الرقابة والعقاب

الرقابة والعقاب

باريس- المعطي قبال

الأول إيغوري الجنسية، 33 سنة، أب لثلاثة أطفال، يعمل مصممًا، وكان يعيش في تركيا منذ 2012.  والثاني فرنسي يبلغ  21 عاما، متخصص في الالكترونيات. 

يوجد الإثنان رهن الاعتقال بسجن تيفلت بنواحي الرباط. فيما تطالب السلطات الصينية برأس إدريس حسن الإيغوري الذي تعتبره «إرهابي»، تطالب السلطات الأمريكية بترحيل سيباستيان راولت، كونه، كما يقدمه مكتب التحقيقات الفدرالي، أحد المحترفين في قرصنة الشركات العالمية وبالأخص منها الأمريكية.

ما قامت به السلطات المغربية لما أوقفتهما، يمكن لأية دولة تتوفر على جهاز متطور لمراقبة الحدود أن تقوم به. فالمغرب عضو مثله مثل 195 دولة في منظمة الإنتربول، وتقتضي الاتفاقية الموقعة بين الدول في قضايا الإرهاب والإجرام باعتقال الأشخاص  الصادرة في حقهم مذكرات ونشرات حمراء.

وأفادت الشرطة المغربية إنها ألقت القبض عليهما لأن الإنتربول، بناء على طلب العدالة الأمريكية، والسلطات الصينية أصدرت في حقهما رسالة تنبيه دولية. غير أن الإنتربول رفع عن الإيغوري إدريس حسن النشرة الحمراء، مما يسمح بعدم تسليمه للسلطات الصينية، فيما قد يرحل سيباستيان راولت إلى أمريكا، خصوصا بعدما أعطت محكمة النقض المغربية في 20 يوليو شارة خضراء لترحيله إلى الولايات المتحدة.

لكن يبقى أن «الوزير الأول بناء على اقتراح لجنة تضم وزيري الخارجية والعدل» هو الوحيد الذي يمكن أن يقرر. ويذكر أن إدريس حسن أشرف على نشرات إخبارية دفاعا عن شعبه المباد من طرف السلطات الصينية، كما ألف، بصفته مهندس برمجيات كتابا في موضوع القرصنة الإلكترونية.

أما في حالة سيباستيان راولت فقد وجه له مكتب التحقيقات الفدرالي تهمة الانتماء لعصابة إلكترونية تنشط على الإنترنت لقرصنة الشركات الكبرى وعرض معلوماتها للبيع على منصات خاصة. وقد سطت هذه الجماعة على 200 مليون معلومة. والمعروف أن «الشيني هنتر»، عصابة متخصصة في الإجرام الإلكتروني بسرقة وبيع المعطيات السرية للشركات الكبرى. وقد وجه مكتب التحقيقات الأمريكي لسيباستيان 9 تهم قد يعاقب عليها بالسجن بتهمة «المؤامرة بهدف السرقة الالكترونية». «اختلاس خطير للهوية» وقد تبلغ مدة حبسه  116 سنة.

غير أن ثمة أسئلة تهم الغرض من زيارة الشاب راولت للمغرب، (يقول إنه حل بالمغرب لقضاء بضعة أيام من العطلة)، لماذا اختار بلجيكا وليس فرنسا عند الإياب؟ 

ثم كيف لشاب يقدم كأحد جهابذة القرصنة أن يقوم برحلة دون أن يعلم أن أجهزة المراقبة في المطارات تفحص الجوازات للتأكد من أن أصحابها يملكون ملفات نظيفة وغير متابعين قضائيا؟

هل هي سذاجة أم عدم وعي، أم اعتقد راولت أن بلدا مثل المغرب عديم المراقبة ؟

على أي سقط الشاب الفرنسي سيباستيان راولت  في الشرك مغمض العينين، بعدما اعتقلته شرطة مطار الرباط سلا، وذلك على خلفية البلاغ الصادر في حقه والذي يتهمه بقرصنة معلومات سرية لشركات عالمية. وينص القانون على معاقبة القراصنة حبسا. وقد تبرأت عائلة راولت من هذه التهم مطالبة بإجراء تحقيق بفرنسا، الشيء الذي تجاهلته السلطات القضائية الفرنسية، إذ  أعلن وزير العدل الفرنسي إيريك ديبون موريتي بأنه ليست لفرنسا أية إمكانية للتدخل في هذه القضية..».

سيباستيان راولت ليس هو جوليان أسانج المتابع من طرف العدالة الأمريكية، والذي  تنقل من إقامة إجبارية إلى أخرى ناجيا في كل مرة بجلده، والمحكوم عليه ب 175 سجنا في حالة تسليمه لأمريكا. خلافا لجوليان أسانج، لم تقم المنظمات الحقوقية لنجدة راولت أو الدفاع عنه، لأن الأمر يتعلق بالقرصنة لغاية بيع المعلومات وتسريبها للمافيات الاكترونية من أجل الابتزاز. 

الأمل الأخير الذي تعول عليه عائلة الشاب، هو أن يتدخل الرئيس ماكرون لنقله إلى فرنسا والحكم عليه في حالة تورطه بـ5 سنوات سجنا بدل 116 عاما بأمريكا.

هل المغرب سيوافق على هذا الحل؟

لا أعتقد.

بل وحتى ماكرون لن يتدخل في القضية.

هذا الإحساس هو الذي دفع بوالد سيباستيان، بول راولت، إلى القول بأن «فرنسا خانت ابني وباعته إلى الأمريكيين».

Visited 8 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".