أذربيجان لم تضرب الحاجب وأرمينيا لا لتحالفات غير مجدية

أذربيجان لم تضرب الحاجب وأرمينيا لا لتحالفات غير مجدية

د.خالد العزي

أعلن مجلس الأمن الأرميني أن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني سيجتمعان في 5 أكتوبر المقبل، لحل مشكلة التوترات التي اندلعت اخيرا في ناغورني كاراباخ وتسببت بقتلى وجرحى.

ويبدو أن تعد أرمينيا تؤمن بتحالفاتها الحالية “غير المجدية”، وفق ما أعلنه باشينيان اليوم الأحد في رسالة مبطنة إلى موسكو الحليف التقليدي ليريفان، والذي عجز عن دعمها في مواجهة أذربيحان. وكان باشينيان قد طرح في أيار/مايو 2023 احتمال انسحاب بلاده من منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي ترأسها روسيا. ورفضت يريفان في كانون الثاني/يناير استضافة مناورات لهذه المنظمة، فيما أجرت مناورات أخرى مع الولايات المتحدة هذا الشهر، ما أثار استياء موسكو.

وكانت أذربيجان اعلنت في 19 ايلول /سبتمبر 2023 ، عن بدء “إجراءات محلية لمكافحة الإرهاب” في كاراباخ. والهدف يتلخص في استعادة النظام الدستوري في المنطقةـ أي في جمهورية ناغورني كاراباخ غير المعترف بها. لقد كان رد فعل العالم مختلف: طلبت فرنسا عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي. وامتد التفاقم على الفور إلى يريفان، حيث اقتحم آلاف المتظاهرين المبنى الحكومي.

بغض النظر عن الأخبار التي رافقت بدء العملية العسكرية التي أطلقتها باكو في كاراباخ بكونها ناتجة عن هدف تنظيف المنطقة من الإرهابيين، اواتت نتيجة حصول مناوشات عسكرية بين الطرفين في المنطقة، لكن لا بد من القول بان بوادر التفجير كان معروفا سابقا بان الامور قد تصل الى لحظة الانفجار الذي سيكون سببها انفجار لغمًا ارضيًا يؤدي الى مقتل سائق شاحنة عسكرية دفع بابكو بالذهاب نحو حملة عسكرية واضحة.

فإن انفجار اللغم الذي وقع في منطقة خوجافيند بنظر أذربيجان يظهر مرة أخرى أن الهدف الرئيسي لأرمينيا وما يسمى بالنظام الذي أنشأته هو زيادة التوتر العسكري في المنطقة وتنظيم هجمات إرهابية.

يعتبر هذا أكبر عمل عسكري منذ حرب كاراباخ الثانية في خريف 2020. التي أعادت باكو فيها سيطرتها على جزءًا كبيرًا من الأراضي المجاورة  الى ناغورني كاراباخ، وكذلك أجزاء من ناغورني كاراباخ نفسها. ووعدت إدارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بمواصلة هذه العملية حتى تستسلم القوات المسلحة الأرمينية، ويجب على النظام غير الشرعي، بحسب باكو، أن “يحل نفسه”.

ووصف مساعد رئيس أذربيجان لشؤون السياسة الخارجية حكمت حاجييف أن الهدف الرئيسي لباكو هو تحييد البنية التحتية العسكرية لأرمينيا في كاراباخ. وبحسب قوله، فقد تم اتخاذ خطوات استفزازية ضد باكو في المنطقة. ومن بين الأهداف الأولى التي تم تدميرها، كما أفادت وزارة الدفاع الأذربيجانية، كانت محطة الرادار الشاملة المتنقلة من طراز P-18 Terek ومستودعات الذخيرة.

اذن مضمون العملية العسكرية التي تقوم بها اذربيجان قد حمل شعارا واضحا من اجل مكافحة الإرهاب المحلية التي تنفذها أذربيجان في كاراباخ مستهدفة بطبيعتها: “تستند هذه الإجراءات إلى بيانات استخباراتية ولها هدفها”. لان  الهدف الرئيسي هو تفكيك البنية التحتية للجماعات المسلحة غير الشرعية في أرمينيا، المتبقية في المنطقة بما يتعارض مع اتفاقيات زعماء روسيا وأذربيجان وأرمينيا، التي تم التوصل إليها قبل ثلاث سنوات، بعد انتهاء حرب كاراباخ الثانية.

فأن الجانب الأذربيجاني يفعل كل ما هو ضروري لتجنب وقوع إصابات بين السكان المدنيين الأرمن وتزويدهم بكل ما هو ضروري لتهيئة الظروف للإخلاء إلى المناطق الآمنة.

بدورها السلطات الأرمينية كانت تنتظر منذ فترة طويلة التصعيد – سواء في كاراباخ أو على الحدود مع أذربيجان. وفي بداية الشهر، قال الجانب الأرمني إن باكو تحشد قواتها على الحدود وعلى خط الاتصال في كاراباخ. كل شيء حدث على خلفية الحصار المفروض على المنطقة.  في الشهر الرابع من هذا  العام، أنشأت أذربيجان موقعاً في ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيد الذي يربط جمهورية ناغورني كاراباخ بأرمينيا، وتوقفت البضائع عن الوصول إلى الجمهورية غير المعترف بها.

والجدير بالذكر بانه بعد سلسلة اتصالات بين الأطراف المعنية بالملف الأذربيجاني ــــ الارميني ارتفعت التوقعات بإحياء المفاوضات بين باكو ويريفان  وكذلك بين ستيباناكيرت وباكو. وأصبح من الواضح بأن الآمال ذهبت سدى.

وصرح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إن يريفان لن تتقاتل مع أذربيجان بشأن المنطقة المتنازع عليها. حيث بدأت الاحتجاجات العفوية في أرمينيا، لكن الخبراء يعتقدون أنه على الرغم من الأزمة العسكرية والسياسية، سيكون باشينيان قادرًا على الاحتفاظ بالسلطة، بمساعدة الولايات المتجدة الأمريكية، والذي بدأ في مغازلتها منذ وقت.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني