مصلحة روسيا في تفجير السد

مصلحة روسيا في تفجير السد

خالد العزي

شيد سد نوفا كاخوفكا في العام ١٩٥٦ على يد “الكومسمول” من اجل تأمين إصلاح الأراضي الزراعية جنوب ضفة نهر دنيبرو في خيرسون ومنع تدفق الماء نحو الأراضي وجرف التربة. وجرى تشييد محطة كهرومائية ــــ مائية لتأمين منسوب مياه يساعد في تبريد مفاعل المحطة النووية في” انغوغودار” في محطة زاباروجيا، وبالتالي فان تفجير السد يخرج الوضع في المحطة النووية عن السيطرة ويصبح أمرا محرجا للجميع لا سيما للدول الاوروبية .

أعلن الروس بأن السد اصيب نتيجة إطلاق صواريخ غراد مما أدى إلى انفجار البحيرة الاصطناعية على النهر، لكن الأوكران يقولون بأن الروس  هم من فجروا السد الذين يستولون عليه من بدء العملية العسكرية، وما بين الاتهامات المتبادلة بين الطرفين والمعلومات التي بدأت تتجلى تدريجيا  حول ما حصل في المنطقة لا بد من الإشارة هنا إلى العديد من النقاط:

ــــ عملية تفجير السد تخدم الروس الذين يعانون من ارتباك وخوف من عملية اوكرانية معاكسة .

ــــ انفجار السد تسبب باغراق المنطقة وتهجير السكان وتعرضت كثير لعملية ترحيل وإخراج الاهالي منها، كما أتلفت المنطقة الزراعية، لان السد حتى لو حصل سلام فان اعادة تعميره لن يكون سهل ابدا .

ــــ حصلت جريمة طبيعية ضد الانسانية والطبيعية في عملية التفجير فهي تسببت بكارثة بيئة وصحية فهناك من لم يستطع الخروج من تحت الأنقاض المائي بالرغم ان القوات الاوكرانية تعمل بكل ما بوسعها  لسحب واخراج العدد الاكبر من الناس من تحت الأنقاض .

السؤال لماذا ضربت روسيا السد وكيف؟

روسيا فجرت السد واغرقت المحطة الكهرمائية، حيث ارتفع منسوب الماء حتى اربعة مترا، مما أبعد وجود الادلة التي تأمل روسيا بعد وجود لجان للتحقيق بذلك لكن صور الاقمار الاصطناعية بدأت تخرج الى العلن عن  كيفية حصول التفجير المتعمد بواسطة التلغيم وليس بواسطة الصواريخ وان الوحدة 205 الروسية هي من قامت بتفخيخ وتفجير السد  وقد اعلن عن اسم النقيب قائد الوحدة المتواجدة في السد .

وتهدف روسيا الى شن حرب جديدة ضد أوكرانيا في ضرب وتفجير السدود ولن يكون هذا السد الاول اذا لم يوجه انذار قاسي لروسيا نتيجة ارتكابها لهذه الكارثة الانسانية.

تعتبر منطقة خيرسون ــــ زاباروجيا من المناطق الأضعف في الحرب الأوكرانية والتي يمكن عبرهما الوصول الى القرم حيث يمكن ان تؤدي نجاحات العملية الأوكرانية المعاكسة إلى تحرير هذه المناطق التي تشكل منطقة رخوة في الحرب الدائرة .

موضوع تفجير السد كان قد جرى البحث فيه قبل الانسحاب من مدينة خيرسون، إذ حاول الروس قصف السد، لكن خبراء في البناء والسدود الروسية وجهوا نداء بعدم التفجير، لان التفجير لن يمنع الوصول الى الضفة الشرقية من خيرسون، وحتى أيام الاتحاد السوفياتي في الحرب  ضد الألمان لم يفد أي تغيير في منع قوات هتلر من عبور المنطقة الشرقية الى خيرسون، بالإضافة الى أن التفجير سيرفع منسوب المياه في المنطقة الشرقية ويؤدي الى اغراق مناطق في القرم ، وحرمانها من المياه العذبة .

كما أن تفجير السد يهدف الى عرقلة الهجوم العسكري لهذه المنطقة الرخوة من خلال اختراقها بالمياه ومنع الدبابات من استخدام المنطقة، خاصة أن الجيش الاوكراني كان ينتظر انتهاء الأمطار لكي تجف الأرض ويمكن استخدامها .

يذكر بأنه في شهر أبريل /نيسان الماضي تم اختراق الجيش الأوكراني للضفة الشرقية عبر استخدام القوارب والزوارق القتالية والوصول الى خيرسون الشرقية وكانت رسالة من الجيش الأوكراني للروس بأن عملية العبور سهلة والاوكران من يتحكمون بها، فالروس تلقوا الرسالة بأن تفجير السد سوف يمنع العبور الأوكراني، لكن الأوكران اخذوا بحساباتهم  بان الروس سوف يقومون بهذا التفجير لإعاقة الهجوم .

فإذا حاولنا النظر الى المنطقة الشرقية من خيرسون فان التحرك الروسي يعتبر صفر باتجاه الأهالي وخاصة الروس بعدم الدعوة للاجلاء ولا يزال الجيش بعيد عن عملية الترحيل التي لا تزال غير واضحة بعكس المناطق الاوكرانية حيث عمليات إجلاء الناس نشطة .

نعم بكل ثقة، الروس يعانون من أزمة في ظل الاستعداد الأوكراني لشن الهجوم الذي لا يعرف أحد طبيعته وشكله وايام انطلاقته، لكن من المؤكد بأن الصور والوثائق والتسجيلات التحريضة الروسية وكيفية استخدام الدعاية الموجهة ضد أوكرانيا لن تخدم روسيا وكذلك التهديد بانفجار نووي طبعا في محطة زاباروجيا نتيجة إيقاف التبريد، ولن يغير نظرة العالم  والمواقف الدولية بدأت تتوضح، الجميع مصر على دعم أوكرانيا اكثر كي تتمكن من اعادة اراضيها، إذا يحاول الاتحاد الروسي تأخير الهجوم الاوكراني ريثما يستفيد من المبادرات الخارجية الساعية للوصول الى اتفاق سلام بين الطرفين، فهناك الكثير من المبادرات وفي طليعتها مبادرة الفاتيكان والصين والدول الافريقية واندونيسيا والصين وتركيا لكن المشكلة في المبادرات هي أن مصالح روسيا يجب ان تتحقق على حساب أوكرانيا واوكرانيا هي العنصر الضعيف، لذلك لن تخترق اي مبادرة اذا لم تأخذ بعين الاعتبار مصالح أوكرانيا فهي ليست بحالة ضعف ابدا.

 

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني