مستشفى الشفاء شهيدا .. والعالم يتفرج على الجريمة ومآسي الفلسطينيين

مستشفى الشفاء شهيدا .. والعالم يتفرج على الجريمة ومآسي الفلسطينيين

السؤال الآن ـــــ وكالات وتقارير

سقط مستشفى الشفاء في مدينة غزة بأيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي بعد إقتحام أجزاء منه تحت وابل من النار فجر اليوم الأربعاء، وأمام أعين العالم هددت هناك اكثر من 9000 مهدد بالموت والفتك وهم من النازجين والمرضى وجرحى القصف والاطفال وكبار السن والنساء والطواقم الطبية من أطباء وممرضين وإداريين، وقد انتشرت دبابات الجيش الاسرائيلي في ساحات المستشفى.

وكعادته في البروباغندا التي استخدمها في حربه في غزة لتبرير المقتلة، أعلن الجيش الإسرائيلي إستمرار “عملياته العسكرية” داخل المجمع الطبي، وبوقاحته المعهودة إدعى انه نقل حضانات وأغذية للرضع وإمدادات طبية إلى المستشفى.

وافاد مراسلون داخل المستشفى أن الجيش الإسرائيلي اقتحم مبنى الجراحات التخصصية وقسم الطوارئ، وقام بعمليات تفتيش واسعة، وطلب من جميع المتواجدين التجمع وسط الساحة الشرقية للمجمع قبل التوجه إلى البوابة الغربية.

جاءت تلك الخطوة تمهيدا لعملية إخلاء المستشفى، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية وضعت كاميرات تعرّف على الوجه وبوابات إلكترونية، فيما أطلقت عمليات تفتيش واسعة في كل أقسام المجمع، وحتى في خيام النزوح التي نصبت سابقاً في باحاته.

ومع اقتحام الدبابات الإسرائيلية ساحات وحرم المجمع، ودخول عشرات الجنود إلى قسم الطوارئ والجراحة، أكد مدير عام الصحة بغزة الدكتور منير البرش أن الجيش الإسرائيلي يقوم بإطلاق النار داخل ساحات المستشفى.

وقال في اتصال هاتفي مع البرش، أن الجيش الإسرائيلي طلب منه النزول إليهم إلى قبو المستشفى والتعاون والحضور للإجابة عن بعض الأسئلة.

إلا أن الطبيب الفلسطيني رفض الانصياع، قائلا: “لا أستطيع التعاون معكم، ولن آتي إليكم خوفا أن تقتلوني دون شهود”.

وأكد “لن أغادر المستشفى وأنا بين مرضاي، ولن أتركهم ولن أتعاون معكم.. اعتقلني أو اقتلني”.

ودارت اشتباكات عنيفة تدور داخل المجمع اليوم بعد ان كانت المواجهات المسلحة اندلعت في وقت سابق بمحيط هذا المجمع الطبي الأكبر في قطاع غزة، وبعد أيام من حصار مطبق فرضته الدبابات الإسرائيلية التي طوقت موقع “الشفاء“.

وقد سمع في الساعات الأولى من صباح اليوم دوي إطلاق نار. كما أطلقت إسرائيل القنابل الضوئية قبيل الاقتحام، ليعلن بعدها الجيش الإسرائيلي في بيان لاحق أنه ينفذ عملية وصفها بـ”الدقيقة والمحددة الأهداف ضد حماس في منطقة محددة من مجمع الشفاء”.

وذكر على حسابه على تليغرام “عمليتنا في مستشفى الشفاء تأتي بناء على معلومات استخباراتية وضرورة ميدانية”. ودعا “جميع مسلحي حماس الموجودين في المستشفى للاستسلام”؟!

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي عبر منصة (إكس): “نؤكد أن عمليتنا في مستشفى الشفاء لا تستهدف المرضى والطواقم الطبية والمواطنين المقيمين داخل المستشفى”.

في المقابل، نفت حركة حماس تواجدها داخل أي مستشفى في القطاع، معتبرة تلك “الاتهامات الإسرائيلية مجرد تبريرات لارتكاب جرائم حرب”.

واعتبرت الاتّهامات التي وجّهتها إليها الولايات المتّحدة باستخدام مستشفيات في القطاع لغايات عسكرية، “بمثابة ضوء أخضر أميركي” لارتكاب إسرائيل مزيداً من المجازر الوحشيّة بحق المستشفيات”.

أما وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، فأكدت أن اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى يمثل “جريمة ضد الإنسانية والطواقم الطبية والمرضى”، محذرة من “عواقب كارثية” على المرضى والطاقم الطبي حيث لا يزال المئات من الطواقم والمرضى يتواجدون داخل المستشفى.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن 9 آلاف من الطواقم الطبية والمرضى والنازحين داخل المجمع، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار داخل المستشفى.

اما الموقف الأميركي من هذه الجريمة فجاء على لسان متحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في بيان مقتضب، قال فيه”يجب حماية المستشفيات والمرضى”.

وأضاف:” لا نؤيّد قصف مستشفى من الجو، ولا نريد أن نرى تبادلاً لإطلاق النار يحصل داخل مستشفى يوجد فيه أبرياء وأناس لا حول لهم، ومرضى يبحثون عن الرعاية الصحية التي يستحقّون، ويجدون أنفسهم عالقين في مرمى النيران”.

وكرر قائلا: “يجب حماية المستشفيات والمرضى”، إلا أنه رفض الغوص في تفاصيل العمليات الإسرائيلية، قائلا “لن نعلّق بالتفصيل على العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية“.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه “ينفذ عملية ضد نشطاء حركة حماس في مستشفى الشفاء، مطالباً جميع أعضاء الحركة في المستشفى بالاستسلام.” وأضاف أن قواته “تضم فرقا طبية ومتحدثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محددة للاستعداد لهذه البيئة المعقدة والحساسة بهدف عدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين”، وفق زعمه.

فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر لشبكة “سي إن إن”: “إن المستشفى والمجمع كانا بالنسبة لحماس محورا مركزيا لعملياتها وربما حتى القلب النابض ومركز الثقل”، حسب تعبيره.

في المقابل، نفت حماس مرارا وتكرارا تلك الاتهامات، مؤكدة أنها لا تتخذ من المستشفيات مقار لها.

يشار إلى أنه بعد مرور خمسة أسابيع على بدء إسرائيل هجومها على غزة، أصبح مصير مستشفى الشفاء مثار قلق دولي بسبب تدهور الأوضاع فيه، وانقطاع الكهرباء والمياه وشح المستلزمات الطبية.

كما فاقم حصار القوات الإسرائيلية لهذا المجمع الطبي الذي يعتبر الأكبر في القطاع قبل أيام عدة، من هذا القلق الدولي والأممي.

كذلك أثارت محنة المدنيين في غزة دعوات لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، إلا أن الولايات المتحدة وإسرائيل عارضتا تلك الفكرة.

وقد تحول مستشفى الشفاء، إلى أحدث ساحات الحرب بالنسبة للقوات الإسرائيلية. بعدما اتهمت كل من إسرائيل والولايات المتحدة مقاتلي حماس باستخدامه لإخفاء مراكز القيادة والأسرى عبر الأنفاق.

فيما نفت حماس والسلطات الصحية ومديرون في المستشفى أن تكون الحركة الفلسطينية تخفي بنية تحتية عسكرية داخله أو تحته، وأبدوا ترحيبهم سابقا بأي تفتيش دولي.

والمستشفى هو عبارة عن مجمع كبير من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.

وكان هذا المستشفى حتى أمس الثلاثاء، يتولى رعاية 36 رضيعا وفقا للطاقم الطبي هناك الذي قال إنه لا توجد آلية واضحة لنقلهم على الرغم من إعلان إسرائيل عرضا لتوفير حضانات من أجل عملية الإخلاء.

وكان 3 من أصل 39 من الأطفال الخدج (ناقصي النمو) توفوا منذ أن نفد الوقود اللازم لتشغيل المولدات التي كانت تدير الحضانات هذا الأسبوع.

شُيد هذا المستشفى عام 1946 خلال الحكم البريطاني، أي قبل عامين من انسحاب بريطانيا من فلسطين. وظل قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948.

لكن في عام 1967، استولت إسرائيل على غزة واحتلته وظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع، حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

فيما ذكرت تقارير إخبارية إسرائيلية أن مهندسين معماريين من إسرائيل، أشرفوا على تجديد المستشفى وتصميمه من جديد في ثمانينيات القرن الماضي، وفق رويترز.

أما في عام 1994، فأدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح، التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا محدودا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.

ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى إلى حماس بعد فوزها في انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.

وفي أثناء الصراع على السلطة بين فتح وحماس الذي تصاعد حتى سيطرة الحركة على القطاع، كان مستشفى الشفاء وغيره يستخدم لعلاج المسلحين من الجانبين بموجب صيغة من صيغ الهدنة بألا يؤذي أي منهما جرحى الطرف الآخر.

أما اليوم فبات ساحة حرب فعلية.

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة