حكيمة ناجي.. المناضلة العنيدة و«المثقفة العضوية»

حكيمة ناجي.. المناضلة العنيدة و«المثقفة العضوية»

محمد الهجابي

           تعرفت إلى المناضلة حكيمة ناجي بدايات الثمانينات بمدينة الرباط، وكانت الصورة الأولية التي تكونت لدي عنها لا تتجاوز أنها ابنة مدينة الفقيه بن صالح، وأنها «سينفيلية» (محبة للسينما)، وقد مسها جنون السينما أثناء ما كانت تنشط بنادي «العين الذكية للسينما» بهذه الحاضرة الصاعدة؛ وهو النادي الذي فرض حضوره داخل «الجامعة الوطنية المغربية للأندية السينمائية» سنوات السبعينات والثمانينات، إذ بلغ عدد منخرطيه “وقت ذروته” إلى ما يقارب خمسمائة فرد، غالبيتهم من رجال التعليم والتلاميذ.

بارحت حكيمة مدينة الفقيه بن صالح على إثر حصولها على شهادة الباكلوريا لتلتحق بشعبة علوم البيولوجيا-الجيولوجيا في المدرسة العليا للأساتذة بحي التقدم بالعاصمة. زمنها كنت التحقت أنا الآخر بالرباط لمزاولة وظيفي، في إطار الخدمة المدنية، بالمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية. عندما صادفت حكيمة بإحدى دور الطلبة بحي «جي سانك» بيعقوب المنصور بدا لي بأنني إزاء فتاة لا تجيد الحديث فحسب، بل، وإلى ذلك، هي قارئة كتب باللغتين العربية والفرنسية، وعلى اطلاع بطبيعة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب واليسار المغربي إجمالاً، وسأدرك أنها إنما اكتسبت الكثير من متاعها الثقافي ذاك، صحبة رفيقة عمرها المناضلة ثورية التناني، من احتكاكها بثلة من يساريي الفقيه بن صالح.

كانت الدار التي صرت أزورها، من حين لآخر بيعقوب المنصور، تضم ساكنة من الطلبة ينحدر معظم أفرادها من مدينة وزان ونواحيها. وكانت الدار إياها مشتل تكوين مناضلين. ولم أشعر، وأنا أبادلها الكلام لأول مرة، بصعوبة في التواصل كأنما كنت على معرفة سابقة بها. وكنت على علم من أنها تنتسب إلى تيارنا الطلابي “الطلبة الديمقراطيون”، لكن لم أكن على بينة من علاقتها بتنظيمنا السياسي «23 مارس».

وكانت منظمة 23 مارس أواخر السبعينات قد حسمت في قناعتها المبدئية بالانتقال إلى العمل الشرعي، إثر عقد كامل من العمل السري نجم عنه اعتقال العشرات من مناضليها وأطرها وخروج آخرين إلى المنفى، وبعد أن لمست من خلال التطورات السياسية الجارية داخل البلاد بوجود إمكانية ممارسة عملها التنظيمي في إطار من الشرعية القانونية، ولا سيما وأن سمة المرحلة السياسية، كما حددتها المنظمة، هي «مرحلة إصلاحية ديمقراطية والتي فرض طبيعتها تلك هو هذا التراكب “الاستثنائي” بين القضية الوطنية وبين القضية الاجتماعية والديمقراطية في شروط موازين قوى مختلة خارجياً لصالح الأطروحة الانفصالية، وداخلياً لصالح الطبقة البورجوازية السائدة» («وثيقة الشرعية»، 13 سبتمبر 1980) على طريق «تنمية عوامل الثورة الاجتماعية- السياسية» (وثيقة الشرعية، م.ن). وكان النظام، من جانبه، قد أظهر  منذ أواسط السبعينات انفتاحاً سياسياً نسبياً على القوى الوطنية والديمقراطية بحكم انتهاء فترة «حالة الاستثناء» (1965- 1970)، التي كان الحكم قد نهجها في النصف الثاني من عقد الستينات، والتي أفضت إلى حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي الضاغط نجم عنه انقلابان عسكريان و«حركة 3 مارس المسلحة» وتوتر مضطرد بين السلطة والمعارضة والزج بمئات المناضلين في السجون وحظر أنشطة قوى سياسية وجمعيات ونقابات مهنية وقطاعية وتكبيل لحرية التعبير والرأي واغتراب العديد من المناضلين بالخارج (الجزائر وفرنسا بخاصة).

لم تكن المنظمة تشتغل باسم «23 مارس» أوائل الثمانينات، على الأقل في ما يهم نشاطها السياسي العلني، إذ جمدت العمل بهذا الاسم منذ 10 سبتمبر 1980 (الدورة العادية الثالثة للجنة المركزية بالخارج)، وجرى تنفيذ القرار إياه بعد قرار عودة منفيينا ومغتربينا إلى أرض الوطن وفي مقدمتهم القيادة الوطنية. لكن تنظيمياً ظلت المنظمة محافظة على هيكلة تنظيمية حزبية تقوم على «المركزية الديمقراطية»، وفي ظل وضع تنظيمي اتسم بطابع «شبه علني» أو «شبه سري» (توليري، بتعبير المنظمة). وإلى غاية شهر ماي 1983، تاريخ عقد ندوة التأسيس عقب الحصول على “وصل” «الشرعية القانونية»، كان البعض يطلق علينا اسم «الأنواليون» (نسبة إلى جريدة «أنوال»). وبهذا المعنى فقد ورد انتماء حكيمة إلى المنظمة في سياق فترة «انتقال» بين شوطين نضاليين تاريخيين في تجربة المنظمة، أي بين التجربة السرية لمنظمة «23 مارس» التي لا تني تطوى بالتدريج والتجربة الشرعية القانونية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي لا تكف عن الارتسام بالقوة في الأفق المنظور.

وعقب فشل انعقاد المؤتمر 17 لأ.و.ط.م (22 غشت- 6 سبتمبر 1981)، وفي ظل سيادة أجواء التوتر السياسي والاجتماعي بالبلاد، شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة شملت مناضلين من مختلف الفصائل الطلابية، وكان من نصيب فصيل «الطلبة الديمقراطيون» اعتقال عدة مناضلين، أذكر منهم بالرباط (العاصمة) محسن عيوش وحسن السوسي (عضوا اللجنة التنفيذية لا.و.ط.م) وحكيمة ناجي.

اعتقلت حكيمة على مقربة من بوابة «المدرسة العليا للأساتذة» بحي التقدم في صباح يوم من شهر دجنبر 1981 جاءت تفتقد فيه المؤسسة التربوية. وكان من سوء حظها أن ألفت البوليس “في انتظارها”. قيدت حكيمة إلى كوميسارية «بلاص بييتري»، زنقة طرابلس، بحي حسان، وأودعت في زنزانة جوار الزنزانة التي حُشر فيها رفيقاها السوسي وعيوش للاستنطاق والإحالة على المحكمة. وكانت إدارة المؤسسة قد سبقت أن أصدرت في حقها قراراً إدارياً بتوقيع مديرها بتاريخ 4 نونبر 1981 (رقم القرار 1952)، وورد في القرار إياه: «الموضوع: توقيف. وبعد التقارير التي توصلت بها الإدارة عن نشاطك الذي يتنافى مع الالتزام الذي وقعته باحترام قوانين المدرسة فقد تقرر تشطيب اسمك من قائمة المسجلين بالمؤسسة.». ثمّ قدمت للمحاكمة بملف تهم ثقيل (الإخلال بالأمن الداخلي والتنسيق بين منظمتين محظورتين 23 مارس وإلى الأمام). وحكم عليها بالسجن النافذ لمدة سنة كاملة أمضتها في «حبس لعلو» بالعاصمة. ويشهد لها مجايلوها في المدرسة العليا للأساتذة أنها كانت في طليعة المناضلين، وكانت الجموع العامة الحاشدة تترقب متى تأخذ فيه الكلمة لتدلي برأي أو لتشرح قراراً أو لتشحذ الهمم بخطابات مفوهة ومحرضة. آخر مرافعاتها بالمدرسة كانت أمام مسؤولين من وزراة التربية؛ وهو ما لم يستسغه هؤلاء المسؤولون ولا الإدارة أيضاً. وكان مؤشراً على أن اسم البنت قد أدرج ضمن قائمة المستهدفين بالطرد والاعتقال. وكذلك كان.

قبل فترة اعتقال حكيمة ناجي كانت المنظمة قد قررت إلحاقها بإحدى «اللجان السياسية القاعدية» لتنظيمنا الحزبي بالقطاع الطلابي إثر وقت أمضته بتيار «الطلبة الديمقراطيون» الذي عوض إطار «الحلقات» في التنظيم السري في فبراير 1979. وكانت الفتاة الوحيدة ضمن جملة رفاق ذكور تتوزعهم مختلف مؤسسات التعليم الجامعي العالي بالعاصمة. أذكر يوم أبلغني رفيقي محمد الحبيب نظيف (معتقل سابق) بقرار اللجنة التنظيمية الحزبية الطلابية الوطنية (التي كانت تضم من بين أعضائها كلاً من حميد باها ومحمد هجري وسعاد مخلص…) في الإشراف على هذه اللجنة السياسية القاعدية من طرفي قبلت على الفور. وفي تعريف لهذه اللجنة ورد ما يلي: «تشكل اللجان الأساسية والقاعدية الجسور التنظيمية التي يرتبط التنظيم من خلالها بالجماهير، ويتلمس عن قرب واقعها وقضاياها، وتلعب من ناحية ثانية أداة لقيادة النضال الجماهيري، وبث الدعاية الثورية وسطها.

إن الفرق بين اللجان الأساسية والقاعدية ليس فرقاً نوعياً في شروط العضوية، إن الفرق يكمن في أن اللجان الأساسية تتشكل من خيرة مناضلي اللجان القاعدية، من المتقدمين نسبياً في الوعي والنضالية (…) إن العلاقة بين التنظيم السياسي( خلايا الرفاق) وبين لجان النضال الأساسية والقاعدية هي علاقة مركزية ديمقراطية، بمعنى أن انضباطهم للتنظيم السياسي ليس انضباطاً قسرياً، بل عن قناعة طوعية شكلوها خلال تجربتهم الملموسة، ومن جهة أخرى انهم يساهمون في خطة اليسار السياسية في نقدها وتصحيحها بكيفية غير مباشرة، عبر عملهم اليومي مع الجماهير، وتقييم حصيلة عملهم، وعبر مناقشة ونقد مواقف التنظيم وممارساته» (التقرير التوجيهي لمنظمة 23 مارس، دار الشرارة، بيروت، 1975، صص. 91- 92).

نشرة الشباب الديمقراطي وخبر اعتقال حكيمة الناجي
نشرة الشباب الديمقراطي وخبر اعتقال حكيمة الناجي

ويوم أُعلمت بأسماء المناضلين المعينين للانضمام إلى هذه اللجنة زدت إصراراً على إنجاح هذه المهمة اعتماداً على تجربتي في الميدان، ولا سيما وأنني على بينة من طبيعة هؤلاء الأعضاء الجدد الذين كانوا من بين خيرة مناضلي مؤسساتهم الجامعية، وكنت قد جالستهم، وحادثتهم كلاًّ على حدة وفق برنامج حدد لغاية إلحاقهم بالتنظيم.

كان الموعد الذي ضرب لي للالتقاء بحكيمة في ملتقى طرق بين شارع الكفاح وشارع محمد بن عبد الله، وبالضبط عند علامة التشوير «قف». أذكر ذلك بالكثير من التفاصيل. كنا في شهر نونبر 1981. وكأني بالذي حدد مكان اللقاء، بهذه المواصفات، كان يريد أن يقول لمناضلتنا حكيمة أن هذه اﻟ«قف» إنما هي نهاية مسار وبداية مسار آخر. وكان المفروض تبادل كلمة «السر» والكشف عن صحيفتين مختلفتين؛ وهما في العادة العلامتان المستعملتان في مثل هذه المواقف. على أنه وبحكم سابق معرفة بيننا، فقد ظهر لي، من جانبي، أن تنفيذ هذا الشرط، في حالتنا العينية تلك، إنما هو من قبيل “الكوميديا”. لذلك تغافلنا عن الشرط إياه وسرنا في اتجاه البحر في خطى بطيئة نتبادل الحديث ونتهيأ للآتي، من جهتي بإخبارها عن طبيعة هذه الخطوة التنظيمية وما يتعلق بها من التزامات، ومن جهتها بطرح أسئلة حول هذا الجديد في حياتها النضالية. وأذكر أن حكيمة استقبلت هذا الإجراء بتهيب وفضول. ثمّ وكأن البنت لم يفاجئها أيضاً. وكأنها كانت تنتظر هذه الخطوة. جرى اللقاء هذا بسلاسة. وحينما انضمت إلى باقي رفاقها في ثاني اجتماع للجنة إياها كانت حكيمة قد قطعت شوط “الدهشة” و”الفضول” لتباشر شوط تنفيذ المهام الموكولة إليها بكل تلقائية واجتهاد.

لم يكن التحاق المناضلة حكيمة ناجي بحركة «23 مارس»، في سياق تاريخي لأوائل الثمانينات من ق.20 محض مصادفة، بل كانت البنت تتوفر على إمكانات هذا الالتحاق. حيازتها لسعة معرفة وفضول ثقافي ولسانين (العربية والفرنسية)، لتضيف إليهما لاحقاً اللغة الإسبانية، وتجربة نضالية تلاميذية مهمة… هي عناصر جعلت المنظمة وقتها تتابع نشاطها عن كثب. ولما أزف موعد الالتحاق، حتى في شروطه تلك، حصل في وقته بالتمام والكمال. لم تمر حكيمة ناجي بتجربة «23 مارس» مرور الكرام، مثلما يقال، ولم تعشها كما يلزم. لكن لم يكن مجيؤها إلى المنظمة من قبيل «ضربة حظ». مؤهلاتها ورصيدها يشفع لها في ما بلغته من حنكة ومراقي ومنجز. وكان احتكاكي بها في العمل الحزبي، على قصره من حيث الزمن، مدعة افتخار واعتزاز.

للأسف لم تكد حكيمة تستأنس برفاقها باللجنة حتى انبرت يد الاعتقال لتزج بها في «سجن لعلو». وطبعاً خلف واقع اعتقال حكيمة مرارة لدى رفاقها وزملائها؛ الاعتقال الذي تم عقب الإضراب الوطني 20 يونيو 1981، والندوة الصحافية للجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في 17 نونبر 1981، واعتقال قيادة الاتحاد الاشتراكي والهجوم على مكتسبات الطلبة وخلق جهاز «الحرس الجامعي» (“الأواكس”، كما كن ينعت من طرف الطلبة!) للتحكم في الحرم الجامعي…

وبينما راحت البنت تقضي محكوميتها بالحبس في جناح النساء وبصحبة مناضلات أخريات (أذكر من بينهن حياة الزراري وليلى أعبابو), كان رفاقها باللجنة يواصلون اجتماعاتهم مستحضرين شمائل رفيقتهم المعتقلة. أيامها كنت مداوماً على زيارة حكيمة بالسجن. وكنت أنقل إليها تقارير بعمل اللجنة وأخبارها، وكانت الغاية هو الإبقاء على ارتباطها بالتنظيم. وتسلمت هي مني مباشرة عبر ثقوب شبكي الممر الطولي (البارلوار) الفاصل بني الزوار والسجناء رسائل ورق في صيغة قلم مديد. وفي أوقات أخرى تسلمت حكيمة رسائل بواسطة المحامين، وتسلمتها بسبل مغايرة أيضاً. ولا يفوتني هنا الإشارة إلى ما تحملته والدتها الكريمة من مشاق بصبر وثبات، وهي في تنقل مكوكي، حوالي المائتي كلم، بين الفقيه بن صالح والعاصمة، حتى تشمل ابنتها وفلذة كبدها بأردية الدفء والمؤازرة. ولا أحد يشك في أن الصبر والعناد اللذين أبانت عنهما حكيمة هو في قسط كبير منه من صبر وعناد والدتها المكافحة.

غداة خروجها من السجن في أكتوبر 1982 استوت مع زوجها المناضل أحمد الخمسي بمدينة القنيطرة لفترة قصيرة. ولقد أتاح لي مقامهما بحاضرة الغرب زيارة بيتهما باستمرار والجلوس إلى حكيمة. ثم ما برحت أن التحقت بمدينة بني ملال محضرة بمختبر ثانوية الحسن الثاني. وعقب فترة تدريب بالمركز التربوي الجهوي بالمدينة ذاتها انتقلت هي وابنتها دلال بزوجها  إلى مدينة تطوان لممارسة مهنة التدريس، فأساتذة الترجمة بالشعب العلمية بإحدى ثانويات مارتيل.

 واصلتُ زياراتي للأسرة في كل مناسبة حزبية أتيحت لي إلى شمال البلاد. ثم إن أواصر علائقنا تعمقت وازدادت سعة وحميمة. كانت حكيمة قد نحتت لها مكانة رفيعة بين مناضلي تطوان؛ المكانة التي أكسبتها تقدير واحترام كل قوى اليسار بالمدينة والإقليم والمنطقة. وعدا استمرارها في العمل الحزبي ضمن «منظمة العمل الديمقراطي الشعبي» بالشمال، فقد انخرطت حكيمة بكل جوارحها وعنفوانها في تجربة الجريدة النسائية «8 مارس»، مذ انطلاقتها في 1983، فاتحاد العمل النسائي لاحقاً سنة 1987، وهو ما سيفضي بها إلى تحمل مسؤوليات وازنة بفرع هذا الاتحاد بتطوان، والتصدي بمقالات في مواضيع النساء، والمشاركة الواسعة في النهوض بالمسألة النسائية بشمال البلاد. ومثلما كانت جهودها ركناً أساسياً في عمل الاتحاد النسائي كانت مبادراتها في عمل «جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص- جهة طنجة تطوان الحسيمة» منذ 1996، ذات الأثر البالغ كذلك. ثمّ إنها أطرت نضالها بتكوين أكاديمي بجامعة غرناطة بإسبانيا سنة 2004، مسلك «الدراسات النسائية والنوع»، وناقشت أطروحتها «حول النساء والعلاقات الاجتماعية بين الجنسين عند ابن رشد»، ونالت بموجبها ديبلوم الدراسات العليا المعمقة سنة 2008.

اهتمام حكيمة ناجي بالمسألة النسائية بالمغرب حفزها للمشاركة في التفكير في إنتاج شريط وثائقي بصري؛ وهو ما تم بين «جمعية السيدة الحرة» والمخرجة الإسبانية ليونور ميرو، وكانت حكيمة قد جابت ربوع مناطق شمال المغرب  بحثاً عن نساء وطنيات ومقاومات شاركن في معركة الكفاح من أجل الوحدة والاستقلال أثناء مرحلة الاستعمار الإسباني والفرنسي للبلاد. وعرض الشريط (من 54 دقيقة) لأكثر من مرة بالقناة التلفزيونية الثانية المغربية 2M، المساهمة في إنتاجه، منذ 2016 ضمن برنامج «قصص إنسانية»، والشريط بعنوان: «مطر الشمال»، احتفاء بنساء مغربيات مقاومات مجهولات، وتكريماً لهن. 

وليس من المصادفة كذلك أن يجري تعيين حكيمة في عضوية «المجلس الاقتصادي والاجتماعي للمملكة» في فبراير 2011، فمقررة «اللجنة المكلفة بتحليل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية» بالمجلس إياه لسنوات، عدا اشتغالها بلجنة التنمية المستدامة. وعرفت بجديتها في العمل وشجاعتها في مناقشات الجارية بهذه الهيأة، والكل لا يزال يتذكر الجدال الذي شهدته إحدى دورات المجلس بين حكيمة ناجي ومصطفى بنحمزة (رئيس المجلس العلمي بوجدة) سنة 2014 حول مساعي البعض إلى تحويل أبناك المملكة، بما فيها البنك المركزي، إلى “أبناك إسلامية” في سياق الهجوم الأيديولوجي الوهابي على قوانين المملكة “الوضعية” في ظل حكومة بنكيران الثانية. عشر سنوات أمضتها حكيمة عضواً فاعلاً بالمجلس. هذا الرصيد الكبير الذي جمع بين خبرة التدريس وخبرة البحث الأكاديمي والنضال العملي في المسألة النسائية والكتابة فيها باللغات الثلاث، فخبرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي… كل هذا الرصيد أكسب حكيمة ناجي نضجاً في التفكير وتجربة في الميدان.

اسم حكيمة ناجي اسم غير قابل للتجاوز في سردية النضال النسائي المغربي المعاصر. وحكيمة ناجي أم لبنتين: دلال وسوسن.

وفي منجزها عدة دراسات ومقالات، ننتظر أن تجمع في كتاب ورقي. وفي الآتي بعض منها:

  • ابن رشد، محاولة قراءة تحليلية من زاوية العلاقات الاجتماعية بين النساء والرجال، (موقع «الأنطولوجيا»، ديسمبر 2016)
  • Une élite et un mouvement féminins Au nord du Maroc colonial 1917-1955, August 2015, https://www.researchgate.net
  • Genre et discours de la laïcité La laïcité est-elle synonyme de l’égalité de genre?

May 2018, https://www.researchgate.net

  • Las Mujeres y las relaciones sociales entre los sexos en el discurso Averroista, ANTOLOGÍA, Academia, 2018
  • مدخل إلى الفكر النسائي الغربي المعاصر، مجلة «الأوان»، يناير 2011 http://maaber.50megs.com/issue_january11/spotlights3.htm
  • مقاومة الاحتلال الأسباني بالمؤنث، جريدة «الصحراء المغربية»، يناير 2010 https://www.assahraa.ma/journal/2010/100811
  • الطاهر حداد، رائد التنوير النسائي المغاربي العربي الإسلامي، موقع «لكم»، نونبر 2023: https://lakome2.com/opinion/326065/
  • ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب، موقع «لكم»، ديسمبر 2024 https://lakome2.com/opinion/366449/
  • الفضاء السيبراني وأزمة الديمقراطية من الكومارس الرقمي إلى الفعل السياسي، «موقع مؤمنون بلا حدود»، سبتمبر 2022

القنيطرة في أكتوبر 2024  

Visited 397 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

محمد الهجابي

صحفي وكاتب