المصطفى اجْماهْري: جيلي كان يسبح في بحر من الحكايات

المصطفى اجْماهْري: جيلي كان يسبح في بحر من الحكايات

مبارك بيداقي

       في إطار أنشطتها الثقافية، نظمت مؤسسة “دار الطالبة” بالجديدة، بتعاون مع جمعية “ذاكرة دكالة للحفاظ على التراث”، يوم رابع دجنبر 2024، لقاء مع الكاتب المغربي المصطفى اجماهري لفائدة مستفيدات دار الطالبة تحت عنوان “مسار الحياة والكتابة”.

وكما كان منتظرا فقد حاول الباحث، أخذا بعين الاعتبار، لمستوى وسن المستفيدات التركيز على مساره الحياتي من جهة ومن جهة أخرى، على مساره في الكتابة بما هي انعكاس أو بالأحرى تعبير عن مواقف وتأملات.

ومن خلال مجموعته القصصية الأخيرة “في طريق مازغان” قدم الباحث نماذج أبرز من خلالها علاقة الإنسان بالزمان والمكان (هنا ضاحية مازغان)، منوها إلى أن غالبية الكتاب في المغرب والعالم العربي وفي العالم ينطلقون من محيطهم القريب لصياغة عالم موازي عبر الخيال والكلمات.

وبخصوص التفاعل مع المحيط، قال المصطفى اجْماهْري إن جيله كان يسبح في يحر من الحكايات لم يعد اليوم متوفرا كما في السابق، وذلك بسبب هيمنة وسائط المعلوميات التي تعزل الإنسان عن الآخرين. أما في الستينيات والسبعينيات، كما عاشها الكاتب، فكانت الثقافة متوفرة عبر حكايات كبار السن في العائلة وفي المحيط القريب، وفي ما تقدمه الحلاقي والمواسم الصيفية وتجار الأسواق الأسبوعية وجامع الحومة وكذا من قراءة المجلات المصورة، ومجلدات ألف ليلة وليلة والاستماع لمغامرات قدماء المحاربين فضلا عن قاعات السينما بأفلامها المتنوعة.

وكان للمدرسة في الستينيات والسبعينيات دورها الكبير في الثقيف والتوعية وكذا في تحقيق الترقية الاجتماعية خاصة لأبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة.  ويقول المحاضر إن ما ميز تلك الفترة، على مستوى التعليم، هو هيمنة اللغة الفرنسية، سواء من حيث مواد التدريس أو المدرسين. فقد كانت الثقافة الفرنسية بصفة عامة، كما قال، هي السائدة بالمدينة عن طريق وجود جالية أوروبية فضلا عن الصحافة والسينما والمسرح ومختلف الأنشطة. وكانت الفرنسية في التعليم لغة وظيفية تستعمل في جل المواد من الرياضيات والعلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا فضلا عن الأدب الفرنسي من خلال تقديم الروائيين المعروفين.

ورغم هيمنة اللغة الفرنسية في مجالات خاصة إلا أن الجيل الستيني استفاد أيضا من تعلمات أساسية تلقاها في إطارات مجتمعية أخرى. حيث قال المحاضر إن العطلة الصيفية كان يخصص منها وقت لتعلم القرآن في الجامع/الكُتاب. فضلا على أن نمط العيش المفتوح بالضاحية كان يتيح للأهالي البسطاء نوعا من العيش المشترك، كما يتيح للصغار والمراهقين الاستماع والاستمتاع، بكثير من الشغف والسعادة، إلى حكايات من الواقع الإنساني يرويها الكبار للصغار.

هذا المناخ الثقافي والتعليمي الغني في ارتباطه بالزمان (الستينيات والسبعينيات) وبالمكان (الجديدة وضاحيتها) جعل المعرفة في متناول الجميع تقريبا، وهو ما خرج منه الكاتب، كما قال، بشيء مفيد، في اعتباره، ألا وهو الإيمان بقدرة الثقافة على التطور الشخصي والمجتمعي.

وبعد أن عرج الكاتب على تجربته في كتابة القصة القصيرة التي امتدت من منتصف السبعينيات، قدم نبذة مختصرة عن مشروعه في كتابة ذاكرة مدينة الجديدة، والممتد إلى أكثر من ثلاثين سنة. مذكرا في هذا الشأن بالتراكمات التي اكتسبها كتجارب ساعدته على التجاوز والاستمرار رغم شح الدعم وغياب التشجيع.

وختم المتدخل كلمته بالإجابة عن مختلف الأسئلة التي طرحتها المستفيدات والمتعلقة بطرق الكتابة والنشر. كما وقع مجموعة من كتبه للمستفيدات مساهمة منه في مجهود القراءة العمومية.

Visited 38 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

مبارك بيداقي

من قدماء ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء