الإرهاب.. هل هو حرام أم حلال أو هما معا؟

   الإرهاب.. هل هو حرام أم حلال أو هما معا؟

(كلما ازددتُ علماً زادني علماً بأنّي جاهل،

فاللّهم زِدْني علماً بجهلي…)

العربي بنتركة

   أفلح المغرب في أن يكون من الدول المتقدمة في محاربة الإرهاب المتكونة عناصره بالخارج بدعم دول راغبة في زعزعة أمن دول بعينها واستفزاز أنظمتها وترعيب شعوبها. والمغرب دائم اليقظة في هذا الاتجاه ولا تفوته خائنة أعين لقطع دابر الإرهاب.

   بل إنه صار مستشارا دوليا في هذه النوازل ويعتد بنهجه في مقاومة الإرهاب بالخارح.

لكن، لماذا يفشل المغرب في القضاء على الإرهاب الداخلي الذي يمس شريحة من المواطنين ويضيق عليهم الخناق ويسعى لتهميشهم في غياب وعي المؤسسات الرسمية والمسؤولين بها؟

  إن شريحة حيوية من المواطنين الأكفاء، فيهم الأستاذ والأديب والإعلامي ونحوهم من المبدعين الصادقين الصابرين، الداعمين لسمعة المغرب في الخارح. إن هذه الشريحة تتعرض يوميا لسلوك إرهابي مشين يستهدف حريتها والنيل من قدراتها ووزنها.

   فقط، لأن هذه الشريحة من المواطنين المخلصين لا تتبع أهواءهم ولا ترى طاعة في معصية الله، تتمسك بمبادئها والدفاع عن أفكارها، تفضح اللصوص والوصوليين والمتسلطين جهرا بالقلب واللسان والقلم.

***

   هل يعقل هذا يا خلق الله؟

المغرب يحرم الإرهاب في الخارج ويحله في الداخل؟ ويطلق يد عصابة من الإرهابيين المستخفين وراء أقنعة بعض، أقول بعض المؤسسات والإدارات الحليفة والجمعيات والمجالس والنقابات والشركات المتهافتة على المنح والراكعة لحماية تسدل ستار الغفلة على جرائمها.

   فمن تكون هذه العصابة ذات السلوك الإرهابي المقيت وهي تنفث سمومها ضد فئة من المغاربة وتستهدف وجودهم لأغراضها الدنيوية الدنيئة طمعا في المال والحجارة والإسمنت والبنزين ومبايعة أصحاب المراكز اللحظيين؟

***

   الإرهاب الذي نتحدث عنه في هذه العجالة، وطنه المغرب، فهو مغربي مئة في المئة، تمارسه عينة غريبة من المغاربة الذين يبغونها عوجا، طائفة من المستخفين بالليل والساربين بالنهار، تجمع بينهم ثقافة الأذن واللسان وينشطون في مجال المكر والخديعة كما ينشط الأخطبوط بعدة أيدٍ وأرجل حتى لا تضيع منهم صفقة وهم يتاجرون بأسرار الناس من حيث لا يعلم الناس، يعملون في وظائف غطائية قليل منها شبه حكومي، الكثير منها يعبر مفازات المقايضة بحياة الناس وحلالهم، الكثير منهم أشبه ما يكونون بحليب الحمارة لا نفع فيه ويضر من يستعمله. متقاعدون ومتعاقدون، قلوبهم شتى ودربهم موحد، هواياتهم لا تختلف كثيرا (السمسرة والنصب والتبحليس والزور والخداع والتدليس)، وجميعهم يدبرون أمرهم في حضن اللعين إبليس. منهم من يحمل اسما يدل عليه معنى ومبنى، ومنهم من سموه ساروت، ومنهم من حمل اسم ثعلب، وفيهم من لقب بالفردي وآخر بالقراني، ظلما واعتداء وجهلا بعضهم يحمل اسم محمد وما كل محمد بنبي، ولا كل محمد بطاهر، فيهم من حمل قبل العام 1989 علم البوليساريو في مظاهرة بألخيريا للتنديد والتشهير بالمغرب، وفيهم من لا يزال يحمل العلم الإسرائيلي ويشتم الفلسطينيين بلغة جلّاسات الحمام، وليس فيهم جميعا من يحمل العلم المغربي، ولو يستطيعون لباعوا المغرب بالجملة كما يبيعون المغاربة بالتقسيط في طقوس ولائهم للشيطان وعبادة الدنيا، وعيون المراقبين في جلاء تبرره المقايضة. من هؤلاء تتشكل عصابة المغاربة ضد المغاربة، ورحم الله الشاعر محمد بن ابراهيم حين قال: “المغرب غربب وأغرب منه أننا فيه غرباء”.

   فمن يساند هذه العصابة الإرهابية، ذات القفا المغربي والوجه الصهيوني، فيحل لها ما حرم الله، ويمكن لها في امتيازات إدارية وشركات تهافتية، ويمتعها بأموال متعددة المصادر والمقادير تحت شعار (دعم خوك ألبخاري.. بايل أو لا خاري)؟

   كيف تصل هذه العصابة المغربية الإرهابية إلى مراكز تقرار تغلق بموجبه الأبواب في سبيل مواطنين لهم الحق في الرأي والتعبير والمؤاخذة والتقييم والاستنكار، وكيف تصادر حقهم في الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب وتوصي بعدم السماح لإنتاجهم برؤية النور؟ وكيف تتسلل إلى مكاتب السفارات العربية والممثلة في الرباط، وتحث السفراء العرب على عدم التعامل مع مثقفين مغاربة بأي شكل من أشكال التعامل؟ كيف يحق لهذه العصابة الظلامية أن تفرض سلطتها بهذا الأسلوب حتى على السفارات الأجنبية، إذا لم تكن مؤازرة بأجهزة قوية من الدولة أو تكون هي دولة داخل الدولة؟

   هل هناك إرهاب أمقت من هذا يضمر الكراهية في صدره ولا يقوى على الحوار والسجال وإعلان سريرته؟

   فما هو أسلوب الإقناع الذي تتخذه هذه العصابة ذريعة لشحن هؤلاء وأولئك باتخاذ المواقف التي ترضيها؟

   فأي حماية هذه التي تتمتع بها العصابة الشاذة التي تعمل في حقول الإعلام والسينما والمجالس الصحفية و”الهاكا” ومدراء النشر ونقابات الصحافة والإعلام والأندية المغلقة التي تفتح أبوابها ليلا وفي جنح الظلام، ومكاتب الترقية والتصنيف وفق التوصيات من غير أن تكشف عن وجهها أو تعلن هويتها حتى وهي تتبجح بولائها لأم الوزارات لا لملك البلاد؟

إن الإرهاب الذي هو شغل هذه “الجماعة” هو أقسى وأمر من إرهاب المسلحين، فهي تسعى إلى القضاء على من يخالف نهجها من مكونات وطنية لها باع طويل في خدمة المهنة والوطن، ولها تاريخ نظيف غني بالعطاء، فهل هذا حقا يرضي أم الوزارات؟، وكيف تضرب صفحا عن هذه العصابة التي امتلأت بطون أهلها بحلال المال وحرامه وقلوبهم بالزيف والنفاق وعقولهم بحب السيطرة والهيمنة حتى وهم صاغرون؟

إن الدولة متى شاءت اليقين، لا شك هي تعرف السبيل إلى ذلك قبل أن ينعكس الإرهاب الداخلي على صورة المغرب في الخارج لينال من سمعتها.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

العربي بنتركة

كاتب واعلامي مغربي