حركة 20 فبراير .. اليسار الراديكالي وأوهام الديمقراطية في المغرب
عبد الغني القباج
يوم 20 فبراير 2011 انطلق نضال انتفاضة شباب وجماهير “حركة 20 فبراير”. اختلفت وتناقضت مواقف الأحزاب والنقابات وإطارات ما يسمى بـ “المجتمع المدني” من هذه الحركة وانتفاضتها التي دامت شهورا، من 20 فبراير إلى 25 نوفمبر 2011، تاريخ انتخابات برلمانية سابقة لأوانها:
– مواقف يسار راديكالي مؤيد بقوة ومشارك في نضال “حركة 20 فبراير”. وقد توهم، بهذا القدر أو ذاك، اليسار الراديكالي أن نضال “حركة 20 فبراير” قد يتحول إلى ثورة ديمقراطية تتجاوز طبيعة النظام المخزني التبعي السائد وتحقيق “ملكية برلمانية”، ديمقراطية (الاشتراكي الموحد، الطليعة الديمقراطي الاشتراكي…)، أو نظام سياسي ديمقراطي يحدث قطيعة مع مؤسسة المخزن (النهج الديمقراطي العمالي)، أو نظام سياسي يتجاوز نظام الملكية (يساريين ويساريات راديكاليين ثوريين، طلبة وغيرهم، غير منتمين حزبيا يرفعون شعار “إسقاط النظام”، في حين لجأ حزب “المؤتمر الوطني الاتحادي” و”الكنفدرالية الديمقراطية للشغل” إلى الصمت والانتظار.
– مواقف حركة إسلامية ذاعنة يمثلها “حزب العدالة والتنمية” الذي ناهض انتفاضة “حركة 20 فبراير”، أما “العدل والإحسان”، فلم تشارك في مظاهرات “حركة 20 فبراير” يوم 20 فبراير، كانت متخوفة ومتوجسة من نداء الشباب وخلفياتهم للتظاهر يوم 20 فبراير، ولم تتجاوز توجسها إلا حين لاحظت حجم المظاهرات التي عمت جل مناطق المغرب ووجدت نفسها، كباقي الأحزاب الأخرى (خصوصا الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية) ونقابتي الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، معزولة عن دينامية انتفاض شباب وجماهير حركة 20 فبراير.
وقد بَـيّـَنَ الواقع أن هذه القوى السياسية والنقابية الـ”يسارية” الإصلاحية الذاعنة، مشاركة أو غير مشاركة في حكومة النظام السياسي المخزني التبعي السائد، وقفت تتفرج على مسار ومآل نضال شباب وجماهير “حركة 20 فبراير”، رغم أن بعض الأعضاء من قواعدها شاركوا في مظاهرات الحركة بدون يافطة حزبية. وقد تخوفت هذه القوى، حسب زعمها من أن يتحول انتفاض شباب وجماهير”حركة 20 فبراير” إلى حرب أهلية غير محسوبة العواقب، كما جرى في عدد من البلدان المغاربية والعربية.
كما بَـيّـنَ تاريخ وصيرورة الأحداث السياسية والاجتماعية أن غياب الشرط الذاتي، أي غياب تنظيم ديمقراطي راديكالي ثوري، مُهَـيَّـئ وواضح نظريا وسياسيا وتنظيميا، ومرتبط بقاعدة اجتماعية جماهيرية منظمة، قادرة على فرز قيادة وطنية وقيادات محلية لقيادة النضال الديمقراطي الراديكالي مع شباب وجماهير “حركة 20 فبراير” التي وفرت وأنضجت الشرط الموضوعي لثورة ديمقراطية.
لذلك نحاول في هذا الكتاب “حركة 20 فبراير .. اليسار الراديكالي وأوهام الديمقراطية في المغرب” بلورة تحليل وفق، منهج دياليكتيكي مادي راديكالي، صيرورة واقع الصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المفرب، والذي ليس سوى صراع طبقي، أسست له حركة 20 فبراير بمنعطفاته وتناقضاته، بموجات حركاته وأحداثه. وهو واقع أوضح طموحا يطرح تغيير ديمقراطي راديكالي في المرحلة الراهنة التي يجتازها المغرب، في ضوء ما أنتجه نضال “حركة 20 فبراير”.. والإعاقات التي واجهت هذا الحركية النضالية الديمقراطية الجديدة التي لم يعرف تاريخ المغرب مثلها من قبل.
وفي كتاب ثانٍ بعنوان: “اليسار الراديكالي المغربي ومشروع ديمقراطي بديل”، (نتمنى أن لا يتأخر في الصدور في المستقبل القريب)، نحاول فيه تحليل واقع اليسار الديمقراطي الراديكالي المغربي (الماركسياني والوطني القومي) وفق رؤية نقدية راديكالية، وآفاق التغيير الديمقراطي الثوري في ضوء رؤية نقدية لتجربة ثورة أكتوبر 1917 البلشفية الروسية، أول ثورة اشتراكية في تاريخ البشرية كما طرحها ماركس وإنگلز، وملامسة رؤيتهما للتغيير الثوري. كما نقترح تصورا لاستمرار الثورة الديمقراطية الراديكالية كصيرورة لتجاوز الرأسمالية المتقدمة والرأسمالية التبعية في أفق تحقيق المجتمع اللا طبقي.
* مقدمة كتاب “حركة 20 فبراير .. اليسار الراديكالي وأوهام الديمقراطية في المغرب”، تأليف عبد الغني القباج، منشورات مركز منتدى المغرب المتعدد للدراسات والأبحاث والتوثيق، الدار البيضاء 2023