المعرض الدولي للكتاب والنشر.. من الاستثناء إلى القاعدة

المعرض الدولي للكتاب والنشر.. من الاستثناء إلى القاعدة

   أفق: يكتبه صدوق نورالدين

1/

   لن أزور المعرض الدولي للكتاب والنشر، وللمرة الثانية. باتت الرباط قاعدة ولم تعد استثناء. أتذكر و _ بقوة_ تدخلات السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل في السنة الماضية. تدخلات تبرر دواعي إقامة المعرض في الرباط استثناء. لكن يبدو، أن كلام الليل يمحوه النهار,

2/

   أكتب كعاشق للكتاب مهتم، وليس كمحاول في الكتابة أو التأليف. لذلك، أؤثر حنين معرض الدار البيضاء بما هو  القاعدة التي دأبنا انتظارها الجمعة الأولى من كل سنة جديدة، عوض شهر يونيو  كنهاية لدورات المعارض العربية جميعها، لما تنتهي حياة الكتب وتبلى حركية الأسواق. فهل القصد الإجهاز على هذا المكتسب؟

3/

   لم يحدث منذ كان السيد محمد بن عيسى وزيرا للثقافة في الفترة الممتدة من (1985) وإلى (1992) باعتباره المؤسس الفعلي لأول دورة من دورات معرض الكتاب (1987)، و إلى مرحلة السيد لحسن عبيابة القصيرة من (2019) وإلى (2020)، أن تحقق _ في نظري _ الحديث عن الدعم المادي “ولو بدرهم واحد” لأية دورة من دورات تنظيم المعرض. كانت الوزارة مكتفية بذاتها، قادرة على تدبير هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، علما بأن الوزارة الحالية لم تقدم على تنظيم أية دورة في مدينة الدار البيضاء حتى نحكم على الدعم من عدمه. إننا نصدر في حكمنا على مراحل سابقة ليتها تعود،   وبالتحديد تلك التي لن يخطئها التاريخ : محمد بن عيسى، محمد الأشعري والراحلة ثريا جبران رحمها  الله تعالى. حينها كان المعرض معرضا، والحياة الثقافية بطعم الحب والحنين والشوق والانتظار الحارق.

   و أما اليوم ف “تكسرت النصال على النصال”.

4/

  أذكر أني استمعت لوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد في حوار له والصحافي عبد الله الترابي معد ومقدم برنامج “حديث مع الصحافة”، وبالتحديد عقب دورة الرباط الاستثنائية للمعرض الدولي للكتاب والنشر (2022). كان من بين الأسئلة، التكرار الذي بات يطبع الدعوات الموجهة لأسماء بعينها، حيث أشار السيد الوزير إلى أن لجنة علمية تشرف على تحديد الأسماء.  إلا أن المفارقة التي يقف عليها أي متابع كون الأسماء التي سبق أن دعيت في (2019)، قد أعيد تجديد الدعوة إلى معظمها في (2022)، ومنها من لم يصدر كتابا واحدا في السنة، بل من لم يكتب نصا ينشره في الملاحق الثقافية. قد يقال لا يمكن للوزارة أن ترضي الجميع، و هو رأي سليم. وهنا لي أن أقترح _ ولمناسبة التنظيم_ إلغاء الأسماء جميعها التي شاركت في الدورة السابقة وفتح المجال أمام من لم يشارك والكثير منهم احتج على اللجنة (العلمية). وقد يقال أيضا، إن كاتب هذه السطور يرغب في المشاركة، إلا أني أقول _ وبكل موضوعية _ لقد استنكفت منذ مدة عن اللقاءات الأدبية والثقافية، ولم أعد أوفر هاتفي وبريدي لأي طرف كيف ما كانت مكانته وموقعه الثقافي. لست من رعاة الغنيمة.

   وحتى أضيف إلى موضوع الأسماء المدعوة، أقترح الرجوع للدليل الذي طبعته الوزارة والمتضمن صور المدعوين، كما عناوين الندوات المعتزم تنظيمها. ولنا أن نتخيل مثلا أن إقليم الجديدة الذي أنجب بناة الفكر المغربي والعربي الحديث : الراحل عبد الكبير الخطيبي، الأستاذ عبد الله العروي والأستاذ طه عبد الرحمن أمد الله تعالى في عمرهما. فالمدعو من الإقليم : كتبي. فهل هذا الإقليم يعاني فقر ا في الكتاب والمبدعين إلى هذا الحد والمستوى؟ أم أنها الإهانة في كامل تجلياتها؟ أم أنها الجهل المتعمد والقصدي؟

   وأحب أن أختم الموضوع، بالإشارة إلى أن هذه اللجنة مطالبة في مثل هذه التظاهرات بتبني ثقافة الاعتراف. الاعتراف بالجيل المؤسس للثقافة المغربية. الجيل الذي تتلمذنا على نصوصه دون أن يكتب

   لنا الجلوس بين يديه على مقاعد الدرس والتعلم منه مباشرة: أحمد اليابوري، إبراهيم السولامي، عبد الله العروي، طه عبد الرحمن، محمد إبراهيم بوعلو، محمد السرغيني وأحمد الطريبق أحمد وغيرهم ممن طواهم النسيان، وغيبهم الجهل الأعمى.

5/

   إني _ وكما سلف_ لن أحضر وللمرة الثانية هذه الدورة، فلقد ارتبطت بمعرض الدار البيضاء وسأظل مخلصا له.

شارك الموضوع

صدوق نور الدين

ناقد وروائي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *