محن ثانوية ابن رشد بمدينة ليل شمال فرنسا

تولوز – المعطي قبال
لم يكن في ظن الذين أطلقوا اسم ابن رشد على الثانوية الإسلامية الواقعة بمدينة ليل، شمال فرنسا، أن السلطات الفرنسية بالمنطقة والجهة، بدءا من محافظ المنطقة الشمالية، إلى رئيس الجهة، مرورا بوزارة التربية الوطنية، ستشن هجوما كاسحًا على الثانوية، وتتخذ إجراءات عقابية واحترازية، تتمثل في إلغاء العقد المبرم مع الدولة الفرنسية، والذي تم فسخه من طرف محافظة المدينة. الحجة التي استندت عليها هذه الأطراف هي أن الثانوية «أخلت بالمبادىء الأساسية للجمهورية»، بحيث استعملت مراجع وكتب مناهضة لقيم الجمهورية.
غير أن وزارة التربية الوطنية لجأت في الأخير إلى القيام بتحري دقيق، لتكتشف أن المراجع المزعومة لا تتضمن محتويات أصولية متطرفة.
ما أقدمت عليه محافظة الشمال بإلغائها للعقد مع الثانوية هو محاولة تجفيف المصدر المالي الرئيسي للثانوية. استند محافظ منطقة الشمال على بيبلوغرافيا درس في الأخلاق الإسلامية تتضمن نصوصا «تدعو إلى القتل في حالة الزندقة والتمييز بين الجنسين». وكان من آثار هذا الإجراء أن تقلصت التسجيلات إلى 180 طالبا بعدما بلغت 470 طالبا في عام 2023.
لذا يمكن اعتبار قرار 7 ديسمبر 2023 القاضي بإلغاء العقد بمثابة ضربة قاضية لمؤسسة تعرف من بين المؤسسات التي يشهد لطلبتها بالنبوغ والذكاء والجدية في العمل. وغالبا ما تترجم نتائج الطلبة بنقاط تقارب 20 على 20 هذا الواقع.
لمواجهة هذا الوضع اضطرت المؤسسة إلى مضاعفة تكاليف التسجيل وابتكار صندوق للتبرعات على الانترنت.
غير أن القضية عرفت تفاعلات جديدة بتدخل المقرر العام، وهو قاضٍ مستقل، والذي بعد دراسة مدققة لملفات وحجج جميع الأطراف، خلص إلى نتيجة أن ثانوية ابن رشد بريئة من جميع الانتقادات، بل من اتهامات التوجه المتطرف. وشدد على المغالطات الإجرائية التي شابت منطوق ملفات الأطراف الداعية إلى التشطيب على العقد سعيا إلى خنق أنفاس ثانوية ابن رشد.
غير أنه منذ تدشينها عام 2003 بمساندة اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا سابقا، عرفت المؤسسة خلال مسيرتها المضنية منعرجات خرجت منها ببعض الكدمات لكن من دون كسور.