إعادة الإعمار مسؤولية من اتخذ قرار الحرب

إعادة الإعمار مسؤولية من اتخذ قرار الحرب

د.حسان القطب

       تعرض لبنان لعملية تدمير واسعة النطاق وغير مسبوقة في تاريخه، طوال اكثر من 14 شهراً من الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. التي وقعت على ارضه، واستخدمت فيها إيران الشعب اللبناني وقوداً لهذه الحرب، لتحسين شروطها التفاوضية واثبات حضورها الاقليمي.. وترسيخ هيمنتها على المكونات الشيعية في لبنان ودول المنطقة.. والإمساك بورقة لبنان بشكل نهائي وإلى الأبد..؟؟

وقد أكد نعيم قاسم في لقاء تلفزيوني أن انخراط حزب الله في الحرب كان بإذن من الولي الفقيه ومرشد الجمهورية الإيرانية.. لأن قرار الحرب وسقوط ضحايا قرار لا يمكن أن يتحمله أي مسؤول دون العودة للولي الفقيه..؟؟

ماذا كانت النتيجة:

– خسرت إيران رهانها، مع الإعلان عن الاتفاق بوقف إطلاق النار برعاية وحضور أميركي وازن وإشراف مباشر..

تعرض لبنان وخاصة المجتمع الشيعي في لبنان إلى عملية تدمير قاسية لا يمكن النهوض منها بسهولة.

– تدمير القدرات العسكرية لحزب الله بشكل كبير جدا.

خروج سوريا من محورها وإغلاق المعابر الحدودية مع سوريا مما يمنع إعادة التسلح.

– سقوط آلاف القتلى والجرحى من اللبنانيين وخاصة من أبناء الطائفة الشيعية.

– قرى وبلدات تعرضت للتدمير بشكل كامل.. بحيث أن إمكانية العودة والسكن غير متوفرة قبل إعادة الإعمار..

يتضمن الاتفاق التالي..

(«لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)».

 ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني..)…

– تهجير نزوح أكثر من مليون ونصف من اللبنانيين وخاصة البيئة الشيعية من منازلهم إلى مناطق أكثر أمناً في الداخل اللبناني وفي دول الخارج..

– مؤسسات اقتصادية وبنى تحتية تم تدميرها بالكامل بحيث فقد الكثير من المواطنين اللبنانيين فرص العمل والانطلاق في حياتهم من جديد.

– آلاف الشباب والمواطنين اللبنانيين، من فيهم اطفال ونساء وشيوخ، أصابتهم عاهات مستديمة وأصبحوا بحاجة إلى رعاية اجتماعية.

– آلاف الأرامل والأيتام، والحاجة لدعم المؤسسات الاجتماعية، والرعاية الأسرية أصبحت أكثر من ضرورة..

– دخول لبنان في العصر الأميركي- الإسرائيلي.. بإعطاء إسرائيل التالي..

(ستُنفذ الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط، وستكون غير مرئية للعين المجردة قدر الإمكان، ولن تكسر حاجز الصوت)…

 الخلاصة…

    لم تكن النتيجة بحسب التوقعات أو التطلعات الإيرانية..

أدرك الشعب اللبناني برمته وأبناء البيئة الشيعية في لبنان.. أن العودة للدولة هو الحل، وأن وجود ميليشيات مسلحة لن تقدم لهم السلام والأمن والاستقرار المطلوب..

وجود الجيش اللبناني وحده على الساحة اللبنانية هو الضمانة لاستقرار الوطن وحماية شعبه وحدوده.

التزام لبنان بالقرارات الدولية والانخراط في علاقات متوازنة مع دول العالم والارتباط بالمجتمع العربي يخدم الاستقرار اللبناني.

أدرك اللبنانيون ان سلاح الهيمنة والاستعلاء والتفرد باتخاذ قرار الحرب والسلم لا يرسم مستقبلا واعداً للبنان واللبنانيين.. بل يقود للخراب الذي نعيشه اليوم..

فهم الجميع أن الترسانة المسلحة الضخمة التي كان يمتلكها حزب الله لم تستطع منع العدوان الإسرائيلي على لبنان، واستهداف قادة حزب الله وبنيته العسكرية والمدنية ولبنان برمته دون تردد، وبغطاء دولي لم يسبق له مثيل..

إن إقامة مؤسسات موازية للخروج على الدولة والانعزال عن باقي المكونات اللبنانية لا يخدم هذه البيئة ولا اللبنانيين ولبنان..

لم يكن حجم التدمير المتبادل متوازناً على الإطلاق، وكل الادعاءات الاعلامية هي مجرد تضليل وتضخيم بهدف تبرير الانخراط في الحرب..

لم تتدخل إيران لحماية لبنان واللبنانيين، وخاصة البيئة المؤيدة لإيران ضمن المجتمع الشيعي المنكوب بهذه الحرب التدميرية كما لبنان..

في الخلاصة يمكن القول ان مسؤولية إعادة الإعمار هي مسؤولية من اتخذ قرار الحرب وإدخال لبنان واللبنانيين في حربٍ مدمرة، تتطلب سنوات من إعادة الإعمار وبلسمة الجراح ورعاية الضحايا وعائلاتهم..

الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، التزمت بدعم دولة إسرلئيل حرباً وسلماً.. مليارات الدولارات تم ضخها لهذه الدولة للحفاظ على قدراتها العسكرية والمالية والاقتصادية…

وهذه بالتحديد مسؤولية دولة إيران ومرشدها المطالب بدعم لبنان مالياً لإعادة إعمار ما تهدم والتعويض على الضحايا من اللبنانيين جميعاً.. خاصة وأنه هو الذي اتخذ توريط حزب الله وبيئته الحاضنة، سابقاً في الحرب السورية والعراقية واليمنية، والآن في الحرب مع إسرائيل.. التي أدت إلى ما نراه ونعيشه اليوم من دمار وخراب.. هذا ما يجب الاضاءة عليه والتركيز على المطالبة به.. لأن إيران سوى تسعى لتصوير هذه الحرب انتصارا، وتطالب العرب والعالم بدفع فاتورة الحرب التي اتخذت إيران قرارها.. وليس اللبنانيين….ولا الدول العربية…!!

Visited 9 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. حسان القطب

مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات