في تكريم المصطفى اجْماهْري: “دفاتر الجديدة من أجل ذاكرة جمعية”

في تكريم المصطفى اجْماهْري:  “دفاتر الجديدة من أجل ذاكرة جمعية”

سمية نعمان كسوس : المصطفى اجْماهْري لا يكتب ليلْمع بل ليُضيء

نزهة الصقلي: مشروع اجْماهْري مطبوع بالمهنية والجدية

مبارك بيداقي

        نظّمت جمعية دكالة يوم السبت 21 يونيو 2025، بحضور عدة فعاليات من المجتمع المدني المحلي والجهوي، بفضاء مؤسسة عبد الواحد القادري بالجديدة، حفلا تكريميا علميا وإنسانيا باذخا للكاتب المغربي المصطفى اجماهري، تحت عنوان “دفاتر الجديدة من أجل ذاكرة جمعية”.

وقد ظهر جليا من خلال الحفل التكريمي ومن خلال ارتسامات الحاضرين، وأيضا من خلال ما راج في الشارع الجديدي، بأن مشروع “دفاتر الجديدة” نجح خلال ثلاثة عقود في تلبية الحاجات المعرفية لقراء المدينة والجهة بالرغم من كونه، في الأصل، مشروعا تطوعيا وشخصيا مموّلا على نفقة الباحث. وربما يعود سبب ذلك، كما أوضحت الدكتورة سمية نعمان كسوس في اللقاء، إلى كون المصطفى اجْماهْري اختار العمل على المدى الطويل في صمت وبتواضع قلّ نظيره بين الباحثين. وهذا ما أكده أيضا عدد من الجامعيين في شهاداتهم المسجلة بتقنية الفيديو والتي قُدمت في بداية اللقاء. فقد عبر هؤلاء في شهاداتهم عن تنويههم بالشغف المعرفي عند هذا الباحث وبحسه المواطني ورغبته الصادقة في فتح جسور المعرفة مع الآخر، وفي التعريف بتراث منطقته للقارئ في الداخل والخارج. وكانت هذه الشهادات تباعا للدكتور محمد بنهلال، باحث مشارك بجامعة إيكس أون بروفانس، لوران فيدال، مؤرخ فرنسي، جوهر فينيت زونز، أنتربولوجي، لطيف لديد، باحث بجامعة لوكسمبورغ، وآخرين.

وبعد الاستماع إلى مجموع الشهادات المصوّرة كان موعد الحاضرين مع مائدة مستديرة خُصصت لإلقاء الضوء على تجربة كتابية تجذرت في واقع المدينة والجهة وكذا في الحقل الثقافي المغربي بشكل عام ألا وهي تجربة “دفاتر الجديدة”. وقد شاركتْ في هذه المائدة بالإضافة إلى سمية نعمان كسوس، الوزيرة نزهة الصقلي، وهناء الشريكي أستاذة علم الاجتماع بجامعة شعيب الدكالي، واوليفيي روفول ممثل رئيس جمعية قدماء مازغان، وعبد الواحد مبرور، العميد السابق لكلية آداب الجديدة.

وبعد تقديم هذه المداخلات تفاعل معها من الحضور عبد الكريم بن الشرقي، والفنان عبد الله بوهلال وبرنوصي سلطاني الأستاذ بجامعة غرونوبل الذين عبروا بدورهم عن تقديرهم لمشروع خدم ذاكرة المدينة وساهم في تحقيق منفعة عامة لصالح الناشئة بشكل خاص.

ومما جاء في كلمة الأستاذة سمية نعمان كسوس أنها متابعة لأعمال المصطفى اجْماهْري سواء منها الصادرة على شكل كتب أو مقالات وأنها معجبة باستماتته المخلصة في البحث والإنتاج، متجاوزا مختلف العراقيل التي قد يجدها الباحث في طريقه. وتمنّت أن يكون لكل مدينة كما قالت، باحث من طينة المصطفى اجماهري حتى يعمل على حفظ ذاكرتها والتعريف بها. وأضافت في كلمتها التي أثارت انتباه الحاضرين، أن هذا الباحث يعمل بكثير من الصدق والتواضع حتى أنه أصبح الآن بالنسبة لمدينة الجديدة اسما لا يمكن تجاوز أعماله في كل بحث أو مشروع تربوي أو علمي.

وبدورها أكدت الوزيرة نزهة الصقلي أنها تتابع أعمال المصطفى اجماهري ودراساته منذ عشرين سنة أو تزيد وأنها تعرفت عليه عن قرب حينما قدمت كتابه الصادر تحت عنوان “شهادات نساء الجديدة”، وهو الكتاب، كما قالت، الذي كانت ساعدت في إعداده الراحلة فاطمة المرنيسي قبل وفاتها بأيام قليلة. كما أبرزت نزهة الصقلي أن المصطفى اجماهري، استفاد من نصيحة الباحث عبد الكبير الخطيبي، حين أدرج كتاباته في إطار مشروع أسماه “دفاتر الجديدة” وهو ما حقق له الانتشار والتراكم خاصة وأن الكاتب تحمّل بنفسه تكاليف النشر والتوزيع، مما طبع مشروعه بالجدية والمهنية.

وتناولت السوسيولوجية هناء الشريكي، الأستاذة بجامعة شعيب الدكالي، تجربة “دفاتر الجديدة” في ملأ الفراغ البحثي المحلي والجهوي مُركزة القول على الكتاب الصادر تحت عنوان “الطبابة والأطباء في الجديدة”. وأشارت إلى أن هذا الكتاب يعد من البحوث القليلة في مجال الصحة بالمغرب خاصة وأنه يبدأ من الحقبة البرتغالية مرورا بالقرن التاسع عشر ثم الحماية الفرنسية وصولا إلى فترة الاستقلال. كما أشارت المتدخلة إلى أن من ميزات “دفاتر الجديدة” أنها غطت مواضيع مختلفة. تاريخية، اجتماعية، صحية، إنسانية وسياسية تخص الجديدة ودكالة بشكل عام.

وأعطى مسير اللقاء العميد عبد الواحد مبرور الكلمة للأستاذ أوليفي روفول، المزداء بالجديدة في الخمسينيات، حيث عبر هذا الأخير عن سعادته بالمشاركة في هذا الاحتفاء المستحق لكاتب منفتح على مختلف مكونات النسيج البشري لمدينة الجديدة والمنطقة. وقال إنه سعيد أن يمثل هنا جمعية قدماء مازغان التي تضم الفرنسيين الذين ولدوا أو استقروا بالجديدة أثناء الحماية وبعدها في هذا اللقاء الجميل والذي جاء في وقته وإبانه، مشيرا إلى أن جمعية دكالة، بهذا الاحتفاء، تعطي إشارة واضحة إلى كونها تُشجع مثل هذه المبادرات التي تجمع وتؤلف بين الأجناس والأعراق في عالم متلاطم بالمشاكل والصراعات.

وقد اختتم هذا اللقاء بتوجيه الشكر لجمعية دكالة على تنظيمها لهذه اللحظة الخاصة بالاعتراف والعرفان تلاها تسليم هدايا تذكارية للباحث وأخذ صور معه.

شارك هذا الموضوع

مبارك بيداقي

من قدماء ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!