المعارض السوري هيثم مناع: نريد بناء سوريا تشبه السوريين والسوريات
حوار:
الشرع يريد الاستفراد بمصير البلاد والعباد / نريد بناء سوريا تشبه السوريين.. والسوريات / بعد الأسد ومع الشرع نحن أمام شكل كلاسيكي للسيطرة العسكرية / حتى اللحظة، لم يتم تحرير سجين واحد في السجون الـ11 التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام/ لا يمكننا أن نلعب بالنار ونرقص مع الشياطين.. فلماذا لم يتحدث الشرع عن تعريفه للمواطنة؟ وعن نظرته للعلاقة بين الدولة والدين
هيثم مناع، المناضل التقدمي في مجال حقوق الإنسان، يفرح بسقوط الأسد ويكشف عن الخلل الرئيسي في المشروع الحالي لبناء السلطة من قبل أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام. القوى التقدمية عازمة على عقد اجتماع موسع قبل 20 يناير.
هيثم مناع معارض منذ عهد الأسد الأب، وسجن 18 عاما في سجون الأسد الأب، حيث اعتقلته المخابرات السورية (1966-1967 ثم 1970 حتى 1986).
معارض منذ اللحظات الأولى لنظامي الأسد الأب والابن، هيثم مناع، الذي حارب دائمًا رؤية الإسلاميين واستراتيجياتهم العسكرية. الأمر الذي كلفه أكثر من فتوى قتل بحقه. يسعى اليوم مع رفاقه لتنظيم القوى الديمقراطية والمجتمع المدني في تجمع تقدمي كبير.
أجرت معه صحيفة اللومانيتيه الفرنسية L’Humanité في 31 ديسمبر 2024 مقابلة صحفية يتحدث فيها عن التغيير في سورية، ويحذر فيها من أن السوريين لم يعودوا اليوم أمام حكومة مؤقتة أو سلطة أمر واقع (يقودها ويؤسسها أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام)، بل أمام مشروع واضح لتركيز السلطة والثروة والقرارات المصيرية لسوريا خلال السنوات القادمة بيد شخص واحد قد صادر مع بطانته السلطتين العسكرية والأمنية.
وفيما يلي نص الحوار..
بيير باربانسي: استعرض الرجل القوي في هيئة تحرير الشام (HTC)، أحمد الشرع، على قناة”العربية- الحدث” رؤيته للانتقال. ما هو تعليقكم على تصريحاته الأخيرة؟
مناع: إذا وضعنا الملابس الجديدة وربطة العنق جانبا، من الواضح أننا أمام شكل كلاسيكي للسيطرة العسكرية… كما فعلت بالضبط جبهة النصررة في تجربة “جيش الفتح” في الشمال السوري، وكررت الأمر “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب، في إطار تكوينها العسكري الأمني والواجهة المدنية في “حكومة الإنقاذ”. خارطة الطريق التي يقترحها تثير الاشمئزاز والشفقة: تنظيم مؤتمر “وطني” خلال أيام تحدد القيادة العسكرية من يشارك به يضم من ترضى عليه مع من يرضى عليها، مهمته تشكيل جسم تشريعي من فوق لشرعنة كل القرارات التي يتخذها “القائد” وحكومته. لمنحهم بضع سنوات من الاستفراد بمصير البلاد والعباد.
بيير باربانسي: هذا ما يعنيه الشرع بالوعد بدستور جديد خلال 3 سنوات وأربع من أجل الانتخابات…
مناع: لم نعد أمام حكومة مؤقتة أو سلطة أمر واقع، بل أمام مشروع واضح لتركيز السلطة والثروة والقرارات المصيرية لسوريا خلال السنوات القادمة بيد شخص واحد قد صادر مع بطانته السلطتين العسكرية والأمنية.
بيير باربانسي: قبل 24 ساعة من المقابلة المذكورة، تم نشر القرار رقم 8 للسيد الشرع بترفيع وتعيين 49 شخصا من “هيئة تحررير الشام” وأخواتها في قيادة الجيش السوري الجديدة. (ستة منهم من غير السوريين!).
مناع: وقبل ذلك جرى تسمية أنس خطاب، مديرا عاما للاستخبارات في البلاد، خطاب نفسه المدرج على قائمة الإرهابيين في قوائم الأمم المتحدة منذ عام 2014، وتنقل بين داعش وجبهة النصرة، وهو رجل الشرع. مع هذه التعيينات، صار الآن بالإمكان حل جبهة تحرير الشام باعتبار قادتها في قمة المسؤولية في الجيش والمخابرات السورية.
بيير باربانسي: هل يمكن لمشروع المعارضة الديمقراطية والعلمانية، وأنت أحد رموزه، الاندماج والتفاعل مع مشروع “هيئة تحررير الشام”؟
مناع: نحن اليوم، نعيش ما يشبه تجربة “الخمير الحمر ” بعباءة سوداء. يقولون لنا إن تجربة إدلب هي النواة. ولكن حتى اللحظة، لم يتم تحرير سجين واحد في السجون الـ11 التي تسيطر عليها “هيئة تحررير الشام”. حقوق المرأة غير موجودة، وحرية التنظيم السياسي معدومة.
بيير باربانسي: عندما تتحدث مع أقلهم تطرفا عما يفعله الجهاديون الأوزبك والشاشان والايغور إلخ.. في المدن السورية، يجيبون: “في أوروبا يمكنك الحصول على الجنسية بعد مرور 5 أعوام، وهؤلاء يعيشون معنا في سوريا منذ عشر أعوام، وقد تركوا الأهل والبلاد من أجل مساعدتنا!”.
مناع: لنتحدث أيضا في مستقبل المرأة السورية في نظرتهم الأبوية المغلقة، لم لا يتحدث الشرع عن تعريفه للمواطنة؟ وعن نظرته للعلاقة بين الدولة والدين… لِمَ لَم تحدث مراجعات إيديولوجية إن كان هناك تغيير قد حدث في الأسس العقائدية الشمولية، الطائفية والمذهبية والاستئصالية، لجبهة النصررة التي أوضحتها في كتابي عن الجبهة منذ ثماني سنوات؟
بيير باربانسي: كيف تعيدون تجميع صفوفكم من أجل جمع السوريين في مشروع يواجه ما يحدث؟
مناع: نحن في مشاورات واسعة مع القوى السياسية الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني المُعارضة للنظام البائد، ولأي مشروع شمولي واستئصالي في سوريا، ثمة شبكة واسعة للتنسيق.
ونوجه النداء لعقد اجتماع (نحو موتمر وطني سوري جامع) واسع النطاق قبل 20 يناير في جنيف، مع متابعة بالفيديو كونفرانس في المدن السورية الكبرى. والعمل معا على رسم خارطة طريق جامعة من أجل بناء سوريا التي تشبه الغالبية العظمى من السوريين والسوريات.
*عن صحيفة اللومانيتيه الفرنسية L’Humanité، نشر في 31 ديسمبر 2024