العداء لمجتمع “الميم” .. والخطر على الحريات

العداء لمجتمع “الميم” .. والخطر على الحريات

السؤال الآن ـــــ وكالات

تعرّض مشاركون في تظاهرة داعمة للحريات العامة في وسط بيروت السبت الماضي، لاعتداء بالضرب من مجموعة شبان من خلفيات محافظة، بحجّة أن التظاهرة تدعم المثليين.

وروى ناشطون حقوقيون وأفراد من مجتمع الميم ــــ عين لوكالة فرانس برس عن تعرضهم لمضايقات وتلقيهم تهديدات بالقتل في الفترة الماضية، في وقت تقود جهات سياسية حملات معادية تخللتها دعوات لمقاطعة ألعاب وسلع تتضمن ألوان قوس قزح، أبرز شعارات المثليين، ومحاولة منع عرض فيلم “باربي” بحجة “تهديد” قيم العائلة والمجتمع.

وتقول الناشطة الحقوقية وأستاذة العلوم السياسية ريتا شمالي لوكالة فرانس برس “ما شهدناه هو نوع من التحريض على العنف” ضد مجتمع الميم-عين.

وتوضح “لا يقتصر الأمر على تعرّض مجموعة واحدة للمضايقة والترهيب”، إذ “إننا نخسر حالياً معركة الحريات الفردية في لبنان”، ومنها حرية التعبير والتجمّع التي يضمنها الدستور.

وأثار تعرّض شبان على دراجات نارية للتظاهرة الداعمة للحريات في وسط العاصمة واعتداءهم بالضرب على مشاركين ومنعهم من التحرك، مخاوف من تضييق الخناق على حرية التعبير، لا سيما أن الدعوة للتظاهر الصادرة عن عدد من المنظمات غير الحكومية لم تتضمن أي إشارة الى مجتمع الميم-عين.

وندّدت منظمة العفو الدولية في بيان الثلاثاء بما وصفته بـ”الاعتداء العنيف المتعمد” على المتظاهرين، داعية السلطات الى فتح تحقيق يشمل “إخفاق قوى الأمن الذريع في حماية المتظاهرين من الهجوم”. واعتبرت أنّ “الامتناع” عن التحقيق “يبعث برسالة تساهل مع الهجوم ويشجّع المعتدين مستقبلًا على مهاجمة آخرين بسبب تعبيرهم عن هويتهم ومعتقداتهم”.

وتقول شمالي “لا توجد دولة”، مضيفة “الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة أديّا الى ما نشهده” مؤخراً.

وكتب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية على منصة إكس (تويتر سابقاً)، تعليقاً على الاعتداء، “الكراهية كانت سيّدة الشارع (…)، الكراهية صنعها وزراء ورجال دين ومصرفيون كأداة يدمّرون بها كل ما هو حرّ ومختلف”.

وبدأت وتيرة الخطاب المعادي للمثليين بالازدياد خلال الصيف، في حملة قادها حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في البلاد، قبل أن يتبنى رجال دين من طوائف أخرى ومسؤولون الخطاب ذاته. واعتبر الأمين العام للحزب حسن نصرالله في خطاب في تموز/يوليو أن المثليين يشكلون “خطراً داهماً” على المجتمع، وعقوبتهم “إقامة الحد” عليهم.

بعد أسابيع، هاجم شبان من مجموعة مسيحية متطرفة تطلق على نفسها إسم “جنود الرب”، حانة في منطقة مار مخايل في شرق بيروت، خلال استضافتها عرضاً لأفراد مجتمع الميم-عين. واعتدى عناصر المجموعة على عدد من الحاضرين لفظياً وجسدياً خارج الحانة. وسبق للمجموعة ذاتها أن حرّضت العام الماضي ضدّ المثليين.

ورغم أنّ لبنان يُعدّ أكثر تساهلاً مع المثليين مقارنة مع دول عربية، إلا أنّ غياب المؤسسات والقضاء وتراخي قوى الأمن خلال الفترة الأخيرة بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، بالإضافة الى تنامي التطرّف بين مختلف المجموعات والطوائف، عوامل تسبّبت بإلغاء نشاطات عدّة لمجتمع الميم- عين خلال السنوات القليلة الماضية، وبإفساح المجال أمام تعرضه لهجمات شتى.

وتواجه هذه الفئة تمييزاً ورفضاً اجتماعياً ما يجعل حياة أفرادها صعبة في بلد يُجرّم العلاقات “المنافية للطبيعة” بالسجن لمدّة تصل إلى سنة ويضطر كثر الى إخفاء هويتهم الجنسية.

ويروي شاب مثلي رفض الكشف عن هويته خوفا على سلامته، لفرانس برس أنه تعرّض لمضايقات لفظية عدة مؤخراً. ويقول “أشعر بأنني عرضة للخطر ويزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم”.

وتقدّم عدد من النواب، بينهم النائب مارك ضو، في تموز/يوليو باقتراح قانون لإلغاء المادة القانونية التي تجرّم العلاقات المثلية، ما عرّضهم لانتقادات لاذعة، واستدعى اقتراحين مضادين نصّا على تشديد العقوبات على المثليين والمنظمات المدافعة عنهم.

ويقول ضو، وهو أحد النواب المنبثقين عن حركة الاحتجاجات ضد السلطة التي بدأت عام 2019، لفرانس برس، إن المادة القانونية “تتناقض بشكل مباشر مع العديد من الاتفاقيات الدولية المناهضة للتمييز” التي صادق لبنان عليها. ويرى أن الدفع باتجاه تعديل القانون في هذا التوقيت أعطى عن غير قصد “حججاً لأولئك الذين يريدون التهرّب من مسؤولية ما يحدث في البلد“.

رغم ازدياد النبرة العدائية، إلا أن وضع تعديل المادة القانونية على طاولة النقاش يشكل بصيص أمل للبعض.

ويقول ناشط حقوقي، وهو مثلي الجنس لفرانس برس من دون الكشف عن هويته، “هذه أول مرة نجري فيها هذا النقاش” حول القانون، في بلد “يجرّدني حقاً من إنسانيتي وينكر وجودي بحدّ ذاته”.

وتنشط جمعية “براود ليبانون”، إحدى المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق مجتمع الميم-عين، منذ سنوات من أجل وقف تجريم المثلية الجنسية، خصوصاً بعد استغلال المادة المذكورة لتوقيف مثليين وإهانتهم وترهيبهم ومعاملتهم بشكل سيء.

 ويشدّد مدير المنظمة بيرتو ماكسو على أنّ “ما نريده ببساطة هو أن يُعامل الناس بكرامة واحترام، وألا يُعاملوا كمجرمين”، موضحاً أن هدف تعديل المادة القانونية يقتصر فقط على “التوقف عن تجريم المثلية الجنسية“.

لكن الطريق لا يزال طويلاً قبل بلوغ الهدف المرجو. ويقول “إنه نفق مظلم، لكن علينا دوماً أن نرى الضوء. ويضيف “لا تُمنح حقوق أفراد الميم-عين كهدية (…) علينا أن نقاتل من أجلها”.

 

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة