صواريخ الجنوب محاولة لتغيير قواعد اللعبة مع العدو

صواريخ الجنوب محاولة لتغيير قواعد اللعبة مع العدو

أحمد مطر

بمعزل عن إذا كانت الصواريخ التي أطلقت من الجنوب، محاوِلة الوصول إلى شمال فلسطين المحتلة، بدائية أو حديثة، أو أن مطلقيها محترفون أو هواة، معروفون أو مجهولون، فإن فعل إطلاق هذه الصواريخ هو مؤشر إلى أن قواعد اللعبة في الجنوب ربما هناك من يسعى إلى تغييرها، ما يطرح السؤال التالي: هل أصابت الصواريخ اتفاق وقف إطلاق النار قبل أن تصل إلى شمال فلسطين المحتلة.

بالواقع أن حزب الله نفى مسؤوليته عن إطلاق هذه الصواريخ، لكن هذا النفي لا يعفيه من المسؤولية، فهو معتاد على التورية، ولديه مسميات لا يتوانى عن استعمال أي منها لإبعاد الشبهة عنه، حينًا يلمح إلى فصائل فلسطينية، وأحيانًا يذكر بوجود سرايا المقاومة، كما يعتبر دائمًا بأن أبناء الجنوب مقاومون، وصولًا إلى سردية الأهالي، كما هي سردية العشائر في البقاع الشمالي، في المعارك مع الجيش السوري الجديد .

وعليه يوجد أكثر من هدف يرجح من وراء عملية إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية تجاه الأراضي المحتلة، لأول مرة منذ ثلاثة أشهر، وفي هذه الظروف الحساسة أولها، إظهار قدرة حزب الله وجاهزيته للرد على الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف النار والقرار الدولي رقم1701، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق الجنوب، والضربات على مواقع ومراكز الحزب واستهداف كوادره، بالرغم من الخسائر الفادحة التي تعرض لها خلال حرب الإسناد التي أشعلها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى، إن كان باغتيال كبار قادته ومسؤوليه البارزين، أو ضرب بنيته التحتية، وخسارة قاعدته الخلفية بسقوط نظام بشار الأسد وانقطاع التواصل المباشر مع النظام الإيراني بعد تحييد العراق عن ساحة المواجهة، وبقائه خارج وحدة الساحات الايرانية. الهدف الثاني، إبراز استمرار النظام الإيراني باستعمال جنوب لبنان والتواجد المؤثر فيه، واستغلاله ساحة لتصفية الحساب مع إسرائيل، ومن خلاله توجيه الرسائل الإيرانية إلى الولايات المتحدة الأميركية، لتحسين شروط التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وتخفيف طوق العقوبات الأميركية والغربية عن إيران.

أما الهدف الثالث، فهو الرد المباشر على مواقف رئيس الحكومة نواف سلام، الذي قال فيها، إن صفحة سلاح حزب الله انطوت بعد البيان الوزاري، وإن شعار شعب وجيش ومقاومة أصبح من الماضي، والتأكيد بأن الحزب ما يزال موجودا، وقادرا على التأثير والمبادرة برغم كل ما حصل، ويجب على المسؤولين أخذ هذا الواقع بعين الاعتبار، وعدم التهاون بالتعاطي مع مسألة سلاح الحزب بهذه الطريقة، ومن دون مراعاة محاذير مقاربة مشكلة السلاح بهذه السرعة، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار هواجس ومتطلبات وجوده.

يمكن القول بأن جميع هذه الأهداف قد تحققت من عملية إطلاق الصواريخ من لبنان دفعة واحدة، ولعل أقواها تاثيرا، استدراج إسرائيل للرد باعتداءات واسعة النطاق طالت مناطق واسعة، في محاولة مكشوفة لإرباك الدولة اللبنانية، وتعطيل انطلاقتها، لتنفيذ وعود خطاب القسم والبيان الوزاري، لاسيما ما يتعلق منه بسلاح الحزب، ما ترتب عنه جملة تحديات ، توجب على الدولة مواجهتها بعزيمة وقوة، لتجاوز أضرارها والانطلاق قدما في مسيرة إنقاذ لبنان والنهوض به.

ختامًا، واستناداً إلى كل هذه المعطيات، هل يمكن الاستنتاج أن حزب الله قرر تغيير قواعد اللعبة، وهل يُدخلنا مجدداً في المجهول.

Visited 47 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني