كارثة ليبيا مسؤولية الاعصار ومسؤولية البشر
حسان حجار
كان من الممكن ان يمر اعصار دانيال بخسائر تقع ضمن دائرة المعقول والتدارك المسبق لفيضان يتكرر في تلك المنطقة التي هي جزء من دولة مساحتها من اكبر المساحات واقلها كثافة سكانية في شمال افريقيا .
هناك عدة عوامل لعبت دورا خطيرا في تكبير حجم الكارثة التي لم تتضح ارقام ضحاياها بعد، وما يرشح من تصريحات لا يطمئن .
ــــ العامل الاول :
منذ عقود تحدث الفيضانات في تلك المنطقة وبناء سدين هناك ربما لم يكن بالفكرة السديدة وقتها، اذ يبعد السد الاول حوالي ١ كيلومتر فقط عن احياء المدينة وهو ركامي، كان هدفه استعمالات الري أكثر مما كان لحماية المدينة الذي لم يكن بالحسبان .
ــــ العامل الثاني:
حصل التوسع العمراني في درنة دون تنظيم وبشكل فوضوي جدا فقامت احياء في المجرى المتوقع للسيل نفسه دون اعتراض وشجع ذلك التغييرات السياسية والانقسامات التي تعيشها ليبيا منذ عقدٍ ونيف .وعدم وجود سلطة مركزية قادرة وتقهقر مفهوم الدولة الذي سمح حكما بعشوائيات عمرانية دون اشراف او تخطيط او رؤية او مراعاة للاخطار .
ليس هيّناً ان يجرف السدان ٢٥% من احياء المدينة وهذا المستوى من التدمير لا شك كان سببه مياه السديّن المنهارين، ووجود الاحياء في المجرى الطبيعي لتلك المياه .
إن جنوح الاعلام المرئي الى تحميل المسؤولية فقط للاعصار تبدو سخيفة وغير واقعية وغير علمية، والكلام عن ازدياد حدة العواصف بسبب الاحتباس فيه مبالغة .
هناك عاملان تسببا بالكارثة: فوضى البناء ونوعيته وطبيعة التربة الرملية القابلة للتذويب السريع بسبب رشقات مياه ضخمة تسبب بها انهيار السدّين .
وضعت تلك الأحياء السكنية في مرمى الموجة المدية التي تجمعت وراء الجدار وحطمته واندفعت خلال اقل من دقيقة نحو الاحياء فجرفتها عن بكرة ابيها وتحليل صور المشهد في المنطقة المصابة من درنة توضح المسألة وتوضح المسؤولية البشرية المباشرة لادارات قاصرة وسلطات متنازعة تتحمل جميعها مسؤولية تلك الكارثة الانسانية المؤلمة .
من الضروري وعند التفكير في اعادة الاعمار ان تُترك تلك المنطقة ويتم تأمين مجرى للسيل مدعم واسمنتي محصور يحمي باقي المدينة وتشييد احياء منظمة في مناطق أخرى لتحاشي تكرار مثل هذه الكارثة .
ونتمنى ان تكون هذه الفاجعة عامل توحيد لليبيين ودرساً للمستقبل، فبدل الصراع الاحمق على سلطة تتسع للجميع وفي بلد غني بموارده بأمكانه ان يؤمن ازدهارا دائما وحياة آمنه للمواطنين بدل التقاتل والصراع الذي لا طائل تحته .
هناك تحذيرات أيضا من انهيار سد برسيس في منطقة جازا شمال شرق ليبيا وهو شبيه بسدود درنه ويبدو انه يعاني من تشققات تنذر بأنهياره وستتأثر بذلك مدينة برسيس الواقعه ايضا ضمن مجراه، فهل تتخذ إجراءات الحماية؟