، بالطبع، الأيدي الخفية التي يشير إليها صديقي ليست سوى جهاز الأمن المرئي للغاية الذي شعر به الشعب الإيراني، وخاصة النساء، لمدة 44 عامًا.
وتعتبر المصادر أن “النظام الإيراني يفقد قوته أمام الناس يوماً بعد يوم، على الرغم من تغيير تكتيكاته لتخويف الناس ومنع الاحتجاجات، غير أن شباب الانتفاضة في إيران يعدون أنفسهم ويواصلون الدفع باتجاه تغيير النظام في بلادهم. فمنذ عام 2017، تندلع الانتفاضات تقمع واحدة وتندلع أخرى من جديد في مکان آخر ووتوسع دائرة الانتفاضة لتضعف النظام”.
وتختم بالقول: “لقد أظهرت التطورات بعد انتفاضة خريف 2022 أيضا أنه على الرغم من كل الممارسات القمعية للنظام، إلا أن الظروف متفجرة. ولم يعد الناس على استعداد لتحمل الوضع القائم ولن يعود الوضع في إيران إلى ما كان عليه قبل سبتمبر. إذ تلوح في الأفق امكانية اندلاعها بسبب السخط على تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالدرحة الأولى”.