تظاهرات السويداء في يومها الرابع: ثورة حرية وليست ثورة جياع
السؤال الآن ــــ تقارير
لعبت مدينة السويداء السورية، دوراً مهماً في فترات تاريخية تم خلالها اتخاذ قرارات فاصلة في حياة سوريا السياسية، فهي مفصل العقد والربط، وطبيعة جغرافيتها جعلتها حاكمة لمنطقة المثلث القابضة على تقاطعات الحدود السورية- الأردنية- العراقية.
وها هي اليوم تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة تنتفض ضد الفساد المستشري في بعض دوائر الدولة، حيث أطلق أهالي محافظة السويداء في الجنوب السوري صرخاتهم لليوم الرابع على التوالي.
فبعبارة “للصبر حدود” لخص شيخ الطائفة الدرزية ما يجري في تلك المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، مؤكداً أن من حق المواطن أن يطالب بحل حاسم. وقال حمود الحناوي، في بيان اليوم، تعليقا على الاحتجاجات “يحق للمواطن أن يعيش كريما آمنا على نفسه ورزقه وعائلته”.
كما رأى أنه “على المسؤولين أن يعلموا حق العلم أن البطالة والجوع هما أكبر محرك لانهيار المجتمع، وأن الفساد المستشري بات أصل المشكلة وطال كل موقع في البلاد.” وطالب أبناء المحافظة أن يكون موقفهم موقف الكرامة والحرص على آدابها والحفاظ على مؤسسات الدولة الرسمية العامة والخاصة وعملها.
أتى ذلك، فيما شهدت بعض مناطق المحافظة خلال الأيام الماضية مهاجمة مكاتب الحزب الحاكم. وعمد العديد من السكان إلى إغلاق الطرق مع تصاعد الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي.
فيما قال ناشطون ومراقبون إن حشودا أطلقت هتافات مناهضة للحكومة في نحو عشر بلدات وقرى بمحافظة السويداء، احتجاجا على الإجراءات الاقتصادية الجديدة التي تتخذها السلطات، وفق ما نقلت رويترز
مصادر المرصد السوري لحقوق الانسان، وصفت مظاهرات اليوم بأنها الأكبر منذ انطلاقتها قبل أيام واعداد المشاركين تزداد وهم قدموا من مناطق مختلفة وتجمعوا بساحة الكرامة”، موضحة ان “المتظاهرين لم يهتفوا بشعارات تتعلق بالبنزين والخبز، هي ثورة كرامة وليست ثورة جياع مثل ما يريد البعض أن يصفها، هم يطالبون بإسقاط نظام بشار الأسد ورحيله”.
ورأت أن “النظام غير قادر على قمع أبناء السويداء ولا قمع أبناء الساحل لأن النظام في الوقت الحالي ليس بذات القوة التي كانت مع انطلاقة الثورة السورية عام 2011، النظام يصف أبناء السويداء بأنهم عملاء لإسرائيل بينما في الحقيقة أكبر عميل لتدمير سورية هو بشار الأسد”.
واشارت المصادر إلى أن “أبناء الساحل يريدون الانتفاضة لكن أسماء الأخرس تدخلت وأوعزت إلى شيوخ ووجهاء هناك بإخافة المدنيين بحجة الإرهـاب وأنهم إذا تحركوا وخرجوا بمظاهرات سيتحرك الإرهـاب في المنطقة وما إلى ذلك”.
وحسب وسائل الاعلام المعارضة ردد المحتجون خلال التظاهرات هتافات تطالب بالحرية، ورحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وخروج القوات الأجنبية، مثل “سوريا حرة بشار يطلع برا”، و”سوريا حرة إيران اطلعي برا”، و”سوريا بدها حرية”، “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”.
كما رفع المتظاهرون لافتات تدعو لتطبيق القرار الأممي 2254، الذي ينص على الانتقال السياسي كمخرج للحل في البلاد، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين والمغيبين قسراً في سجون النظام.
وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انخفاض قيمة عملتها إلى مستوى قياسي بلغ 15500 ليرة للدولار الأسبوع الماضي في انهيار متسارع. بعد أن كانت العملة تُتداول بسعر 47 ليرة للدولار في بداية الصراع قبل 12 عاما.
وكانت مسيرات مناهضة للحكومة اندلعت أيضا الأسبوع الماضي في تلك المحافظة بسبب ارتفاع أسعار البنزين الذي زاد من الضغط على الأسر التي تكابد بالفعل من أجل توفير الغذاء. وامتدت المسيرات لتشمل 11 مدينة وبلدة وقرية في المحافظة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما شهدت جميع الدوائر الحكومية والمحلات التجارية إغلاقا تاما في عدة مناطق.
في المقابل، لم تعلق السلطات السورية علناً على الاحتجاجات. فيما أكد عضو البرلمان السوري محمد تيناوي يوم الاثنين الماضي أنه لم يسمع بوجود “إضرابات” في السويداء، لكنه شدد على أن بلاده تعيش وضعا “قاسيا” بسبب العقوبات.
كما اعتبر في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي أن “الوضع في سوريا ليس كما يتم تصويره من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام”، قائلا “لدينا مقاربات متنوعة وكثيرة تعكف الحكومة على دراستها حاليا لتخفيف العبء على المواطن وتحسين الوضع المعيشي”.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر الأسبوع الماضي مرسوما تشريعيا يقضي بزيادة رواتب العاملين في مؤسسات الدولة بنسبة 100 بالمئة ليصبح الحد الأدنى للأجور 185 ألفا و940 ليرة شهريا (13 دولارا بسعر السوق الموازية / 17.4 دولار بالسعر الرسمي).
جاء هذا المرسوم بعد قرار أصدرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع أسعار البنزين والمازوت في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة.