رزق وقصص أخرى قصيرة جدا
حسين جداونه
(رزق)
أتاني يمشي على يديه ورجليه..
كنت آخذ غفوة، أمام عريني، انتبهت على نباحه القوي..
***
(الآخر)
تحدّاه بلعبة الشطرنج..
أطاح بجنديّ من هنا، فأطاح بجنديّ من هناك، ثمّ سرعان ما التحم الطرفان بالسلاح الأبيض..
راح يضمّد جراحه النازفة من كل مكان…
***
(شرف)
شدّ وثاقها، سنّ سكينه جيّدًا..
بطعنة واحدة، تفجّر الدم من أوداجها..
رفعت القبيلة راية ناصعة السواد…
***
(تلميع)
عمد إلى حذائه المهترئ..
أزال عنه التراب والغبار، غسله بالماء والصابون، ثمّ بعد أن جفّ أخذ يلمّعه..
صار حذاء نظيفًا لامعًا مهترئًا…
***
(شفافيّة)
هو يكذب، وأنا أهزّ رأسي.
ثمّ نتبادل الأدوار.
***
(تسامح)
اتصلت به..
قلت له: دعنا نتقابل، ونتصافح، من غير عتاب، أو تقليب صفحات الماضي، لماذا لا ننهي الخصام الذي ورثناه عن آبائنا، بضحكة صافية وعناق!
أجابني على الفور: هذا ما كنت أفكّر به، اللحظة، قلوبنا عند بعضها!
أفقت من غفوتي، تعوّذت من الشيطان الرجيم…
***
(خيبة)
أحاط الطفل الذي في داخله بكلّ رعايته واهتمامه، حرص على ألّا يتلوّث بمبادئه وأفكاره..
تلوّث..
***
(شرك)
في الفضاء الرحب حلّق، ثمّ صاح:
أنا القويّ.. أنا العزيز..
من بعيد كانت دودة فوق تراب ناعم تتململ بضجر…
***
(معركة)
شحمي ولحمي وبطاقتي الشخصية لم تقنعهم بأنّني أنا..
بعد جدال مرير، وجهد كبير، اقتنعت…
***
(وفاء)
نفض التراب عن ثيابه، ثمّ غسل يديه:
أنا لم أدفن أحدًا وهو على قيد الحياة، كلّ الذين دفنتهم كانوا موتى…