عزلة الثور الهائج!
عبد العلي جدوبي
يبدو أن الولايات المتحده الأمريكية عندما تدافع على مجرم حرب (نتنياهو) ومعارضتها لقرار محكمة الجنايات الدولية، فإنها في الحقيقه تدافع عن نفسها باعتبارها شريكا كاملا في جرائم الإبادة الجماعية في غزة!
الموقف الامريكي أصبح معزولا ويقف وحيدا في معارضة محكمة الجنايات الدولية، ويعبر من جهة اخرى عن غطرسة القوة وعدم احترامها للقانون الدولي الإنساني امام 124 دولة موقعة على ميثاق روما بشأن محكمة الجنايات الدولية.
وبحسب المراقبين فإن قرار محكمة الجنايات الدولية القاضي فإصدار مذكرتي اعتقال في حق كل من نتنياهو وغالانت من الناحية السياسية يرفع راية سوداء فوق تل ابيب وقادتها ويعلن بداية مرحلة نهاية إفلات إسرائيل من العقاب .
هذا القرار برأي خبراء القانون الدولي يضع إسرائيل على السكة ذاتها التي قادت في النهاية إلى تفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، وغدا نتنياهو “زعيما” منبوذا في العالم أجمع، فلن يكون بوسعه لاحقا إلقاء خطابا في الأمم المتحدة – إذا ما بقي في السلطة – التي تلتزم قبل غيرها بالقرارات الدولية ، ويخشى عدد من السياسيين الإسرائيليين والعسكريين بأن تطالهم عمليات المتابعات القضائية كمجرمي حرب، والأمر لا يتعلق بهذا فقط، بل وقد يمتد قرار المحكمة لأنماط من المقاطعة الاقتصادية وغيرها، وهذه الاجراءات قد تشكل إحراجا لعدد من الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، وليس مستبعدا أن تشكل ايضا قرارات محكمة الجنايات الدولية، بداية لإستقطاب عالمي جديد يضعف مكانة امريكا في العالم اذا لم تسارع لتدارك الوضع الحالي والتقرب إلى حلفائها من دول العالم بعدما لم تعد واشنطن الدرع الواقي لإسرائيل أمام الجهاز القضائي الدولي، ولربما في الحلبة السياسية الدولية، بعدما فشلت في ترهيب وابتزاز أعضاء المحكمة ومحاولة إجبارها على بقاء إسرائيل بعيدا عن سطوة القانون الدولي حتى لا تنتزع عن الكيان الصهيوني صفة “الدولة الديموقراطية ” المزعومة !
هذا وجاء صدور مذكرتي الاعتقال في حق كل من نتنياهو وغالانت من طرف محكمة الجنايات الدولية بعد وقت قصير من استخدام أمريكا في مجلس الامن الدولي حق النقض (الفيتو) بشأن قرار مجلس المجلس، الذي صادق عليه بالاجماع لوقف الحرب على غزة.. واشنطن كانت دائما تدعم إسرائيل على استمرارها في مواصلة الحرب وإبادة الشعب الفلسطيني.. فإدارة بايدن لم تكتف بخذلان القانون الدولي واعضاء مجلس الامن الداعين إلى وقف الحرب على غزة فقط، بل عمدت على انتهاك القانون الامريكي أيضا عندما صوت الكونغرس ضد مشروع قانون يحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل جراء انتهاكها لحقوق الانسان ولكل القوانين والاعراف الدولية ..
فكيف سيتعامل الكيان الصهيوني مع قرار محكمة الجنايات الدولية الذي يعد اشبه بهزه أرضية شديدة، مثل ما يعتبر في إسرائيل صفعة مؤلمة يصعب تخيل عواقبها الفنية والمستقبلية؟ بعدما لوحت المحكمة بالوشاح الأحمر أمام الثور الإسرائيلي في ذروة هيجانه! وهذا يفسر جانبا من الحدة في ردود الفعل الرسمية الإسرائيلية ، فلم يجد المجرم نتنياهو أمامه سوى إعادة الجملة الركيكة عبر اسطونته المشروخه من أن “إسرائيل تدافع عن نفسها”!! فمتى كان الدفاع عن النفس قتل الرضع والاطفال والنساء والشيوخ وتحطيم الدور السكنيه فوق رؤوس ساكنها بواسطة الطائرات الحربية الأمريكية؟!
فأمام التكنولوجيا الرقمية الحديثة والمتطورة، وقف العالم بالصوت والصورة على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها ويواصل ارتكابها الكيان الصهيوني في كل يوم في غزة، ولأزيد من 13 شهرا كاملا دون توقف..
الصحيفة الإسرائيلية هآريش قالت إن الإسرائيليين يفيقون اليوم بعد 13 شهرا من الحرب على غزة، ليجدوا بلادهم معزولة دوليا ومدانة ومتهمة بارتكاب جرائم حرب .. واضافت “إنه يوم أسود في إسرائيل وقد تكون بداية نهاية نتنياهو السياسيه قد قربت بعدما حول الإسرائيليين إلى لاجئين في بلادهم لا صوت لهم وأصبحوا يشعرون بالعجز وبالاغتراب“.