بعد زلزال الحوز .. سر حفرة الجديدة يتكشف
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
الحفرة الضخمة بعمق 60 متراً التي ظهرت بعد 20 يوما من زلزال الحوز في قرية قريبة من مدينة الجديدة على ساحل الأطلسي، أثارت مخاوف السكان واستغراب السلطات والمختصين، وحشرية الصحافة المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث طرح ظهورها أسئلة ومخاوف لدى البعض من احتمال وقوع زلزال آخر، فيما ربط آخرون ظهورها بالحفرة التي تشكلت أيضاً في تركيا عقب زلزال فبراير الماضي.
كشف صاحب قطعة الأرض التي ظهرت بها الحفرة في قرية ولاد فرج، الرداد فلاحي، أنه “صبيحة يوم عيد المولد النبوي (27 سبتمبر)، كان أخي يرعى الغنم بمحاذاة الأرض وشاهد رقعة ضخمة من الأرض منهارة… فهرع إلي مذعوراً. وبعد أن ذهبت لأطلع على الأمر فوجئت بمشهد مخيف، لم يسبق لي أن شاهدت مثله!”.
وأضاف في حديث إلى “وكالة أنباء العالم العربي” (AWP) أن مساحة أرضه بالكامل بما فيها البيت الذي يسكنه ومكان الحفرة تبلغ 22 فداناً، في حين أن مساحة البقعة التي تشكلت فيها الحفرة تبلغ 1000 متر تقريباً وبعمق 60 متراً، مردفاً أنها مرشحة للاتساع في أي لحظة، حتى إنه يصعب الاقتراب الشديد منها لخطورة السقوط فيها.
ومضى قائلاً إنه منع أطفاله وأطفال جيرانه من الاقتراب من الحفرة التي تبعد عن مقر سكنه بنحو 300 متر فقط، وتوقف عن رعي غنمه أيضاً إلى حين إيجاد حل.
كذلك أكد أن السلطات المحلية نصبت سياجاً حول الحفرة حفاظاً على سلامة سكان المنطقة إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة، غير أنه شكا من أن السياج غير متين وأن هذا الإجراء وحده غير كافٍ.
في هذا الصدد أعرب خبير الجيولوجيا محمد زهيمي عن اعتقاده بأن ظهور الحفرة قد تكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في الثامن من سبتمبر الماضي، وإن كان أشار إلى أن الحفرة بعيدة جداً عن مركز الزلزال الذي كان في منطقة إيغيل.
ونبّه إلى أنه لا يمكن إغفال ارتدادات الزلزال التي وصلت لمناطق أخرى وهو أمر عادي من الناحية الجيولوجية، مشيراً إلى أنه يمكن ربط الأمر أيضاً بما حدث في تركيا حين ظهرت حفرة عملاقة على مساحة 1400 متر مربع وبعمق 12 متراً في قونية بعد الزلزال مباشرة وأثارت مخاوف من وقوع زلزال آخر.
كما أوضح لوكالة أنباء العالم العربي أن “مناطق الخسف” أو الهبوط الأرضي تكون في العادة مرتبطة بالزلازل، لافتاً أيضاً إلى الزلازل البركانية التي يمكن أن تؤدي لتدفق حمم بركانية أو حدوث خسف.
كذلك أضاف: “بالمغرب هناك مناطق معروفة بالأقاليم البركانية، وهي منطقة تيمحضيت بالأطلس المتوسط المغربي التي تحتوي على براكين بجبال هيبري”، مردفاً أنه “بجانب هذه الجبال البركانية هناك مناطق الخسف غير المعروفة لدى عامة الناس”، لافتاً إلى أن مناطق الخسف في ضواحي مدينة الجديدة مرتبطة بطبيعة الصخور الكلسية في المنطقة.
واستطرد قائلاً إن الصخور الكلسية “قابلة للذوبان بسهولة في الماء الحمضي أو ماء الأمطار المحمل بثاني أكسيد الكربون. وعند تفاعل الحمض مع الصخور الكلسية، تذوب وتتشكل حفر وتجاويف في الصخور، وهو ما يُعرف بعملية التآكل الكيمياوي”.
وكشف زهيمي أن الماء قد يتسبب في “كوارث” لا يمكن أن تتسبب فيها عوامل أخرى، خاصة إذا كانت طبيعة الصخور وطبقاتها الجيولوجية كلسية حيث تنتج عن تفاعلها مع الماء مسارات وغرف وأشكال كلسية كبيرة عبارة عن كهوف ومغارات. وأضاف أن ارتدادات الزلازل يمكن أن تتسبب في ظهور حفر ضخمة، “فعند حدوث زلزال قوي، ينجم عنه اهتزاز شديد في الأرض قد يؤدي إلى تشوه الطبقات الأرضية وتكوّن فجوات أو تشققات في الصخور”.
وأردف أنه “يمكن أن تتفاقم هذه الفجوات بسبب تأثير الزلازل المتكررة، مما يؤدي في النهاية إلى ظهور حفر ضخمة وعميقة في الأرض وقد تكون مليئة بالماء أو تحتوي على غازات ضارة مثل غاز الميثان”.
فيما رجح أن تكون الحفرة التي ظهرت في قرية ولاد فرج مرتبطة بحركة المياه وتأثيرها على طبيعة الصخور الكلسية “بحيث أُفرغت من الداخل وبقيت المساحة السطحية غير متينة ومرتكزة على أساس فارغ، وبالتالي تعرضت للانهيار وشكلت حفرة ضخمة”.
واستطرد قائلاً إن هذه الأشكال الكلسية معروفة في مناطق الجديدة وبني ملال أيضاً بالأطلس المتوسط المغربي، حيث تحتوي على هذا النوع من الصخور الكلسية، ويكون الماء سبباً في تهشيش بعض البؤر وبالتالي في انهيارات مفاجئة. كما كشف أن مغارة فريواطو الشهيرة وعمقها ألف متر تحت الأرض في مدينة تازة الواقعة على بعد 120 كيلومتراً شرق فاس ناجمة عن تفاعل الماء مع طبيعة الصخر في المنطقة.
وأشار إلى أن تشكل الحفر الشبيهة بحفرة قرية ولاد فرج يمكن أن يحدث أيضاً في المناطق التي بها غاز، “بحيث يقع خسف في الأرض بعد استخراج الغاز من تحتها، الشيء الذي يؤدي إلى انهيار الجزء المُفرغ”، لافتاً إلى أنه ربما يحدث الانهيار أيضاً “بسبب زيادة ضغط المياه أو الافتقار للتصميم الهندسي الجيد، أو سوء العناية بالبنية التحتية”.
يذكر أن زلزال الحوز الذي بلغت شدته 6.8 درجة على مقياس ريختر أسفر عن سقوط أكثر من 2900 قتيل و5500 جريح، معظمهم في أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة. كما ألحق أضراراً بالعديد من المباني والمعالم التاريخية في مراكش وعدة مدن أخرى.