إستفتاء فلسطين وتدمير إسرائيل
حسين عابديني
ليس هناك من شك بأنه ومنذ تأسيس النظام الايراني فإن دول المنطقة قد دخلت في مرحلة غير مسبوقة من حيث صيرورة أمنها القومي القومي ليس مشکلتها المزمنة بل وحتى هاجسها المستمر وصداعها المزمن خصوصا بعدما تمکن هذا النظام من التسلل الى العديد من دول المنطقة وإيجاد ليس موطئ قدم له فيها فقط بل وحتى بنادق دائمة تحت الطلب لهذا النظام في أي وقت وتحت أي ظروف وضد أي طرف أو هدف يتم تحديده.
المشکلة الامنية التي تسبب بها هذا النظام لبلدان المنطقة هي ليس مشکلة عارضة أو آنية أو حتى لفترة زمنية محددة، بل إنها مشکلة عويصة جدا وترتبط جدليا بالبناء العقائدي والفکري للنظام الايراني ذلك إن ولاء تلك الاحزاب والميليشيات التي هي في الحقيقة بنادق تحت الطلب لهذا النظام، للولي الفقيه، بمعنى إنها ترمي ولائها الوطني والقومي وراء ظهورها، وهذا ماجرى ويجري لمسه کأمر واقع في لبنان والعراق واليمن وسوريا والخطر من ذلك يسعى النظام من أجل تعميمه على بلدان المنطقة الاخرى.
تعامل بلدان المنطقة وتعاطيها مع هذا النظام من أجل إتقاء شره وضمان عدم تدخله في شٶونها صار في صدر إهتماماتها لکن ذلك لم يقيها شر هذا النظام ولاسيما وإن له وبموجب العديد من المراقبين المعنيين بالشٶون هذا النظام والمنطقة وکذلك طبقا للعديد من الاوساط الاستخبارية، خلايا نائمة في العديد من دول المنطقة الاخرى ومن الواضح جدا إن مايريده النظام ويبتغي تحقيقه في بلدان المنطقة أبعد بکثير مما يمکن تصوره، إذ أن طموح هذا النظام هو تحقيق مشروع خميني القائم على أساس إخضاع معظم دول المنطقة لهيمة ونفوذ هذا النظام.
الملاحظة المهمة جدا والتي يجب أن نلفت الانظار إليها هنا، إن النظام الايراني ولکي يبسط هيمنته ونفوذه على بلدان المنطقة ويمارس دوره وينفذ مخططاته کما يجب، فإنه بحاجة ماسة للعبث بالامن والاستقرار وإثارة الفوض والحروب، وهذا مايم لمسه بمنتهى الوضوح في تجاربه في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ولذلك فإن أي بلد في المنطقة يتعرض لخلل أو فراغ أمني ناجم عن حروب وإنقسامات، فإن النظام الايراني سيتواجد هناك للتصيد في المياه العکرة، وقطعا فإنه لايمکن هنا إستثناء الحرب الجارية في غزة من هذا السياق.
إندلاع الحرب في غزة لأي سبب أو عامل کان وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود دور للنظام الايراني فيه، فإنه جاء کهبة من السماء لهذا النظام الذي کان يعيش في دوامة من المشاکل والازمات المستعصية ولاسيما من حيث تفاقم أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والتي وصلت الى طرق مسدودة، وإن النظر الى ماقد صدر ويصدر من تصريحات ومواقف مختلفة من جانب هذا النظام حيث يسعى من خلال ذلك تحقيق أمرين؛ الاول هو تبرٶه من أي دور له في إندلاع هذه الحرب أو تغذيتها، والثاني: السعي الواضح من أجل تبني أصل القضية التي إندلعت من أجلها الحرب، أي القضية الفلسطينية ولکن توظيفها بالسياق المعروف له أي جعلها في دوامة من الفوضى والعبث!
أسلوب وطريقة تعامل النظام الايراني مع مشکلة الحرب في غزة، لايقوم على أساس وقف إطلاق النار وحل الدولتين کما يطالب العالم کله بما فيهم الفلسطينيون والعرب والمسلمون، بل إنه يقوم على أساس مطلب تعجيزي يقوم على أساس إجراء إستفتاء عام في فلسطين وتدمير إسرائيل! وبطبيعة الحال فإن هکذا مشروع يتسم بالضبابية المفرطة ويکتنفه الغموض ويتهدد ويتوعد أحد طرفي المشروع التصالحي المفترض بالفناء، فإنه وبکل الموازين لايمکن إعتباره مشروعا للسلام والصلح بقدر ماهو مشروع لبقاء حالة من الاحتراب والفوضى العبثية، ولاريب إن هذا المشروع يجسد في الحقيقة الواقع والماهية الشريرة للنظام الايراني والذي سبق لشعوب بلدان مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن أن إکتوت بناره.