لبنان: بداية العهد والإصلاحات المنتظرة

أحمد مطر
مع اكتمال النصاب الدستوري في لبنان، بانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة القاضي نوّاف سلام، وإعادة فتح أبواب مجلس النواب، أمام ورشة تشريعية إصلاحية مرتقبة في المرحلة المقبلة، تواجه السلطة التنفيذية الجديدة تحديات كبيرة، تفرض عليها العمل الجدي والحثيث من أجل تحقيق أماني اللبنانيين، يبدو أن هذا الأمر لا يروق للبعض فمن يستمع إلى مواقف نواب ومسؤولي حزب الله التي تحمل الدولة والمسؤولين فيها، تبعات استمرار احتلال القوات الإسرائيلية لبعض المواقع الاستراتيجية في الجنوب وخرقها المتواصل للسيادة اللبنانية، بتحليق طيرانها الحربي وقيامه باستهداف قياديي وعناصر الحزب ومراكزه داخل الأراضي اللبنانية، يدرك تماما أن الحزب يعيش أزمة فراغ سياسي وانعدام مصداقيته، بعد انفراط عقد كل شعاراته المزيفة، ووعوده الوهمية دفعة واحدة، في حرب المشاغلة أو المساندة التي أشعلها، بإيعاز إيراني مكشوف، وبمعزل عن الدولة اللبنانية، ضد إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى، وتسببه بقتل الآلاف من اللبنانيين وتهجير أكثر من مليون مواطن من مناطقهم، وتدمير واسع النطاق للقرى والبلدات والمدن في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع، وأكثر من ذلك استدراج إسرائيل لاحتلال قرى وبلدات جنوبية، وتدميرها، واضطراره إلى الموافقة على صفقة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، بسبب انعدام تكافؤ القوى، كما قال الأمين العام للحزب نعيم قاسم مؤخراً.
صحيح إن الدولة اللبنانية مطالبة بالعمل الدؤوب لاستكمال تحرير المناطق التي ماتزال تحتلها إسرائيل جنوبا، ووقف الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وهذا من مهماتها وواجبها، وهو ما يعمل عليه كبار المسؤولين، باتصالاتهم مع الولايات المتحدة الأميركية، التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار، ومع دول أخرى فاعلة كفرنسا، لأن البدائل الأخرى، وخصوصا بالمواجهة العسكرية المفتوحة، ليست ممكنة أو متوفرة، ومن واجب الحزب مساندة الدولة اللبنانية في مساعيها، ودعم تحركاتها بهذا الخصوص، لتقوية موقفها خارجيا، بدل توجيه الانتقادات الشعبوية الجوفاء، وتحميلها مسؤولية حرب المشاغلة التي شنها الحزب بمفرده، ولحسابات محض إيرانية.
يحاول الحزب بتوجيه أصابع الاتهام للدولة، بالمسؤولية عن الخروقات والضربات الإسرائيلية ضد مواقع الحزب وعناصره، التهرب من مسؤولية ارتكاباته والزج بلبنان بحرب المشاغلة الإيرانية من جهة، وما تسبب به من خراب ودمار، والتغطية على استمرار خرقه لاتفاق وقف النار، إن كان بالاحتفاظ بسلاحه خارج سيطرة الدولة اللبنانية.
آخر من يحق له أن ينتقد الدولة اللبنانية، ويحمِّلها مسؤولية خرق وقف النار وانتهاك السيادة، هو حزب الله، الذي استباح سيادة لبنان، بالتدخل الإيراني المفضوح خلال العقود الماضية على كل المستويات، وعليه أن يترك الأمور للدولة لكي تصلح ما خربه بمغامراته الإقليمية الفاشلة.
ختامًا، إن الإصلاح بات ملحًا وهو مطلب لبناني وعربي ودولي، وبالتالي كل المطالبين سيكونون حول العهد الجديد وحكومته في عملية الإصلاح المطلوب، لكن على من يُحاولون عرقلة أي عملية إصلاحية أن يفهموا أن سلوكهم السيئ في الجمهورية اللبنانية لن يدوم ولنْ يُكتب له الاستمرار.