“هونغ كونغ” وسبتة ومليلية!

“هونغ كونغ” وسبتة ومليلية!
مدريد – عبد العلي جدوبي 
 
      قامت وزيرة الدفاع الإسبانية (ماغريتا روبليس)، كما هو معلوم يوم الاثنين 19 غشت من السنة الجارية، بزيارة تفقدية لبعض الجزر المغربية المحتلة التابعة  للقيادة العسكرية في مليلية المحتلة، وهي جزر النكور وبادس والجزر الجعفرية المتواجدة قبالة اقليم الناظور.
وما يثير الانتباه خلال هذه الزياره الاستفزازية، التصريح الذي أدلى به القائد الجديد لسفينة الدورة، (ايسلا بينتو) المتنركزة في ميناء مليلية السيد (مانويل انخيل لوبيز)، عندما قال : “إن اسبانيا ما تزال صاحبة المدينتين سبتة ومليلية، وإنهما في المياه الإقليمية الإسبانية، ويجب احترام الدولة الاسبانية! 
ولم نعرف سبب هذا التصريح الملغوم، الذي جاء في هذا الظرف بالذات؟! ويبدو أن الحكومة الإسبانية برئاسة (بيدرو سانشيز) ليست لها مصلحه تماما في خلق أزمة جديدة مع المغرب بعد التفاهم الودي المغربي- الاسباني، والذي أفضى إلى اعتراف اسبانيا بأحقية المغرب على صحرائه.
في هذا الشأن علقت مصادر دبلوماسية إسبانية، عبر صحيفة “إلموندو” حول زيارة وزيرة الدفاع الإسبانية للثغور المغربية المحتلة، بأن تلك الزياره تندرج في سياق محاربة اسبانيا والمغرب للهجرة غير النظامية من جهة، ونظرا لتصاعد المخاطر الأمنية بالبحر الأبيض المتوسط، نتيجة للصراع  المشتعل في الشرق الأوسط، والذي قد قد تكون له تبعات غير محسوبة العواقب.
بالمناسبة، نوضح للسيدة وزيرة الدفاع الإسبانية، ونقول للسيد (مانويل انخيل لوبيز)، ولمن على شاكلته من الذين يجهلون أحداث التاريخ ومرتكزات الجغرافية، فيما يخص سبتة ومليلية المدينتين المغربيتين المحتلتين، ما يلي:  
إذا كانت اسبانيا تعتبر سبتة ومليلية المحتلتين أراضي إسبانية، فإن هناك أحزابا إسبانية، مثل التشكيلات السياسية القومية  في الكتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا، تطالب الحكومة  بمدريد بتصفية الاستعمار، وإعادة المدينتين إلى المغرب.. ولا يتردد أيضا حزب اليسار الكتلاني بمناسبه أو بدونها في التعبير عن موقفه في تصفية الاستعمار.
وبالمناسبه أيضا نسجل بعض المعطيات، منها:
أولا:  إن التحولات التي طرات على أوروبا خلال السنوات الأخيرةـ بالخصوص بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فرضت على إسبانيا التعامل مع وضع آخر؛ فالمدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية أصبحتا أقل أهمية استراتيجيا في الوقت الراهن، وأيضا من الناحية الاقتصادية والتجارية بعد إحدات ميناء طنجة المتوسطي، واتفاقية الشراكة السياسية والاقتصادية السياسيه المبرمة بين المغرب والاتحاد الاوروبي، سيما وأن الوضع غير الطبيعي للمدينتين يشكل حاجزا أمام استمراره في خطة محاربة التهريب والهجرة السرية، بالرغم من المجهودات المتواصلة والمكلفة  التي يبدلها المغرب في هذا المجال.
ثانيا:  إن الفترة التي تلت استرجاع الأقاليم الجنوبية للمغرب، تزامنت مع الجانب الاسباني مع بدء سياسة الاندماج في الفضاء الاوروبي، عندما انضمت اسبانيا بعد ذلك إلى السوق الأوروبية المشتركة، وقد وضع هذا التطور السياسة الإسبانية أمام تحديات جديدة، كما أن بقاء المدينتين تحت الإدارة الإسبانية خلق إحراجا  لشركاء اسبانيا الأوروبيين، لأن هؤلاء يدركون أن هذه المناطق ليست إسبانية وتقع خارج الرقعة الجغرافية. 
ثالثا:  إن اسبانيا التي تهتم بالابقاء على حوارها مع بريطانيا حول جبل طارق، وتتوق إلى دعم أوروبي لموقفها، يجب أن تتفهم  دعم الأوروبيين يستند إلى الوقائع التاريخية، والروابط المثينة، وهو ما يفند محاولة بقاء سبتة ومليلية والجزر المغربية مستعمرات إسبانية  وإقحامهم في الفضاء الأوروبي!!
رابعا ؛  إن التاريخ والجغرافيا يؤكدان أن سبتة ومليلية  مدينتان مغربيتان، وعلى الجارة اسبانيا أن تحذو  حذو بريطانيا والصين حول استرجاع هذه الأخيرة لـ”هونغ كونغ”، الذي يعتبر مثالا حضاريا وسابقة بالنسبه لسبتة ومليلية والجزر المغربية، التي أصبحت بعد عودة “هونغ كونغ” للصين، آخر بقايا استعمارية في العالم .
Visited 63 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي