ثالوث نهاية حكم الأسد؟

ثالوث نهاية حكم الأسد؟

 السؤال الآن ــــ تقارير

طرحت التطورات الميدانية في كل من دير الزور شرقي سوريا والسويداء في أقصى الجنوب ومنطقة الساحل في شمالي غربي البلاد، تساؤلات عما إذا كان هناك ترابط بينها وإمكانية حصول تطورات تؤدي إلى تغييرات في الاوضاع.

فقد اندلعت الأسبوع الماضي اشتباكات في قرى بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور(شرقي البلاد) بعد اعتقال ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة أميركيا، قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لها أحمد الخبيل، مما دفع مقاتلين محليين موالين له إلى شن هجمات عليها سرعان ما تطورت إلى اشتباكات انضمت إليها العشائر العربية، التي ينتمي إليها سكان المنطقة الممتدة حتى الحدود مع العراق شرقا، وأسفرت عن سيطرة العشائر على معاقل كبيرة لـ”قسد”. كما اشتبك مقاتلو العشائر مع قوات النظام السوري، وقطعوا الطريق الدولي “إم 4” على محور “صكيرو” جنوب تل أبيض بريف الرقة، وذكرت مصادر محلية أن مقاتلي العشائر سيطروا على حاجز لقوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية في ريف تل تمر شمال الحسكة.

وطرد مقاتلو العشائر العربية في بادئ الأمر القوات التي يقودها الأكراد من عدة بلدات كبيرة، لكن قوات سوريا الديمقراطية تقول إنها بدأت في استعادة السيطرة على الوضع.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة لم تدخل طرفا في القتال إلى جانب حليفتها قوات سوريا الديمقراطية كونها تخشى زعزعة الاستقرار في المنطقة وأن تتحول حقول النفط والغاز التي تسيطر عليها ويوجد فيها جنود أميركيون إلى جزر واقعة في محيط معادٍ لها كونها تقع في منطقة العشائر العربية. وأوفدت واشنطن مسؤوليْن رفيعين اجتمعا امس الأحد مع قيادات من الطرفين المتحاربين، واتفقوا على “نظر المظالم المحلية” و”وقف تصعيد العنف بأسرع ما يمكن”.

وأفادت المصادر بأن المسؤوليْن الأميركيين أكدا ضرورة تجنب سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وأهمية الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية في جهود دحر تنظيم الدولة الإسلامية، حيث تعتمد واشنطن على هذه القوات في فرض السيطرة على المناطق التي تم طرد تنظيم الدولة منها في سوريا عام 2019.

ويرى مراقبون أن الاشتباكات الجارية قد تمتد إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام خاصة أن بعض المواقع التابعة لقواته سيطر عليها مقاتلو العشائر خلال اليومين الماضيين، ومن الممكن أن تتدحرج كرة النار في حال امتداد الاشتباكات الأخيرة لتطال مواقع أخرى، إلا أن آخرين يرون أن النظام السوري وحلفاءه المستفيد الأكبر من الاشتباكات الحالية بين العشائر وقوات سوريا الديمقراطية كونها تضعف الطرفين في مناطق خارجة عن سيطرته، وأيضا تُدخل الولايات المتحدة في دوامة صراع عرقي قد يؤثر على وجود قواتها في سوريا.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، خرجت مظاهرات عديدة في محافظة السويداء الجنوبية، التي تضم معظم الطائفة الدرزية في سوريا، احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية وطالبت بتنحي الرئيس بشار الأسد عن منصبه.

وردد المحتجون خلال الاحتجاجات “الشعب يريد إسقاط النظام” و”سوريا حرة وبشار يطلع بره”، وهي ضمن شعارات أطلقها متظاهرون خرجوا للمطالبة بإسقاط حكم الأسد عام 2011 قبل أن تقمعها قوات الأمن التابعة له، وتنجر الأمور إلى صراع مسلح مستمر حتى اليوم.

والجمعة الماضي، بثت شبكات ترصد الحراك في السويداء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر ما وصفتها بمشاهد غير مسبوقة “لأكبر مظاهرة ضد الأسد” في تاريخ هذه المحافظة القريبة من الحدود مع الأردن.

واندلعت مظاهرات السويداء في أغسطس/آب الماضي بسبب رفع النظام الدعم عن الوقود، مما عكس ارتفاعا للأسعار وزيادة في الأعباء الاقتصادية والمعيشية على السوريين، الذين يعانون من تردي أحوالهم منذ سنوات.

ومع تصاعد الاحتجاجات في السويداء وإعلان المتظاهرين الأسبوع الماضي إغلاق مقرات حزب البعث الحاكم وعدد من المؤسسات التابعة للحكومة، أخلت قوات الأسد ثكنات وحواجز عسكرية شرق وجنوب المحافظة.

وازداد زخم المظاهرات مع انضمام قيادات للطائفة الدرزية إلى عدد من التجمعات وإعلانهم أن مطالب المحتجين “محقة”، كما خرجت مظاهرات داعمة لمتظاهري السويداء في درعا المجاورة، وهي المحافظة التي اندلعت منها شرارة ثورة 2011، وكذلك في مناطق أخرى في شمالي وشرقي سوريا بالمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة.

وقالت مصادر أمنية ودبلوماسيون وفق ما نقلت رويترز إن احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخرا دعوات نادرة للإضراب.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الشهرين الماضيين ظهور عدد من المؤثرين في محافظتي اللاذقية وطرطوس، اللتين تضمان معظم الطائفة العلوية التي ينتمي لها رئيس النظام السوري بشار الأسد وقادة أجهزته الأمنية وتشكيلاته العسكرية، دعوا خلالها لرحيل النظام، ووصل الأمر ببعضهم لتحدي أجهزة النظام الأمنية باعتقالهم.

وأظهر أصحاب المقاطع الذين تزايد عددهم تدريجيا، إحباطهم الشديد من السياسات الاقتصادية للنظام، فضلا عن نفوذ زوجته أسماء ومجلسها الاقتصادي، الذي يُحمِّله السوريون مسؤولية الانهيار السريع لليرة المحلية.

والأسبوع الماضي أظهرت صور نشرها ناشطون على صفحاتهم على مواقع التواصل أن بعض سكان محافظة طرطوس الساحلية (شمال غرب) رفعوا لافتات صغيرة كُتب عليها “سوريا لنا وما هي لحزب البعث (الحاكم)” وفي الخلفية صورة الأسد على لوحة إعلانية كبيرة.

ولا تذكر وسائل الإعلام الرسمية عادة الاحتجاجات، لكن معلقين موالين للحكومة اتهموا قوى أجنبية بتأجيج الاضطرابات خاصة في السويداء، وحذروا من تفشي الفوضى إن استمرت.

ويبدو النظام السوري مقيدا في إطلاق العنان لقواته لإخماد احتجاجات العلويين بالتحديد، إذ اقتصر الأمر على ملاحقة واعتقال بعض النشطاء بطرق سرية بعيدا عن الأنظار، كذلك دفع بـ”الشبيحة” لترهيب المحتجين والمنتقدين وتهديدهم بالاعتقال أو التصفية، ويرجع ذلك إلى خشيته من وقوع انتفاضة واسعة قد تؤدي إلى اختلال الوضع الأمني ضمن مناطق دعمته بثبات خلال سنوات الحرب.

ويربط محللون بين التطورات الثلاثة، ويرون أنها تساهم في إضعاف الأسد خاصة في السويداء والساحل السوري معقله الرئيسي، وأن تلك التحركات من الممكن أن تحيي المطالبة الدولية بتطبيق قرار مجلس الأمن 2245 الداعي لإيجاد تسوية سياسية دائمة للوضع في سوريا، في حين يرى آخرون أنها متباينة الخلفيات والأهداف وقد لا تؤثر على حكم الأسد وبقائه في السلطة.

بيد أن لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي اليوم الاثنين، وكذلك زيارة وزير خارجية تركيا هاكان فيدان كلا من موسكو وطهران وبغداد وأربيل مؤخرا، وأيضا تحركات غير معلنة للجيش الأميركي على الحدود العراقية السورية مؤخرا، عدا عن الحراك في السويداء والمناطق الساحلية، توحي بتحرك ما في الملف السوري، وفق مراقبين.

وكان 23 شخصا لقيوا مصرعهم في اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل موالية لتركيا، في شمال شرق سوريا. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: “قتل 18 عنصرا من الفصائل (الموالية لتركيا) و5 من قوات النظام، في اشتباكات اندلعت إثر محاولة تسلل الفصائل إلى منطقة تل تمر في ريف الحسكة الغربي”، لافتا إلى إصابة آخرين.

ووقعت الاشتباكات في منطقة تل تمر في شمال غرب محافظة الحسكة التي يسيطر عليها الأكراد، وفق المرصد الذي يعتمد على شبكة واسعة من المصادر داخل سوريا.

وأضاف المرصد أن عناصر من تحالف فصائل معارضة مدعومة من تركيا ومعروفة باسم “الجيش الوطني السوري” حاولوا التسلل إلى المنطقة في وقت سابق الأحد. ورد الجيش السوري ومقاتلون محليون مرتبطون بقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، ما أدى إلى وقوع خسائر، وفق المرصد. وتقع منطقة تل تمر قرب شريط حدودي يقع تحت سيطرة أنقرة والموالين لها.

وفي محافظة دير الزور المجاورة بشرق البلاد، دارت اشتباكات دامية هذا الأسبوع بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن ومجموعات تابعة لعشائر عربية محلية. وأسفرت أعمال العنف هذه عن مقتل 23 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية و39 مقاتلا محليا وتسعة مدنيين، وفقا لحصيلة جديدة أوردها المرصد.

واندلعت بداية الأسبوع اشتباكات في بضع قرى في ريف محافظة دير الزور الشرقي بعد عزل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي تحالف فصائل كردية وغربية يقوده المقاتلون الأكراد ومدعوم أمريكيا، لقائد مجلس دير الزور العسكري التابع لها أحمد الخبيل.

ودفع ذلك مقاتلين محليين موالين للقيادي الموقوف منذ أسبوع إلى شن هجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية سرعان ما تطورت إلى اشتباكات، وفق المرصد. وبعد أسبوع من التوتر، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية حظر تجول في المنطقة ابتداء من السبت ولمدة 48 ساعة.

ونددت قوات سوريا الديمقراطية في بيان بـ”دعايات متعمدة تحاول إظهار أن ما يجري على أرض الواقع هو حرب ما بين قواتنا والعشائر العربية”، مؤكدة أن هذا هدفه “خلق الفتنة”.

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي لوكالة الأنباء الفرنسية إن ما يحصل هو “اشتباكات مع عناصر (تابعة لـ) النظام وبعض المستفيدين” من القيادي المعزول.

من جهته، نفى شيخ العكيدات، إحدى العشائر العربية الكبرى في سوريا، وجود هدنة بين العشائر وما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، بعد أسبوع من القتال بين الطرفين خلّف قتلى وجرحى وامتد إلى مناطق جديدة خلال اليومين الماضيين.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة