ولايات جعفروف: العالم الأذربيجاني الذي وهب حياته لخدمة الأدب العربي

ولايات جعفروف: العالم الأذربيجاني الذي وهب حياته لخدمة الأدب العربي

د شيخعلي علييف / إعلامي اذربيجاني

          بعد انتشار حركة الاستشراق في البلدان خارج منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص خلال القرن الأخير، قام المستشرقون والمستعربون خاصة، بتقديم أعمال أدبية مميزة من اللغة العربية للغات العالم.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى دور المستشرقين الأذربيجانيين في مجال الترجمة، حيث مرت حركة الترجمة الأدبية في الأدب الأذربيجاني ذي تاريخ عريق وتقاليد غنية بمراحل طويلة من التطور، لدرجة أثرى المترجمون والأدباء الأذربيجانيون الخزائن الأدبية بمؤلفات التراث الأدبي العالمي، منه الأدب العربي الغني والمترجم بنجاح، بالإضافة إلى تميز تاريخ ترجمة المؤلفات العلمية والأدبية من العربية إلى الأذربيجانية بماضٍ طويل وغني منذ النصف الثاني من القرن العشرين، حيث لا ينسى الشعب الأذربيجاني والدوائر الأدبية الخدمات التي لا تقدر بثمن، للأستاذة عائدة إيمانجولييفا والأساتذة علي أصغر محمدوف ووسيم محمد علييف ومالك محمودوف وولايات جعفروف ومالك قاراييف وأخرين في هذا المجال.

 ويعدّ المستشرق الأذربيجاني ولايات جعفروف أحد رواد ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الأذربيجانية، نظرا لترجماته العديدة، وأبحاثه على مدى أكثر من 40 عاما في هذا المجال، إلى جانب ذلك، كان العالم الجليل في رحلته للعطاء والإبداع، قد قرر وهب حياته في سبيل تعليم أبناء وطنه في جامعات عدة بباكو، حيث تخرجت على يديه أجيال من الباحثين والمحققين.

ولد العالم ولايت جعفروف في قرية بوزالقانلي لإقليم توفوز في أذربيجان عام 1940، وبعد تخرجه من كلية الدراسات الشرقية بجامعة أذربيجان الحكومية بدأ عمله كمترجم في اليمن حتى عام 1967، وفي العراق حتى 1981، قبل حصوله على درجة الدكتوراه في مجال الشعر الكلاسيكي المعاصر في العراق.

بعد عودته إلى أرض الوطن، كرس الأستاذ الجليل حياته على عمله في نقل مؤلفات الأدب العربي إلى لغته، فضلا عن التدريس في الجامعات، وتقلده منصب رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في معهد الاستشراق لدى الأكاديمية الأذربيجانية الوطنية للعلوم، حتى آخر أيام حياته، مما أتاح له فرصة أكثر للترجمة والتدريس، وإنجازات كثيرة وهامة، على المستوى الوطني تحتاج لصفحات عديدة من أجل حصرها، مما يجعلنا نركز هنا على البعض والقليل منها.  

صدرت له عام 1983 ترجمة مجموعة من القصص المثيرة للاهتمام من الأدب العراقي في كتاب عنوانه “بحثًا عن الأيام البيضاء”. كذلك عرّف العالم الجليل القراء الأذربيجانيين بالمؤلفين والأدباء والشعراء العرب الآخرين.

تم تقديم ترجمته للرواية التاريخية “عروس فرغانة” للأديب العربي المعروف جورجي زيدان عام 1996 في باكو. يجب الذكر أن رواية “عروس فرغانة” تجسد، بطريقة إبداعية فنية، مراحل من تاريخ أذربيجان. تتطلب ترجمة مثل هذه الرواية التاريخية أن يكون لدى المترجم معرفة متعمقة بالتاريخ ومهارات ترجمة محددة تتعلق باللغة العربية. وكان لدى ولايات جعفروف، قريحة للترجمة الأدبية وحب كبير للغة العربية وآدابها.

وعمل ولايات جعفروف بجد مثل مؤلِف الرواية في ترجمته “عروس فرغانة”. وترجمته أعطت حياة جديدة للرواية الأصلية، بل في هذه المرة، باللغة الأذربيجانية. إنه لم يحافظ على أصالة الرواية فحسب، بل أظهر أيضًا احترافية عالية وتعبيرًا مناسبًا وأسلوبًا مذهلاً في ترجمتها. أصبح هذا العمل المترجم فيما بعد مصدرًا قيمًا للعديد من الدراسات في الدراسات الشرقية الأذربيجانية. كما بشر بإنشاء ترجمات جديدة في تاريخ الترجمة الأدبية في أذربيجان.

بشكل عام، كانت دراسة الأدب العربي وتبليغه يحتلان دائمًا مكانًا خاصًا في الإبداع العلمي الغني لهذا المستشرق، حيث وفي هذا الاتجاه كتب العالم مؤلفات “جميل صدقي الزاهاوي” (1983)، “الشعر الكلاسيكي الجديد في العراق” (1998)، “سيف علي ذو الفقار” (2000)، “الصداقة ولدت في الغربة” (2005)، “العلاقات الشعرية العراقية التركية ” (2018)، وغيرها من الكتب الممتعة والقيمة.

برحيل الأستاذ ولايات جعفروف عن عالمنا الأرضي والتحاقه بالرفيق الأعلى عام 2021، فقد معهد الاستشراق ومحبو الأدب العربي أحد علمائه البارزين.

Visited 119 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة